في تطور هو الأول من نوعه منذ بدء الاحتجاجات على الأراضي الإيرانية، دعت دول غربية عدة رعاياها إلى مغادرة إيران فوراً وأوحى المشهد المستجد بأن الأمور تتجه نحو المزيد من التصعيد الدولي ضد البلد الشرق أوسطي. إلا أن السياسات الدولية لها أساليبها الخاصة وتوقيتها المختلف.
وفيما تنزلق الأحداث بطريقة دراماتيكية داخل إيران، حثت الخارجية الفرنسية الرعايا الفرنسيين، الجمعة 7 أوكتوبر/تشرين الأول، على مغادرتها في أقرب وقت ممكن، وأشارت على موقعها الالكتروني إلى أن "جميع الزوار الفرنسيين، بمن فيهم مزدوجو الجنسية، معرضون لخطر كبير بالاعتقال والاحتجاز التعسفي والمحاكمة غير العادلة".
كذلك فعلت حكومة هولندا، إذ نصحت جميع رعاياها أيضاً بمغادرة إيران وعدم السفر إليها تحت أي ظرف.
أما كندا، فأعلنت، عن فرض عقوبات جديدة على النظام في إيران، ومنعت 10 آلاف مسؤول بينهم عناصر "الحرس الثوري" الإيراني من دخول أراضيها "في شكل دائم"، في إجراء قال عنه رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو "إنه لم يتم اللجوء إليه سوى في ظروف هي الأخطر ضد أنظمة ترتكب جرائم حرب أو عمليات إبادة، كما في البوسنة ورواندا" متهماً النظام الإيراني "بارتكاب جرائم قتل وبث الرعب".
لا رؤية لإيران ما بعد حكم الملالي
لم يرَ الخبير القانوني في المفوضية الأوروبية الدكتور محي الدين الشحيمي أن إجراءات الدول الغربية الأخيرة من شأنها قلب الموازين في إيران ونفى في اتصال مع "جسور" وجود "أي مؤشر جدي على أن تغييراً ما قد يطرأ على الساحة الإيرانية ويدفع بالحكم الحالي إلى الإنهيار" كما نفى "وجود رؤية دولية في الوقت الراهن لكيفية التعامل مع إيران ما بعد حكم الملالي رغم كل الانتقادات الموجهة لها والعقوبات التي فرضت عليها".
واعتبر أن ما حدث "لا يعدو كونه ورقة ضغط للاستثمار في سياسات مستقبلية ليس إلا، وذلك على المديين القصير والمتوسط" وأن الدول الغربية مستمرة بانتهاج سياسة تدوير الزوايا مع النظام الإيراني لغايات متعددة من بينها العلاقات التجارية والاستثمارية والطاقة وذلك رغم معرفتها حقيقة النظام الدكتاتوري".
في المقابل، يرى شحيمي أن "إيران تتحكم جيداً في الملف الداخلي وتعرف جيداً كيفية التعامل مع الاحتجاجات كما برعت دوماً في فرض شارع مقابل آخر لافتعال صدامات بين الإيرانيين من مؤيدين للنظام ومعارضين له".
ولفت إلى "أنها ليست المرة الأولى التي تتفلت فيها الأمور في الداخل الايراني إنسانياً وإجتماعياً وسياسياً".
3 دوافع رئيسية
ويأتي قرار الدول الغربية بدعوة رعاياها لمغادرة إيران، كما يفسر شحيمي، بناءً على ثلاثة دوافع رئيسية "بالدرجة الأولى أرادت هذه الدول حماية رعاياها لأنها تعلم جيداً المستوى المتدني لحقوق الإنسان في إيران والتعامل غير الأخلاقي مع أي موقوف ومعتقل وخصوصا مع مزدوجي الجنسية من بينهم" وأضاف "لأن إيران لا تعترف بازدواجية الجنسية فتعامل هؤلاء كما باقي الإيرانيين بطريقة تعسفية وغير قانونية" ولفت أيضاً إلى "خبرة إيران في تركيب الأفلام للضغط على الدول الغربية من خلال اعتقال رعاياها".
يأتي القرار بالدرجة الثانية "كورقة ضغط لجهة زيادة العقوبات ولو المتفرقة بحسب كل دولة بحيث هنالك اتجاه لعقوبات شاملة".
وفي الدرجة الثالثة، يعتبر شحيمي أن الملف النووي يشكل جزءاً أساسياً من القرار "التعسف وقمع المظاهرات وطريقة التعاطي غير الإنسانية والمستوى غير المفهوم للحرية في إيران قد تكون مدخلاً رئيسياً لتطيير الإتفاق النووي بشكل جدي وهو يترنح فعلياً منذ مدة ليست ببسيطة إضافة للعديد من قضايا المنطقة لإيران تأثير كبير عليها".