من فيينا الى الدوحة، انتهت جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين واشنطن وطهران من دون أن تفك لغز إعادة احياء الاتفاق النووي. فيبدو أن مسار مفاوضات النووي الايراني في حلقة مفرغة، فكل تقدم إيجابي يقابل بخطوات الى الوراء تعيد المباحثات الى مربعها الأول.
وفي جديد تبادل الاتهامات بين واشنطن وطهران، رمت الولايات المتحدة الكرة في ملعب ايران معربة عن خيبة أملها لعدم إحراز أي تقدّم في المفاوضات غير المباشرة في الدوحة، مشيرة الى أن المحادثات فشلت لأنّ إيران أثارت نقاطاً لا علاقة لها بالاتفاق النووي وأنها رفضت، مرة أخرى، الاستجابة بشكل إيجابي لمبادرة الاتّحاد الأوروبي.
رفض أميركي
وعن الفشل في كسر جمود إحياء الاتفاق النووي، أشار رئيس التحالف الأميركي الشرق اوسطي للديمقراطية توم حرب الى أنه" في عام 2015، تم الاتفاق على السماح للشركات الأميركية بفتح استثمارات في ايران مقابل رفع العقوبات تدريجيا عن طهران، إضافة الى السماح لإيران بالتصرف بحرية في كل ما يتعلق بالنووي في ظل مراقبة مستمرة لوكالة الطاقة الذرية."
وفي حديث لـ"جسور"، أضاف حرب ان"غالبية الشعب الأميركي عارض هذا الاتفاق وبالتالي لم يصبح معاهدة في ولاية الرئيس الاسبق باراك اوباما، وبعد ذلك ألغى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الاتفاق ومنع ايران من امتلاك القنبلة الذرية وتطوير الصواريخ البلاستيكية."
حرب مدمرة
وفند حرب المشاكل التي تعيق عمل الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، مشيرا الى أنه مستعد للعودة الى اتفاق 2015 ورفع العقوبات تدريجيا عن ايران، لكنه يواجه مشكلة داخلية تكمن بالرفض الشعبي لرفع العقوبات عن طهران، أما خارجيا فالاتفاق الإبراهيمي بين الدول العربية وإسرائيل إضافة الى تنسيق عربي - إسرائيل لمواجهة تمدد ايران في المنطقة أجبرا بايدن على عدم الرضوخ للمطالب الإيرانية وخصوصا فيما يتعلق بشطب الحرس الثوري الإيراني عن قائمة الإرهاب."
واستطرد قائلا" الإيرانيون على دراية تامة بأن عودة بايدن الى اتفاق عام 2015، سيدفع الدول العربية وإسرائيل الى شن غارات على المنشآت النووية في ايران، ما سيؤدي الى اندلاع حرب مدمرة ودموية في المنطقة."
تأقلم ايراني
لكن الباحث الإيراني في الشؤون السياسة والاقتصادية سعيد شاوردي لفت الى أن "الولايات المتحدة وإسرائيل ليس بامكانهما مواجهة ايران حاليا، لأنه ستلحق بهما
اضرار جسيمة، خصوصا في ظل الأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد ."
وفي حديث لـ"جسور"، أكد شاوردي إستعداد ايران للعودة الى الاتفاق النووي شرط حصولها على كل مطالبها ولاسيما في شطب الحرس الثوري الإيراني عن قائمة الإرهاب."
وأضاف" ايران تأثرت في البداية من انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، وكان يعتقد ترامب ان طهران سينهار اقتصادها لكنها نجحت في ادارة الازمة الاقتصادية وأفشلت المخطط الأميركي."
وفي جديد المواقف الإيرانية حيال مباحثات الدوحة، قال مستشار الفريق الإيراني المفاوض محمد مرندي إنّ "التوقعات لم تكن تشير إلى أنّ المفاوضات ستنتهي إلى حلّ إيجابي في يومين فقط"، مشيرا الى أن "على الأميركيين توفير الضمانات التي تطالب بها إيران، ليؤكدوا أنهم لن يطعنوها في الظهر كما فعلوا في السابق".
وأوضح مرندي أنّ الأوروبيين أكثر اهتماماً بإيران، لأنهم بحاجة إلى نفطها، بسبب الحرب في أوكرانيا، مشدداً على "ضرورة رفع العقوبات لكي نتمكن من تطبيق الاتفاق النووي من جديد".
كما أكد مرندي إلى أنّ "المفاوضات في الدوحة لم تفشل وستستمر"، لافتا أن"الرئيس الأميركي جو بايدن يتعرض لضغوط كبيرة من معارضي الاتفاق، لكنه في الوقت نفسه يعاني من جراء أزمتي الطاقة والنفط، وسنرى أي الكفتين سترجح".
النووي الإيراني
وكانت أكدت واشنطن والاتحاد الأوروبي انتهاء جولة المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة التي عقدت في الدوحة في شأن إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 من دون إحراز تقدم.
وعقدت المفاوضات يومي الثلاثاء والأربعاء في أحد فنادق العاصمة القطرية بمبادرة من الاتحاد الأوروبي، سعيا للخروج من المأزق الذي آلت إليه جولات المحادثات التي عقدت على مدى 11 شهرا وتوقفت في مارس/آذار الماضي.
وكان مبعوث الاتحاد الأوروبي إنريكي مورا اشار الى أنه "ولسوء الحظ، لم يتحقق بعد التقدم الذي كان يأمله فريق الاتحاد الأوروبي. وسنواصل العمل بجهد أكبر لإحياء اتفاق رئيسي لمنع الانتشار ودعم الاستقرار الإقليمي".
وفي وقت سابق، نقلت وكالة تسنيم شبه الرسمية الإيرانية عن مصادر مطلعة على المحادثات قولها "ما منع تلك المفاوضات من الوصول إلى نتائج هو إصرار الولايات المتحدة على مسودتها المقترحة في فيينا التي لا تشمل أي ضمانات للمنافع الاقتصادية الإيرانية".
في المقابل، قالت الخارجية الإيرانية إنها أجرت مفاوضات مكثفة في الدوحة، وتبادلت المقترحات مع الطرف المقابل حول القضايا العالقة.
وأضافت أن كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري سيتواصل مع المنسق الأوروبي إنريكي مورا بشأن المرحلة المقبلة من المفاوضات.
وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان قد أكد جدية طهران في التوصل إلى اتفاق دائم خلال محادثات الدوحة؛ لكنه شدد على أن إيران لن تتراجع عما تعتبره خطوطا حمراء.