بينما يُتهم الكرملين باستخدام الغاز كوسيلة ضغط على الدول الأوروبية بسبب اعتمادها الكبير على مصدر الطاقة هذا، بدأت الأخيرة بدراسة بدائل أخرى للغاز.
ويسعى بعض الدول لسد الفجوة في إمدادات الطاقة من خلال اللجوء لواردات الكهرباء عبر الموصلات أو من خلال تعزيز القدرة على توليد الكهرباء من الطاقة النووية أو الطاقة المتجددة أو الطاقة الكهرومائية أو الفحم.
إلا أن أوروبا تحاول قد الإمكان الإبتعاد عن استخدام الفحم لتلبية أهداف المناخ.
إلى ذلك، أشار الدكتور في الإقتصاد والمال والأستاذ جامعي في باريس، غابي بجاني، في حديث لـ"جسور"، إلى أن "إجتماعات عديدة وواسعة تعقد في أوروبا عموما، وفي فرنسا خصوصا، محورها إيجاد البدائل عن الغاز".
وقال، "من البدائل التي تتم دراستها، تعاون فرنسي جزائري في هذا الصدد، وتفعيل الطاقة النووية في فرنسا بشكل أكبر، وتغيير البنى التحتية للإستغناء عن الغاز في بعض البلدان".
كما كشف بجاني عن أن "الدول الأوروبية أمام تحديات كبرى، ولا يمكنها أن تتأخر في إيجاد البدائل لأن فصل الشتاء على الباب والتدفئة الدورية ستكون أساسية
وأكد أن الأمر "ليس بسهل، لأنه يتعلق بالإمكانيات والسياسة والخطط الآنية وأخرى بعيدة المدى".
انقطاع إمدادات الغاز
وكانت شركة غازبروم الروسية، قد قالت قبل يوم من حلول أجل استئناف تدفقات الغاز الطبيعي عبر خط الأنابيب نورد ستريم 1 الذي يوصل الغاز الروسي إلى ألمانيا، إن الخط سيخضع لمزيد من أعمال الصيانة، الأمر الذي يعمق المصاعب التي تواجه أوروبا في الحصول على احتياجاتها من الوقود.
واعتبرت روسيا أن العقوبات الغربية هي السبب وراء انقطاع إمدادات الغاز، فيما وجهت الدول الأوروبية أصابع الاتهام مرة أخرى إلى موسكو متهمة إياها باستغلال أزمة الطاقة كسلاح في حرب العقوبات الطاحنة بين الجانبين على خلفية الأزمة الأوكرانية، مستبعدة أن تعيد موسكو ضخ الغاز عبر "نورد ستريم 1" مرة أخرى لتحقيق المزيد من الضغط على دول القارة.
وكانت غازبروم تنفذ بالفعل أعمال صيانة في الخط في الفترة من 31 أغسطس/ آب إلى الثاني من سبتمبر/ أيلول مما أثار مخاوف بشأن الإمدادات لأوروبا قبل بداية فصل الشتاء إذا تم تمديد وقف الضخ.
وقلصت روسيا التدفقات عبر الخط إلى 40 في المئة في يونيو/ حزيران و20 في المئة في يوليو/ تموز.
وقطعت أيضا الإمدادات عن دول أوروبية عدة مثل بلغاريا والدنمرك وفنلندا وهولندا وبولندا، وخفضت التدفقات عبر خطوط أنابيب أخرى منذ إطلاق ما تسميه "عملية عسكرية خاصة" في أوكرانيا.
وتزود روسيا عادة أوروبا بنحو 40 في المئة من احتياجاتها من الغاز، معظمها عبر خطوط أنابيب. وبلغت الإمدادات في العام الماضي نحو 155 مليار متر مكعب.
توريد الغاز
وعن طريق أوكرانيا، يصل الغاز إلى النمسا وإيطاليا وسلوفاكيا ودول أخرى في أوروبا الشرقية، لكن أوكرانيا أغلقت خط الأنابيب سوخرانوفكا الذي يمر في الأراضي التي تسيطر عليها روسيا في شرق البلاد.
وأبرمت شركة سنتريكا البريطانية اتفاقا مع شركة إكوينور النرويجية لزيادة الإمدادات في فصول الشتاء الثلاثة المقبلة، ويمكنها أيضا التصدير إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب.
وقالت الولايات المتحدة إنها تستطيع توريد 15 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال إلى الاتحاد الأوروبي هذا العام، لكن مصانع الغاز الطبيعي المسال الأميركية تنتج بكامل طاقتها، وسيؤدي انفجار وقع في محطة تصدير الغاز الطبيعي المسال الرئيسية في تكساس إلى بقائها معطلة حتى أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني.
أما بولندا، التي تعتمد على روسيا في نحو 50 بالمئة من استهلاكها من الغاز أو نحو عشرة مليارات متر مكعب، فأشارت إلى إنها تستطيع الحصول على الغاز عبر وصلتين مع ألمانيا. وسيُفتتح خط أنابيب جديد يسمح بتدفق ما يصل إلى عشرة مليارات متر مكعب من الغاز سنويا بين بولندا والنرويج في أكتوبر/ تشرين الأول. كما تم تشغيل وصلة غاز جديدة بين بولندا وسلوفاكيا منذ أسبوع.
وأطلقت ألمانيا المرحلة الثانية من خطتها الطارئة ذات المراحل الثلاث وحثت الشركات والمستهلكين على توفير الغاز لتجنب الاضطرار لترشيد الاستهلاك قسرا.
من جهته، قال وزير الطاقة الهولندي إن من الممكن اللجوء لحقل خرونينجن الهولندي لمساعدة الدول المجاورة في حالة القطع الكامل للإمدادات الروسية، لكن زيادة الإنتاج قد تتسبب في حدوث زلازل.
واتفق وزراء الطاقة على أنه يتعين على جميع دول الاتحاد الأوروبي خفض استخدام الغاز طوعا بنسبة 15 بالمئة اعتبارا من أغسطس/ آب إلى مارس/ آذار، مقارنة بمتوسط الاستهلاك السنوي خلال الفترة من 2017 إلى 2021، وطرحوا أهدافا على مستوى الاتحاد الأوروبي لتخزين الغاز.