بعد شهر تقريبا من بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، ما زال حوالى مئة ألف شخص عالقين في مدينة ماريوبول المحاصرة والمستهدفة بالقنابل الروسية.
ولم يلقَ اقتراح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الاجتماع مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بهدف التوصل إلى "تسويات" خصوصا بشأن شبه جزيرة القرم ومنطقة دونباس، آذانا صاغية حتى الآن، فيما يأمل الروس في "مفاوضات أكثر نشاطا وأكثر عمقا"، بحسب دميتري بيسكوف الناطق باسم الكرملين.
تحذير خطير!
وفي انتظار التوصل إلى اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار، حذّر زيلينسكي من أن "حوالى مئة ألف شخص محاصرون بين أنقاض ماريوبول في ظروف غير إنسانية، بدون طعام، بدون ماء، بدون دواء، وتحت قصف مستمر".
من جانبه، أعلن مستشار الأمن القومي للرئيس الاميركي، جيك ساليفان، فرض "عقوبات جديدة على روسيا"، ومن المقرر أن يسافر الرئيس الأميركي جو بايدن إلى بولندا التي تستضيف الجزء الأكبر من اللاجئين الأوكرانيين البالغ عددهم 3,5 ملايين.
قنبلتان خارقتان
وتتعرض ماريوبول، المدينة الساحلية الاستراتيجية الواقعة بين شبه جزيرة القرم (جنوب) التي ضمتها موسكو عام 2014 ومنطقة دونيتسك الانفصالية (شرق)، للقصف الروسي منذ أسابيع، وقد استهدفتها الثلاثاء "قنبلتان خارقتان" بحسب البلدية.
وأظهرت صور أقمار اصطناعية حجم الدمار الذي لحق بأحياء سكنية وبنى تحتية مدنية ومصانع.
ودخلت دبابات روسية إلى المدينة، وأكد مسؤول كبير في البنتاغون أن الاستراتيجية الروسية تعتمد الآن على "القصف البعيد المدى في وسط المدينة"، وهو ما لاحظه الأميركيون "خلال الـ24 ساعة الماضية".
وتحدث سكان فروا من المدينة المدمرة لمنظمة هيومن رايتس ووتش عن "جحيم جليدي وشوارع تنتشر فيها الجثث وأنقاض المباني المدمّرة".
موجة استنكارات
واستنكر الرئيس الأوكراني استيلاء الروس على قافلة إنسانية وقال "لقد باءت كل محاولاتنا" لتوفير الغذاء والدواء "للأسف بالفشل بسبب المحتلين الروس عبر القصف أو الترهيب".
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش روسيا إلى إنهاء "حربها العبثية" في أوكرانيا، مشيرا إلى أن هذا الصراع "لا يمكن الفوز فيه"، وأضاف "حتى لو سقطت ماريوبول، لا يمكن غزو أوكرانيا.
استمرار القصف
في الاثناء، استمر القصف على مدن عدة مثل كييف وخاركيف وماريوبول وأوديسا وميكولايف وتشرنيهيف.
وفي كييف يبدو أن تقدم القوات الروسية متوقف، أما سكانها الذين فر جزء كبير منهم، فينتظرون بقلق هجوما محتملا للقوات الروسية. في غرب العاصمة وشمالها وشرقها، وضعت أكياس رمل وسلاسل مضادة للدبابات مصنوعة من قضبان معدنية متقاطعة في كل الشوارع والأزقة ومفترقات الطرق، في محاولة لصد الروس.
وقتل شخص على الأقل الثلاثاء في قصف مبنى الأكاديمية الوطنية للعلوم في شمال غرب المدينة بحسب وكالة فرانس برس. كذلك، أعلن عنصر من الاستخبارات العسكرية الأوكرانية مقتل ثلاثة أشخاص بقصف طائرات مسيّرة روسية.
ومنذ بدء الغزو، قتل في العاصمة 228 شخصا بينهم أربعة أطفال.
هجوم مضاد
وفي جنوب أوكرانيا حيث تقع المدينة الرئيسية الوحيدة التي يسيطر عليها الجنود الروس وهي خيرسون، تحاول القوات الروسية التقدم غربا ونحو البحر الأسود لكنها لا تحرز تقدما حول ميكولاييف.
وخاركيف (شمال شرق)، ثاني مدن البلاد، محاطة بالقوات الروسية من جوانب ومحاور رئيسية عدة، لكنها ليست محاصرة.
وأكد الناطق باسم البنتاغون جون كيربي لقناة "سي إن إن" أن الجيش الأوكراني بات "الآن، في بعض المواقف، في حالة هجوم" مؤكدا أنه "يطارد الروس ويدفعهم إلى الخروج من المناطق التي كانوا موجودين فيها".
ولفت الأميركيون إلى حدوث نقطة تحول في الصراع، وأوضح مسؤول رفيع المستوى في البنتاغون مساء الثلاثاء، أنه "للمرة الاولى أصبحت القوة القتالية الروسية أقل بقليل من 90 %" في كل من بيلاروسيا وعلى الحدود الروسية-الأوكرانية.
وقال مسؤول كبير في البنتاغون مطلع الأسبوع إن روسيا كثفت عملياتها الجوية والبحرية في أوكرانيا لمواجهة مقاومة القوات الأوكرانية التي تواصل إعاقة تقدم الجيش الروسي في البلاد.