تحوّل مفاجئ طرأ في الساعات الاخيرة على مشهد الحرب الروسية - الأوكرانية، فقد أعلنت كييف تقدماً جديداً تمثّل في استعادة "أكثر من عشرين بلدة" خلال 24 ساعة في إطار الهجوم المضاد على موسكو، التي تعتزم القتال "إلى أن تتحقّق أهدافها"، في وقت أكد الجيش الروسي أنه يشن "ضربات مكثّفة" على القوات الأوكرانية في كل الجبهات، رداً على اختراقات أعلنت عنها كييف في شمال شرقي البلاد وتقدمها في الجنوب.. فماذا تعني “انتصارات” كييف؟ وهل انتهت الحرب بين الجارتين اللدودتين؟
في هذا السياق، أوضح رئيس تحرير وكالة أوكرانيا بالعربية الخبير في الشؤون الأوكرانية وأوروبا الشرقية، الدكتور محمد فرج الله، أنّ الجيش الأوكراني استطاع أن يخدع الجيش الروسي، ففي 4 أيام حرّر الجيش الاوكراني 3 آلاف كيلومتر مربع في إقليم خاركيف ومئات الكيلومترات في إقليم خيرسون وكذلك في لوهانسك ولوغانسك، مشيرا في حديث لـ "جسور" إلى أنّ مجمل المساحة التي حرّرها الجيش الأوكراني خلال الشهر الحالي وفق ما أعلن عنه بلغت 6 آلاف كيلومتر مربع.
وكان الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، كشف في وقت سابق عن أنّ القوات الأوكرانية استعادت المزيد من الأراضي من روسيا وتواصل هجومها المضاد، متحدثا عن أن القوات الأوكرانية استعادت أكثر من 6 آلاف كيلومتر مربع من الأراضي التي كانت تسيطر عليها روسيا في سبتمبر/أيلول، في الشرق والجنوب.
10 مليارات دولار
ويقول فرج الله إن مبلغ العشر مليارات دولار أميركي من الأسلحة والذخيرة الأميركية، علاوة على مليارات أخرى أقل، من أوروبا، ساهمت في قلب الموازين، بالإضافة إلى وعد أميركي كامل بدعم واسع لأوكرانيا بشكل مستمر حتى تنتهي هذه الحرب.
وأمام هذا الدعم الغربي الكاسح لأوكرانيا، يقول محللون إن روسيا لا تحصل إلا على دعم نفسها، وما لديها من موارد استراتيجية، هذا علاوة على العقوبات الغربية التي فرضت على روسيا بشكل كبير منذ بداية الحرب في 24 فبراير/ شباط الماضي، كما يحكى عن "الجيش الثالث" في روسيا، الذي يتدرّب في شرق موسكو تحضيرا لنشره في أوكرانيا خلال الأشهر القليلة المقبلة، ما يعني أنّ روسيا تتحضّر لحرب طويلة.
ضربات روسية "مكثّفة"
وفي سياق الرد على الهجوم الأوكراني المضاد، أعلن الجيش الروسي أنه يشن "ضربات مكثفة" على القوات الأوكرانية في كل الجبهات. وقالت وزارة الدفاع الروسية إن "القوات الجوية والبالستية والمدفعية الروسية تنفذ ضربات مكثفة على وحدات القوات المسلحة الأوكرانية في كل مناطق العمليات"، وفق "فرانس برس".
وأشارت إلى عمليات قصف بالقرب من سلوفيانسك وكونستانتينيفكا وباخموت في شرق أوكرانيا، وفي منطقتي ميكولايف وزابوريجيا في الجنوب وكذلك في خاركيف في الشمال الشرقي حيث قادت أوكرانيا هجوما مضادا عنيفا فأجبرت القوات الروسية على الانسحاب من معظم أنحاء المنطقة.
هزيمة القوات الروسية
ومن جانبه، اعترف رئيس الإدارة العسكرية الروسية في خاركيف، فيتالي غانتشيف، بأن قوات موسكو كانت في موقف ضعيف، وأشار للتلفزيون الحكومي إلى أن اختراق الدفاعات فيها سمح بانتصار كبير للقوات الأوكرانية، مضيفاً أن التقدم الأوكراني كان حاداً وسريعاً للغاية.
وبعد 6 أشهر من القتال في أوكرانيا، سحبت روسيا قواتها المقاتلة النظامية في شرق البلاد، إلى الخلف، واستبدلتها بقوات جديدة. وأعلنت أوكرانيا نجاحات عسكرية والوصول إلى الحدود الروسية واستعادة ما يعادل 7 أضعاف مساحة كييف في شهر واحد. وفي الـ24 ساعة الماضية، أعلن الجيش الأوكراني "طرد" القوات الروسية من 30 موقعاً، مشيراً إلى أن "الجنود الروس يفرون".
التقدم الأوكراني
من جهته، كشف مستشار وزير الخارجية الأوكراني، يفهين ميكيتنكو، عن أسباب التقدم الأوكراني، وحقيقة ما يجري على الأرض، قائلا إن "كييف بدأت قبل أيام هجوماً مضاداً خاطفاً ضد القوات الروسية في محيط خاركيف، واستعادت أكثر من 6 آلاف كيلومتر مربع، خلال أيام، سيطرت عليها روسيا في أشهر، في الشرق والجنوب".
وعزا المسؤول الأوكراني، التقدم إلى "المباغتة والمفاجأة وخداع العدو"، موضحاً أن "الجيش الأوكراني بدأ هجومه الخاطف في شمال شرقي البلاد، على عكس ما كان يعتقد الروس الذين ظنوا أن الهجوم المحتمل سيكون من الجنوب". وأكد ميكيتنكو أن "الهجوم الأوكراني الخاطف والقوي، أدى لتقهقر الجيش الروسي وانسحابه إلى الأراضي الروسية، ويتم يوميا تحرير مناطق عديدة".