"ردّاً على استفزازات أرمينية"، بحسب قولها، أعلنت أذربيجان مساء الاثنين اندلاع اشتباكات حدودية مكثفة مع أرمينيا، مؤكدة وقوع خسائر لدى الطرفين، بينما ردت وزارة الدفاع الأرمينية بأن الإستفزاز جاء من الطرف الآخر، من دون إشارة للخسائر. وبينما أكدت اذربيجان انها "حققت كل أهدافها" على الحدود مع أرمينيا وانها تصدت للاستفزازات التي قامت بها القوات الأرمينية محملة اياها مسؤولية التصعيد، تدور بين البلدين بين الحين والآخر إشتباكات حدودية متكرّرة منذ انتهاء الحرب الثانية بينهما عام 2020، حول جيب ناغورني قره باغ المتنازع عليه بينهما.
وفيما تخوف البعض من تطور الإشتباكات هذه المرة إلى حرب جديدة، أكد العميد اللبناني المتقاعد خليل الحلو، في حديث لـ"جسور"، أن "ما من طرف يريد توريط نفسه بحرب، خصوصا في هذه المرحلة بالذات". وفسّر أنه "في عام 2020، اندلعت حرب بين أذربجيان وأرمينيا، وعلى أثرها احتلت أذربجيان أماكن واسعة وفصلت بشكل شبه نهائي ناغورني قره باغ عن أرمينيا، بعدها تدخلت روسيا، ونشرت 2000 عسكري في المناطق الأرمينية وفي بعض المناطق الآذرية، وحصل اتفاق سلام بين البلدين، لتنسحب بعدها القوات الروسية من ممر لاتشين الذي يصل أرمينيا بناغورني قره باغ، فما كان من القوات الآذرية إلا أن استلمته".
اتفاق سلام
وقال الحلو، "في الشهر الحالي، من المفترض أن ينحسب الجيش الأرميني بالكامل من ناغورني قره باغ، وفقاً لاتفاق سلام 2020. وفي 31 أغسطس/ آب الماضي، بدأت المفاوضات بين أرمينيا وأذربجيان على مستوى رؤساء الجمهورية في بروكسل تحت رعاية أوروبية، وبعدها تم تفويض وزراء خارجية البلدين لتوقيع اتفاق سلام نهائي بينهما، وهذا الاتفاق لا حديث حتى الآن عن شكله أو مصير الأرمن الذين قرروا البقاء في ناغورني قره باغ فيه".
كما لفت إلى أن "لإيران، بعض النفوذ في ناغورني قره باغ، فهذه المنطقة هي متنفس لطهران من أجل إبقاء التبادل التجاري بينها وبين روسيا قائماً، لكن العلاقات بين إيران وأذربجيان غير جيدة، إلّا أن ذلك لا يمنع الأخيرة من شن عمليات عسكرية بهدف الضغط على أرمينيا للقبول بشروطها للسلام، فهي تستند على حليفتها القوية تركيا، التي يجمعها بها اتفاق لبناء خط غاز من أذربجيان إلى تركيا إلى أوروبا، وهذا الخط لا يمكن أن يمر إلّا إن كانت منطقة سلام".
أما من الناحية الجيوسياسية، فرأى الحلو أن "مواقف تركيا وبدرجة أقل الولايات المتحدة الأميركية، شجعت أذربجيان على المضي قدما بالخط العسكري للحصول على اتفاق سلام يناسبها. ففي حال حصل اتفاق سلام جديد برعاية أوروبية وبتشجيع أميركي وبمباركة تركية، تكون روسيا قد خسرت كثيراً".
وختم قائلاً، "بالتالي، ما يجب مراقبته عن كثب هو موقف روسيا، التي عسكريا وضعها غير جيد، ولكن يبقى هناك احتمال أن تقوم بردة فعل من دون مواجهة أذربجيان التي تجمعها بها علاقات إقتصادية هي بأمس الحاجة إليها".
قصف مكثف
وقالت وزارة الدفاع الأرمينية في بيان إنّه "فجر الثلاثاء في الدقيقة الخامسة (الإثنين 20:05 ت غ)، شنّت أذربيجان قصفاً مكثّفاً بالمدفعية وبأسلحة نارية من العيار الثقيل، على مواقع عسكرية أرمينية في بلدات غوريس وسوتك وجيرموك". وأضافت أنّ أذربيجان استخدمت أيضاً في الهجوم طائرات بدون طيّار.
إلى ذلك، أجرى رئيس الحكومة الأرمينية نيكول باشينيان محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين، لمطالبتهم بالرد على "عدوان" أذربيجان، حسبما أعلنت يريفان الثلاثاء.
وقال باشينيان في المحادثات المنفصلة إنه يأمل في "ردّ مناسب من المجتمع الدولي" بينما تتواصل المواجهات على الحدود بين أرمينيا وأذربيجان، وفقاً لبيان الحكومة الأرمينية.
أعمال تخريبية
في المقابل، اتّهمت وزارة الدفاع الأذربيجانية القوات الأرمينية بشنّ "أعمال تخريبية واسعة النطاق" قرب مقاطعات داشكسان وكلباجار ولاشين الحدودية، مشيرة إلى أنّ مواقع جيشها "تعرّضت للقصف، ولا سيّما بقذائف الهاون".
وأضاف البيان أنّ القصف الأرميني أسفر عن "خسائر في صفوف العسكريين الأذربيجانيين"، من دون تحديد عددهم.
والأسبوع الماضي، اتّهمت أرمينيا أذربيجان بقتل أحد عسكرييها في تبادل لإطلاق النار على الحدود بين البلدين. وتهدّد أعمال العنف هذه بإعادة إشعال النزاع في منطقة ناغورني قره باغ، على الرّغم من وجود قوات روسية مكلّفة الإشراف على وقف إطلاق النار الساري بين أرمينيا وأذربيجان منذ انتهاء الحرب الثانية بينهما.