بالرغم من إعلان روسيا إحراز تقدم في المفاوضات مع أوكرانيا، إلّا أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لا زال يدعو موسكو إلى مفاوضات جدية، باعتبار أن هناك خلافاً حول "ضمانات أمنية" تطالب بها أوكرانيا التي حددت "خطوطاً حمراء" في المحادثات.
ويتساءل محللون إن كان الإنفتاح الروسي الدبلوماسي هو حيلة لكسب الوقت من أجل جمع التعزيزات للمرحلة الثانية من الهجوم على أوكرانيا.
وبينما تتزايد الشكوك حول نيات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وإن كان فعلاً يريد لهذه المفاوضات أن تنجح، يرى الباحث والمحلل المختص بالشأن الأوكراني، وائل العلامي، في حديث لـ"جسور"، أن "هذه المفاوضات لن تصل إلى أي باب بإمكانه إيقاف الحرب، بل تأتي في سياق الإستهلاك الإعلامي، والهدف منها إظهار أن الجانبين الروسي والأوكراني مستعدان للتفاوض، وذلك لأن الفجوة في المطالب كبيرة بينهما".
وقال العلامي، إن "الجانب الأوكراني يطالب بإيقاف الحرب والعودة إلى ما قبل 24 فبراير/ شباط، بينما الجانب الروسي يطالب بأن تكون أوكرانيا منزوعة السلاح وأن تعترف بأن شبه جزيرة القرم هي أراض روسية محتلة، وبأن جمهوريتي "دونيتسك" و "لوغانسك" هما منفصلتان عن أوكرانيا، وهذا أمر مستحيل لأن الأخيرة بلد سيادي وحتى الشعب الأوكراني لن يوافق على هذه المطالب".
ولفت إلى أن "هذه المفاوضات قد تسفر عن هدنة أو عن تنازل أوكرانيا عن مسألة انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) كحد أقصى، ولكن بشكل عام هي مضيعة للوقت".
حربٌ طويلة
وتوقع العلامي أن تطول الحرب بين موسكو وكييف وأن تستمر لسنوات، وذلك لأن "الشعب والجيش الأوكرانيين أظهرا مقاومة عنيفة تفاجأ بها العالم، حتى في مدينة خاركوف، التي تقع مباشرة على الحدود مع روسيا، حيثُ توقعت موسكو أن يُستقبل جيشها بالورود وبأنها ذات غالبية روسية، ليتفاجأ بأن أعنف مقاومة أوكرانية كانت في هذه المدينة".
وتابع: "وأيضاً، روسيا عندما بدأت غزوها، ظنت أن بإمكانها احتلال أوكرانيا بمهلة أقصاها يومين، لكن الجيش الروسي اليوم يتكبد خسائر فادحة في كييف، ومرّ أكثر من 3 أسابيع لهذه الحرب ولا زال يراوح مكانه ولم يستطع أن يحقق أي أهداف، حتى لم يتمكن من ضرب البنية التحتية للجيش الأوكراني، وهذا الجيش لا زال قويا جدا، كما ان أعداد القتلى في صفوف الجيش الروسي تزيد مئات المرات عنها في صفوف الجيش الأوكراني".
ختاماً، اعتبر العلامي أن "بوتين مستمر في تغيير الأهداف الروسية لهذه الحرب، وذلك لأن خسائره كبيرة جدّاً وانسحابه من المعركة سيسجل انتصاراً لكييف وانهزاماً لموسكو، وبالتالي فهو لن يوقف حربه على أوكرانيا، والأخيرة لن تتوقف عن المقاومة".
جولات تفاوض
وكان زيلينسكي قد وجه السبت نداء إلى موسكو، معتبراً أن "الوقت حان" للبحث في "السلام والأمن" وإلا فإن العواقب بالنسبة إلى روسيا ستبقى آثارها لأجيال عدة.
وقال زيلينسكي، إن "مفاوضات حول السلام والأمن لأوكرانيا هي الفرصة الوحيدة لروسيا لتقليل الضرر الناجم عن أخطائها".
ومنذ الغزو الروسي لأوكرانيا الذي بدأ في 24 فبراير/ شباط جرت جولات تفاوض عدة بين كييف وموسكو، وافتتحت الجولة الرابعة الإثنين الماضي عن بُعد على مستوى الوفود.
نقاط رئيسية
وأعلن رئيس الوفد الروسي فلاديمير ميدينسكي مساء الجمعة أنه لاحظ "تقارباً" في المواقف بشأن مسألة حياد أوكرانيا، متحدثاً أيضاً عن إحراز تقدم بشأن تجريد البلاد من السلاح.
ونقلت وكالات أنباء روسية عن ميدينسكي قوله إن "مسألة وضع حياد أوكرانيا وعدم عضويتها في حلف شمال الأطلسي هي واحدة من النقاط الرئيسية للمفاوضات، وهذه هي النقطة التي قرّب فيها الأطراف مواقفهم إلى أقصى حد ممكن".
من جهته، قال أحد أعضاء الوفد الأوكراني المستشار الرئاسي ميخايلو بودولياك عبر "تويتر" إن "تصريحات الجانب الروسي ليست سوى بداية لمطالبهم".
وكتب: "موقفنا لم يتغير، وقف إطلاق نار وانسحاب القوات الروسية وضمانات أمنية قوية مع صيَغ ملموسة".
ويتواصل القصف الروسي للمدن الأوكرانية خلال المفاوضات بين الطرفين، مستهدفاً المدنيين والبنى التحتية المدنية.