شكل حظر النفط الروسي ودعم أوكرانيا واحتياجات الاتحاد الأوروبي الدفاعية مدار بحث القادة الأوروبيين الذين عقدوا على مدار يومين في 30 و31 من مايو/أيار قمة استثنائية في بروكسل.
قادة دول الاتحاد الأوروبي توصلوا خلال قمتهم في بروكسيل الى اتفاق في شأن فرض رزمة عقوبات سادسة على روسيا تتضمن فرض حظر تدريجي على واردات النفط الذي تصدره روسيا عبر السفن بنسبة ٩٠ بالمئة حتى نهاية العام.
عقدة الغاز
وفي قراءة تحليلية للحظر التدريجي لواردات النفط الروسي، اعتبر الدكتور في العلاقات السياسية الدولية في جامعة باريس خطار أبو دياب في حديث لـ"جسور" أن "الحرب الروسية على أوكرانيا لم تؤد الى انقسام داخل صفوف الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي(الناتو) كما اعتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بل على العكس تماما أدت الى يقظة أوروبية وأعادت توحيد الأوروبيين، وذلك ترجم أخيرا من خلال حزمة العقوبات السادسة على روسيا."
وأشار أبو دياب الى أن "المشكلة تكمن في حظر الغاز الروسي خصوصا بالنسبة للدول التي تعتمد عليه بنسبة كبيرة مثل ألمانيا، في حين لا توجد مشاكل في استبدال النفط الروسي كون هناك بدائل في السوق النفطية العالمية."
الأمن الغذائي
قضية الأمن الغذائي طرحت في قمة بروكسل، اذ تسعى دول الاتحاد الأوروبي الى إيجاد "ممرات التضامن" المخصصة لمساعدة أوكرانيا على تصدير الحبوب وغيرها من المنتجات من خلال نقلها عبر السكك الحديدية والشاحنات بسبب إغلاق القوات البحرية الروسية الطرق البحرية المعتادة.
وهنا اعتبر أبو دياب أن "استخدام هذه الطرق لنقل الحبوب سيكلف ثمنا وباهظا، ناهيك عن صعوبة إتمام عمليات النقل بنجاح."
واستطرد قائلا" الرئيس بوتين يصر على نزع الألغام من مدينة أوديسا كونها الميناء الأساسي لتصدير الحبوب من اوكرانيا بهدف تجنب ازمة عالمية، ولكن الجانب الأوكراني يعتقد أن ذلك قد يسهل عملية احتلال هذه المدينة. وتقع مسؤولية الأمن الغذائي على عاتق الطرفين الروسي والأوكراني، اذ ترسل موسكو القمح والحبوب للدول الصديقة فقط، في وقت تحاول كييف استغلال أزمة الأمن الغذائي كي تبقى الشغل الشاغل للعالم بأسره."
هذا وبحث الزعماء الأوروبيون السبل الكفيلة باستكشاف طرق للحد من ارتفاع أسعار الطاقة، بما في ذلك جدوى وضع حد أقصى موقت للأسعار وتقليص الروتين في شأن طرح مصادر للطاقة المتجددة والاستثمار في ربط شبكات الطاقة الوطنية عبر الحدود لتعزيز مساعدة الدول لبعضها.
دعم مالي لأوكرانيا
ركزت القمة أيضا على دعم الزعماء سياسيا لحزمة قروض الاتحاد الأوروبي بقيمة تسعة مليارات يورو حتى تتمكن أوكرانيا من الحفاظ على استمرار عمل حكومتها، ودفع الرواتب لمدة شهرين تقريبا، وإجراء التحقيقات في جرائم الحرب، لكن لن يتم حتى الآن اتخاذ هذا القرار.
وتعمل الدول الأوروبية أيضا على إنشاء صندوق دولي لإعادة بناء أوكرانيا بعد الحرب، ويطمح القادة الأوروبيون إلى بحث إمكانية مصادرة أصول روسية مجمدة لهذا الغرض.
الى ذلك، ناقش القادة الأوروبيون مسألتي الأمن والدفاع في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك كيفية تعزيز المرونة وزيادة القدرة الدفاعية من خلال الاستثمارات في النطاقات المرتبطة بالسياسة الدفاعية الأوروبية.
وتسعى دول التكتّل إلى تكثيف الجهود الرامية إلى الاستثمار في بناء دفاع أوروبي مشترك قوي بعد سنوات من الاقتطاع من الميزانية الدفاعية.
محاولات غربية
وكان الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون والمستشار الألماني اولاف شولتز أجريا اتصالا بالرئيس الروسي فلاديمير بوتبن، وطلبا منه وقف اطلاق نار فوري وفتح حوار مباشر مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بهدف حلحلة الأزمة الروسية – الأوكرانية.
في هذا السياق، اعتبر أبو دياب أن "هذه المساعي لن تتحقق لان كل المحاولات الدبلوماسية السابقة باءت بالفشل."
وأضاف"هناك محاولة لابقاء التواصل مفتوحا بين الطرفين الروسي والأوكراني، وللمرة الأولى قد يكون الحوار ثلاثيا أي بين الرئيس الفرنسي والمستشار الألماني والرئيس الروسي، بهدف التوصل الى تسوية. الطرفان الفرنسي والألماني يعتقدان ان القطيعة النهائية بين روسيا وأوروبا ستجعل من القارة العجوز منطقة غير مستقرة على الصعد كافة."
5 حزم من العقوبات
كان الاتحاد الأوروبي فرض خمس حزم من العقوبات على روسيا منذ غزو الأراضي الأوكرانية في 24 فبراير/شباط الماضي، وقد استهدفت أكثر من 1000 شخص، بما في ذلك الرئيس فلاديمير بوتين وكبار المسؤولين الحكوميين، بالإضافة إلى الأوليغارشية الموالية للكرملين والبنوك وقطاع الفحم.
مشكلة فرض عقوبات على النفط المنقول بحرا تكمن في أن دولا مثل بلجيكا وألمانيا وهولندا الأكثر اعتمادا على النفط المنقول بحرا من روسيا ستعاني من ارتفاع أسعار النفط في حال فرضت عقوبات أوروبية على موسكو ضمن هذا الإطار.
وهناك خيار آخر مطروح هو إرجاء تبني حزمة العقوبات كلّها إلى حين إيجاد حلّ لإمداد المجر بالنفط.