مع مغادرة رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، لتايوان متجهة إلى كوريا الجنوبية ثم إلى اليابان في جولتها الآسيوية التي بدأتها من سنغافورة، لم تطو صفحة الصراعات والتجاذبات السياسية بين بكين وواشنطن، بل إن الزيارة أججت التوتر الصيني – الأميركي وخلطت الأوراق كافة في المنطقة، ولا تزال "شظاياها" تتوالى تباعا، اذ أطلقت القوات الصينية صواريخ باليستية عدة في المياه المحيطة بتايوان، ضمن أكبر مناورات في تاريخ الصين.
وتؤكد بكين أن هذه التدريبات هي "إجراء ضروري وشرعي" بعد زيارة بيلوسي، فيما وصفت واشنطن والغرب المناورات العسكرية الصينية بأنها "غير مسؤولة"، أما
الجيش التايواني فأكد أنه "يستعد للحرب من دون السعي إليها، معتبرا أن التدريبات العسكرية بمثابة "تصرفات طائشة تهدد السلم الإقليمي".
إضعاف الصين
وفي قراءة سياسية وتحليلية لزيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى تايوان، اعتبر رئيس التحالف الأميركي الشرق أوسطي للديمقراطية توم حرب، في حديث لـ"جسور"، أن "رفض الصين للزيارة، حثّ واشنطن والغرب على تأييد بيلوسي ودعمها لاتمام الزيارة الى تايوان بنجاح".
وفي شأن تداعيات الزيارة على تايوان، أشار حرب الى أنها "لن تؤثر سلبا على الجزيرة، بل على العكس تماما متنت العلاقات الاقتصادية بين تايوان والولايات المتحدة، ونجحت في وضع حد للصين التي لا يمكنها ان تتجاوز الحدود التي رسمتها واشنطن، خصوصا بعد زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن الى المنطقة".
وتابع "الولايات المتحدة تسعى الى دعم البلدان الديمقراطية التي تحيط الصين بغية اضعاف بكين التي تفرض حكما ديكتاتوريا على شعبها وتعاني حاليا من مشاكل داخلية شتى".
العلاقات الأميركية الصينية
وردا على زيارة بيلوسي، تجري بكين مناورات عسكرية كبيرة في عدد من المناطق حول تايوان عند طرق التجارة المزدحمة.
واعتبر حرب أن "المناورات العسكرية ستشفي غليل الشعب الصيني الذي ينتظر ردا حازما من بلاده، فيما واشنطن حققت أهدافها السياسية بزيارة بيلوسي الى تايوان، وبالتالي العلاقات الأميركية – الصينية ستعود الى طبيعتها بعد فترة زمنية ولن يكون هناك أي تصعيد عسكري بين الطرفين في شأن قضية تايوان".
وأضاف "كانت وزارة الدفاع الأميركية لعبت دورا مهما عندما أشارت الى أن واشنطن لم تغير سياستها تجاه أزمة تايوان ولن تعترف باستقلال الجزيرة، وبالتالي نجحت الوزارة
بوضع حد للتوتر مع الصين بهدف إبقاء التصعيد ببن واشنطن وبكين حواري وتجنب أي تدخلات عسكرية".
ويعتقد حرب أنه "جرت محادثات جانبية بين الصين والولايات المتحدة ما سمح لبيلوسي باستكمال الزيارة من دون التعرض لأي خطر".
أهمية تايوان
وتحظى جزيرة تايوان بأهمية بارزة، "فالغرب يستفيد من أزمة تايوان ليصعد في وجه الصين كلما تدخلت بكين في مناطق الشرق الأوسط والدول الافريقية"، بحسب حرب.
واستطرد قائلا " تضاعفت الجهود الدولية لدعم الحكم الذاتي في تايوان للحفاظ على التجارة الدولية نظرا لأهمية موقع الجزيرة الاقتصادي ولاسيما بعدما تنازل الغرب عن هونغ كونغ التي كانت نقطة استراتيجية على طرف البحر الجنوبي للصين، ناهيك هن أن واشنطن تعتبر أن نظام تايوان ديمقراطي بنسبة 95% ، وأنه بلد صناعي ويمتلك ثقافة عريقة".
مناورات عسكرية
وأعلن الجيش الصيني انتهاء جولات عدة من إطلاق النيران على المياه في الساحل الشرقي لتايوان، وذلك في إطار أهم مناورات عسكرية في تاريخه حول تايوان ردا على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي للجزيرة التي تعتبرها بكين جزءا لا يتجزأ من أراضيها.
وشملت التدريبات تنفيذ ضربات وصفها الجيش الصيني بالدقيقة وذلك في مساحات واسعة قرب مضيق تايوان.
وأوضحت وزارة الخارجية الصينية أن المناورات العسكرية قرب مضيق تايوان جاءت ردا "على القوات الانفصالية التايوانية والتدخل الخارجي".
وتابعت "الولايات المتحدة إذا واصلت السلوك في المسار الخاطئ فستتحمل المسؤولية وعندها لا يمكنها القول إن أحدا لم يحذرها، والولايات المتحدة قد استفزت الصين وأن بكين اضطرت إلى التصرف من باب الدفاع عن نفسها".
تايوان تدين
في المقابل، أشارت وزارة الدفاع التايوانية الى أن "بعض مناطق المناورة الصينية تتداخل مع المياه الإقليمية لتايوان"، وأدانت "العمل غير العقلاني الذي يهدف إلى تحدي" النظام الدولي.
وقال الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم في تايوان إن التدريبات العسكرية الصينية تثير التوتر في المنطقة ووصفها بأنها غير مشروعة. وأضاف "الصين تجري تدريبات في أكثر الممرات المائية ومسارات الطيران الدولية ازدحاما، في سلوك أحادي الجانب وغير مسؤول".