بينما لا تزال التطورات السياسية والميدانية للأزمة الأوكرانية تتوالى، اتصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، هاتفيّاً، بولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وبحث معه في تطورات الحرب الروسية على أوكرانيا ومستجدات مسار المفاوضات الجارية بشأنها.
وأكد بن زايد "أهمية تغليب لغة الحوار والتفاهم ودعم الحلول والتسويات السلمية لاحتواء الأزمة وتداعياتها على مختلف المستويات وعودة السلام والاستقرار إلى أوكرانيا".
كما شدد على "أولوية ضمان سلامة المدنيين وأمنهم، وأهمية تكثيف الجهود والتنسيق المشترك بين الدول والمنظمات الإنسانية لتوفير المساعدات والاحتياجات الإنسانية المتزايدة للمتضررين من الأزمة".
استراتيجية فاشلة
في المقلب الآخر، كشف مدير الاستخبارات البريطانية جيريمي فليمينغ أنّ مستشاري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "يخشون إخباره بالحقيقة" بشأن إستراتيجيته الحربية "الفاشلة" في أوكرانيا.
وقال فليمينغ في خطاب ألقاه في الجامعة الوطنية الأسترالية، في كانبيرا، إنّ بوتين "ارتكب خطأ كبيراً جداً في تقدير "الغزو الذي بدأته قواته لأوكرانيا في 24 فبراير/ شباط وتداعياته".
وأضاف "لقد رأينا جنوداً روساً، يفتقرون إلى السلاح ومعنوياتهم متدنية، يرفضون تنفيذ الأوامر ويخرّبون المعدّات الخاصّة بهم، بل ويُسقطون طائراتهم عن طريق الخطأ".
وتابع "حتى لو كان مستشارو بوتين يخشون إخباره بالحقيقة، فإنّ ما يحدث ومدى جسامة هذه الحسابات الخاطئة يجب أن يكونا واضحين تماماً للنظام".
ويكرّر المسؤول البريطاني بذلك ما أدلى به في اليوم السابق مسؤول كبير في البيت الأبيض لجهة أنّ بوتين يتلقي معلومات مضلّلة حول مسار الحرب في أوكرانيا، لأنّ مستشاريه يخشون إطلاعه على الخسائر العسكرية والاقتصادية التي تكبّدتها روسيا بسبب غزوها جارتها.
وقال المسؤول في البيت الأبيض طالباً عدم نشر اسمه إنّ معلومات استخباراتية أميركية رفعت عنها السرية، أظهرت أنّ "بوتين لم يكن على علم حتّى أنّ جيشه كان يجنّد متطوّعين ويخسرهم في أوكرانيا، ما يدلّ على انقطاع واضح في حصول الرئيس الروسي على معلومات موثوق بها".
إخفاقات روسيا
وتحاول الاستخبارات الغربية تسليط الضوء على إخفاقات روسيا في هذه الحرب والانقسامات داخل الدائرة المحيطة ببوتين.
ويؤكّد الغرب أنّ موسكو تستخدم في أوكرانيا بصورة متزايدة مرتزقة ومقاتلين أجانب.
وبحسب فليمينغ، فإنّ مجموعة فاغنر شبه العسكرية الروسية، زادت حضورها في أوكرانيا "إلى الدرجة القصوى" بعد أن كانت نشطة في هذا البلد منذ ضمّت روسيا شبه جزيرة القرم في 2014.
واعتبر المسؤول البريطاني أنّ "المجموعة تعمل كفرع ظلّ للجيش الروسي"، ممّا يتيح لبوتين إخلاء مسؤوليته عن "العمليات الأكثر خطورة".
ومع ذلك، فإنّ الرئيس الروسي استخفّ، وفقاً لفليمينغ، بالمقاومة الأوكرانية وبقوّة التحالف الدولي الذي تشكّل ضدّه وكذلك أيضاً بتأثير العقوبات الاقتصادية على بلاده.
وأضاف أنّ بوتين بالغ في تقدير قدرة جيشه على تحقيق نصر سريع.
ووفقاً لفليمينغ، فإنّ التعهّد الذي قطعته موسكو هذا الأسبوع بتقليص نشاطها العسكري "بشكل كبير" حول كييف وفي مدينة تشيرنيغوف في شمال أوكرانيا "ربّما يظهر أنّها اضطرت إلى إجراء مراجعة أساسية" لعمليتها العسكرية.
معارك جديدة
وفي وقت سابق، أعلن زيلينسكي أنّه لا يصدّق التعهّدات التي أطلقتها روسيا بشأن تقليص عملياتها العسكرية في بلاده، مشيراً إلى أنّ قواته تتحضّر لخوض معارك جديدة في شرق البلاد.
وقال زيلينسكي في رسالة مصوّرة "نحن لا نصدّق أحداً، ولا حتّى عبارة جميلة واحدة"، مشيراً إلى أنّ القوات الروسية تعيد انتشارها لمهاجمة إقليم دونباس الواقع في شرق البلاد. وأضاف "لن نتنازل عن أيّ شيء. سنقاتل من أجل كلّ شبر من أرضنا".
وتعهّدت موسكو التي تقول إنها تريد التركيز على إقليم دونباس حيث تقع المنطقتان الانفصاليتان دونيتسك ولوهانسك، "الحدّ بشكل جذري من نشاطها العسكري في اتجاه كييف وتشرنيهيف" في شمال البلاد. لكنّ البنتاغون شكّك بصحّة هذا الإعلان الروسي، مؤكّداً أنّ القصف لا يزال مستمراً وأنّ القوات الروسية ليست بصدد تنفيذ انسحاب بل إعادة تموضع.
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت مساء الأربعاء أنّ قواتها ستلتزم اعتباراً من صباح الخميس وقفاً لإطلاق النار في ماريوبول، إفساحاً في المجال أمام إجلاء المدنيين من المدينة الأوكرانية المحاصرة.