ينخر الجوع وجوه الاطفال وعظامهم ويتسلل الى ضلوعهم كما يطال الفقر القلوب فيفقد العالم أحاسيسه أمام مشاهد دامية.
ليست الحروب ولا الرصاص والمتاريس هي التي ترعب العالم بل الجوع الكافر الذي لا يفرق بين كبير وصغير بل لديه القدرة على تصنيف الغني من الفقير مع انعدام شبكة الامان الاجتماعي في بلدان كثيرة.
وفي القرن الـ21، لا تزال هناك دول تفتقر لأبسط حقوق الإنسان ويصعب عليها تأمين الغذاء والطعام الجيّد..
الأسباب وراء إنتشار الجوع
تلفت المتابعين أعداد من يعانون من المجاعة وهي إلى إرتفاع يوماً بعد يوم، فنجد نصف عدد سكان الدول النامية إن لم نقل أكثر يصعب عليهم تأمين لقمة العيش. وذلك يعود إلى أسباب عدة وأهمها تفاقم الأزمات الإنسانية عبر العالم جزئياً بسبب غزو روسيا لأوكرانيا.
واقترن ذلك مع الاضطراب في شحنات الأغذية والأسمدة الناجم أيضاً عن الكوارث المرتبطة بالمناخ، بالتزامن مع خطر يلوح في الأفق بحدوث ركود اقتصادي عالمي؛ مما قد يوصل إلى التحذير الوارد في نداء الأمم المتحدة من أكبر أزمة غذاء عالمية في التاريخ الحديث.
وأطلقت الأمم المتحدة، نداءً لا سابق له لجمع 51.5 مليار دولار من الجهات الدولية المانحة بهدف التعامل مع المستويات المتصاعدة من البؤس في العديد من بلدان العالم، ومنها عربياً كل من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وسوريا، والصومال، والسودان واليمن، بالإضافة إلى النداءات الإنسانية العاجلة لبلدان أخرى مثل لبنان.
الجوع حول العالم
وفي حديثٍ لـ"جسور" قالت الباحثة الاجتماعيّة " سمر نور محمد احمد": "المجاعة حالة شديدة من فقدان الأمن الغذائي في بلد أو منطقة ما، بحيث يؤدي ذلك إلى ارتفاع معدل الوفيات بشكل أكبر من المعتاد نتيجة نقص في المواد الغذائية، أو تعذر الحصول على ما يكفي منها بسبب جفاف أو أمراض أو حروب أو نزاعات".
وتابعت: " يعاني حوالي 12.9% من سكان البلدان النامية من نقص التغذية، وتحتضن القارة الآسيوية العدد الأكبر من جياع العالم. لكن القارة الأفريقية (خصوصا منطقة أفريقيا جنوب الصحراء) تشهد أعلى معدل لانتشار الجوع في العالم، إذ يعاني واحد من كل 4 أشخاص من نقص التغذية".
وفي الحديث عن الدول العربيّة فاعتبرت سمر أن مجاعة الدولة العربية هي بسبب فساد حكامها وغياب القوانين الرادعة.
مخاطر وتداعيات
أمّا عن مخاطر الجوع والتداعيات فقالت " للجوع مخاطر وتداعيات كثيرة اقتصادية واجتماعية وأمنية وسياسية على الأفراد والمجتمعات والدول، فالجوع هو الخطر الأول الذي يهدد صحة الإنسان في العالم، ويتجاوز ضحاياه كل عام ضحايا أمراض السل ومرض فقدان المناعة المكتسب (الإيدز) والملاريا مجتمعة".
كيف نحد من المجاعة؟
وأكدّت الباحثة الاجتماعيّة أن للحد من المجاعة يجب:
١- تحسين أسلوب سير الأعمال العدائية، وبذل جهود استباقية لحماية المدنيين والحفاظ على كرامة الناس.
٢- ضمان اتخاذ جميع الأطراف إجراءات وقائية، ليس لأطراف النزاع فحسب، بل على تلك الأطراف المؤثرة على سير الأعمال الارهابية وضمان احترام القانون الدولي الإنساني. إذ يتعين على المجتمع الدولي الضغط السياسي على تلك الأطراف.
٣- الاستثمار في البنية التحتية مثل الخدمات الصحية والمياه، للوقاية من انتشار الأمراض المعدية في حالات الطوارئ الغذائية، وكذلك الاستثمار في البنية التحتية الاجتماعية مثل التنمية في مرحلة الطفولة المبكرة والتعليم، للحد من الآثار الطويلة الأمد للمجاعات على المجتمعات.
٤- دعم سبل العيش لسكان الريف، وتنشيط الأسواق الحضرية لخلق أرضية صلبة للعمل المستقبلي في المجال الزراعي والتجاري.
٥- تعزيز إشراك الجهات الفاعلة التنموية، والتمويل المرن لسنوات، لتلبية الاحتياجات المختلفة للأشخاص في مختلف الفئات الإنسانية والتنموية.
٦- تفعيل القوانين لمحاسبة الفاسدين واعادة المبالغ المنهوبة والتي تسببت بأحداث فجوة اقتصادية كبيرة.
٧- تفعيل القوانين الخاصة بالاستثمار لتنشيط الاقتصاد الوطني وأشغال الأيدي العاملة بالتالي سيحد من الفقر.
وأعلنت الأمم المتحدة والمنظمات الشريكة من كل من نيويورك وجنيف وعدد آخر من العواصم، أن عام 2023 سيشهد رقماً قياسياً آخر لمتطلبات الإغاثة الإنسانية؛ إذ يحتاج 339 مليون شخص إلى المساعدة في 69 دولة، بزيادة قدرها 65 مليون شخص مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. وتبلغ التكلفة التقديرية للاستجابة الإنسانية خلال العام المقبل 51.5 مليار دولار أميركي، بزيادة قدرها 25 في المائة مقارنة ببداية عام 2022.