غيوم سوداء تلقي بظلالها على الجو السياسي البريطاني، فإلى جانب الأزمة الاقتصادية المستفحلة، ورحيل الملكة إليزابيث الثانية، حلقت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس خارج السرب معلنة استقالتها من منصب رئاسة الحكومة بعد 45 يومًا فقط من وصولها إلى "داونينغ ستريت"، متربعة على "عرش" أقصر مدة حكم في تاريخ بريطانيا.
وأعلنت تراس الخميس الماضي استقالتها من منصبها اثر تعرضها لحملة طالبت باستقالتها بعدما ألغت خطة خفض الضرائب الكارثية التي تسببت باضراب في الأسواق في خضم أزمة غلاء معيشي حاد، ناهيك عن الانتقادات التي طالتها لعدم ثبات قراراتها، خصوصا أنها دفعت بورقة الاستقالة بعدما كانت أكدت قبل يوم فقط "أنها مقاتلة وليست شخصية تستقيل".
وأعلن غراهام باردي رئيس "لجنة 1922" المكلفة بتنظيم استقبال طلبات الترشح لزعامة حزب المحافظين وإعلان الفائز من بين المرشحين أنه ستتم عملية اختيار رئيس الوزراء في غضون أسبوع، ما يعني أن بريطانيا لن تشهد حملة انتخابية كما حدث لاختيار خليفة بوريس جونسون.
هل يعود جونسون؟
ويتنافس حاليا على منصب رئاسة الوزراء كل من وزير المال السابق ريشي سوناك والوزيرة الحالية المسؤولة عن العلاقات مع البرلمان بيني موردونت، وحتى رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون سيحاول العودة الى "داونينغ ستريت"، رغم كل الفضائح التي أدت إلى استقالته قبل أشهر.
وليس غريباً على الحكومة البريطانية عودة رؤساء قادوها في السابق إلى المنصب مرة ثانية وثالثة وحتى رابعة كما في حالة وليام إيوارت غلادستون.
لكن لعل الأشهر من بين رؤساء الوزراء الثلاثة عشر الذين قادوا الحكومة مرتين هو ونستون تشرشل، واللافت بالأمر أن جونسون لم يخفِ إعجابه بتشرشل ويعتبره مثله الأعلى وطالما حلم أن يذكره التاريخ مثله، حتى أن هدية وداع جونسون التي قدمها وزراء حكومته له كانت نسخة من الطبعة الأولى من كتاب تاريخ الحرب العالمية الثانية لـ تشرشل المكون من ستة مجلدات.
احتدام المنافسة
وأعلنت وزيرة العلاقات مع البرلمان بيني موردنت عبر "تويتر" ترشحها لتولي رئاسة وزراء بريطانيا، قائلة"أعلن ترشحي لأكون زعيمة حزب المحافظين ورئيسة
وزرائكم، لتوحيد بلدنا، والوفاء بالتزاماتنا والفوز في الانتخابات التشريعية المقبلة".
وكتبت موردنت التي احتلت المركز الثالث في السباق القيادي الأخير خلف ليز تراس وريشي سوناك: "لقد شجعني دعم الزملاء الذين يريدون بداية جديدة وحزبا موحدا وقيادة من أجل المصلحة الوطنية."
وتحتاج موردونت إلى تأمين دعم ما لا يقل عن 100 من أعضاء البرلمان من حزب المحافظين بحلول ظهر يوم الاثنين للبقاء في السباق، فيما صرح، حتى الساعة، 16 نائبا علنا بأنهم سيصوتون لها.
توتر بين جونسون وموردنت
وأصبحت موردنت وزيرة المجتمعات الصغيرة في عام 2014، وتم تعيينها وزيرة لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة عندما تولت تيريزا ماي السلطة في عام 2016، لكن جونسون أقالها بعد فترة وجيزة من توليه رئاسة الوزراء، بعد تأييدها لمنافسه جيرمي هانت خلال منافسة القيادة لعام 2019.
وهاجمت جونسون في الصيف الماضي بسبب فضيحة "بارتي غيت"، والتي كسر فيها رئيس الوزراء البريطاني القيود التي وضعتها الحكومة من أجل الحدّ من انتشار فيروس كورونا المستجد في البلاد، وكان أبرزها منع الاختلاط وإقامة التجمعات وكذلك منع إقامة الحفلات مع الالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي.
دور بارز
واستعرضت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية مجموعة من المعلومات التي قد لا يعرفها كثيرون عن موردنت، التي ولدت في توركواي سنة 1973، وتبلغ من العمر 49 عاما، وهي
مطلقة بعد زواج استمر لمدة عام، وليس لديها أطفال، توفيت والدتها بسرطان الثدي عندما كانت تبلغ من العمر 15 عاما، وعملت موردنت كمساعدة للساحر ويل أيلينغ في بورتسموث، وشاركت في برنامج التلفزيون الواقعي "سبلاش". واختيرت ذات مرة بوصفها "النائب الأكثر جاذبية في بريطانيا". هي من مؤيدي "البريكست"، ولعبت دورا مهما في بداية مسيرتها المهنية تمثل بالعمل على جعل حزب المحافظين أكثر جاذبية للشباب الناخبين.
علاوة على ذلك، أصبحت موردنت وزيرة المجتمعات الصغيرة في عام 2014، وباتت أول وزيرة دفاع في المملكة المتحدة سنة 2019.
ولعبت موردنت دورا بارزا في البرلمان بعد وفاة الملكة إليزابيث الشهر الماضي، وقادت حفل تولي الملك تشارلز في قصر سانت جيمس بصفتها رئيسة المجلس، سبق لها العمل في دور للأيتام، كما أنها درست الفلسفة في جامعة "ريدينغ"، وكانت رئيسة اتحاد الطلاب. وكانت مديرة الاتصالات في اليانصيب الوطني، ورئيسة حملات السكري في المملكة المتحدة. هذا وانضمت إلى البحرية الملكية قبل ترشحها عن حزب المحافظين في بورتسموث بالانتخابات العامة لعام 2005، وخسرت بفارق ضئيل أمام حزب العمل.