بعد التصعيد الكلامي بين واشنطن والرياض على خلفية اتّهام الولايات المتحدة الاميركية السعودية بدفع بعض الدول لاتخاذ قرار خفض إنتاج النفط هذا الشهر، أبدت دول من مجموعة "أوبك بلاس" دعمها القرار.
وردّ العاهل السعودي ودول من "أوبك بلاس" على اتهام واشنطن الرياض وقال الملك سلمان بن عبد العزيز إن الرياض ودول "أوبك بلاس" تعمل على دعم الاستقرار والتوازن في أسواق النفط عبر مسارات عدة منها "تأسيس واستمرار اتفاق مجموعة أوبك بلاس". فهل القرار كان سياسيًّا؟
القرار والمسؤوليّة.. بالإجماع
يؤكد المحلل السياسي السعودي الدكتور نايف الوقاع في حديث لـ"جسور" "أهمية الدعم العربي والدولي للمملكة العربية السعودية، والموقف الروسي القويّ أضف الى ذلك تصريحات أعضاء في الكونغرس الأميركي ووسائل إعلام أميركية تطرّقت لهذا الاجراء وأكدت عدم تفرد السعودية به إنما كانت هناك 22 دولة اتخذت القرار بالإجماع من خلال دراسات لواقع ومستقبل سوق النفط والطاقة الدولي."
ويعتبر ان "اتخاذ القرار بالاجماع يعني تحمّل المسؤولية أيضا بالاجماع وهو دليل على أهمية القرار ومحاكاته للواقع واستنتاجات اوبك بلس بأن اسعار النفط في حال انخفاض وليست في حالة ارتفاع.
لماذا المملكة مُستهدفة؟
وتساءل الوقاع عن سبب استهداف المملكة العربية السعودية من قبل الاعلام الأميركي ويقول: "مرة أخرى تؤكد الاحداث مدى قوّة المملكة وتأثيرها والغرب يُدرك هذه الحقيقة ويُدرك أيضًا استقلاليّة القرار السعودي وأن المملكة لم تعد تقبل أن تكون عرضة لتجاذبات سياسيّة في الداخل الأميركي أو الأوروبي وأيضا لا يمكنها أن ترهن نموّها الإقتصادي ومقدّراتها الوطنيّة لصراعات حزبيّة ضيّقة وداخليّة على مستوى الولايات المتحدة الأميركية في حين أننا نرى أن الولايات المتحدة والمسؤولين الأميركيين يلتمسون العذر لإيران".
ويشير الى ان للحملة المُغرِضة أهدافها وأسبابها مما يؤكد أهميّة المملكة على الساحة الدولية وإذا كانت السهام موجّهة الى المملكة فسرعان ما يظهر التأثير على مزاج الناخب الأميركي ويُحدد من يصل الى الكونغرس ومن يفشل."
النفط.. سلاح؟
ويوضح الوقاع ان السعودية صرّحت أكثر من مرة وعلى لسان أعلى سلطة أن النفط ليس بسلاح وليس أداة سياسيّة وأن النفط يجب أن يُبعَد عن الصراعات كُليّا لأنه لشريحة كبيرة من العالم وامدادات الطاقة يجب أن تكون متوازنة ومستمرّة وآمنة والمملكة تُراعي مصالح المُنتجين والمستهلكين على السواء.
ويقول: "نجد ان المملكة ضبطت أسعار النفط على مستوى العالم بينما الولايات المتحدة مثلا استغلّت حاجة أوروبا للغاز ورفعت أسعارها أربعة أضعاف حتى أن أقرب الحلفاء لها اصبحوا يشتكون من الانتهازية الأميركية وجشعها".
"القرار تاريخي"
وأيّدت الإمارات والعراق والكويت وعُمان والبحرين والجزائر قرار أوبك الأخير. وقال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي إن القرار كان فنيا بحتًا وتمّ بالإجماع وليس قرارًا سياسيًّا كما يحاول البعض وصفه.
ووصف وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب قرار المجموعة بـ "التاريخي". وأعرب هو والأمين العام لمنظمة أوبك هيثم الغيص عن ثقتهما الكاملة في النتائج الإيجابية للقرار. وقال الغيص في وقت لاحق إن المنظمة تستهدف تحقيق التوازن بين العرض والطلب وليس سعرا محدّدًا.
يذكر أن المخزونات في الاقتصادات الرئيسية عند مستويات أقلّ مما كانت عليه عندما خفضت أوبك الإنتاج في الماضي. غير أن محلّلين قالوا إن التقلبات الأخيرة في أسواق النفط الخام يمكن علاجها بخفض من شأنه أن يساعد في جذب المستثمرين إلى السوق.
وكانت واشنطن قد قالت إن الخفض من شأنه تعزيز إيرادات روسيا، وأشارت إلى أن الرياض خططت لهذا القرار لأسباب سياسية. ونفت السعودية نفيا قاطعا دعم موسكو في حربها على أوكرانيا.