حذرت كوريا الشمالية الولايات المتحدة من مغبة نشر "قدرات نووية استراتيجية" في شبه الجزيرة الكورية، معتبرة ان ذلك سيكون بمثابة "مخطط لحرب مستقبلية".
صرح السكرتير الأول لبعثة كوريا الشمالية لدى الأمم المتحدة كيم إن تشول، خلال جلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة، أن اميركا تنفق أموالا هائلة سنويًا على تطوير اسلحة عالية الدقة وبعيدة المدى اضافة الى صواريخ بالستية من الجيل الجديد وقاذفات نووية معتبرًا ان كل هذا ضمن "مخطط اميركي لشن حرب مستقبلية ضد جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية". واضاف تسول انه لتسوية القضية النووية لشبه الجزيرة الكورية ينبغي على الولايات المتحدة التراجع عن سياستها العدائية ضد كوريا الشمالية، وتتخلى "للأبد" عن إجراء مناورات عسكرية هجومية ونشر قدرات نووية استراتيجية لها في شبه الجزيرة الكورية او حولها.
شبه الجزيرة الكورية
تقع شبه الجزيرة الكورية شرقي قارة آسيا وتمتد باتجاه الجنوب حوالي 1,100 كم إلى داخل المحيط الهادىء وهي محاطة ببحر اليابان من الشرق والبحر الشرقي الصيني من الجنوب.
قبل الحرب العالمية الاولى كانت شبه الجزيرة دولة واحدة تعرف بـ "كوريا" تحكمها سلالة كورية اما الشعب فكان يتقاسم العادات والتقاليد عينها وبينهما صلة قرابة. الا انه في القرن الـ19 اي عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية تقاسمت الدول الكبرى مغانم الحرب وقسمت الاراضي التي احتلتها اليابان سابقًا. فقسمت كوريا الى قسمين جنوبي تابع للاتحاد السوفياتي وشمالي تابع للولايات المتحدة.
صراع الاقطاب
في البداية الوصاية كانت موقتة الى حين تشكيل حكومة موحدة تجمع الطرفين وتعيد كوريا واحدة. لكن مع اشتداد صراع النفوذ بين القطبين العالميين اي الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة امتدت الحرب الباردة الى كوريا التي شكلت مسرح الصراع الابرز وبدل تشكيل حكومة موحدة ازداد الانشقاق بين الكوريتين. وتشكلت انذآك حكومتان: حكومة الشمال الشيوعية يدعمها السوفيات وحكومة الجنوب المعادية للشيعوية تدعمها اميركا وبذلك نشأت دولتان منفصلتان متعارضتان اديولوجيًا.
لم يلبث الصراع الا وان تحول الى نزاع مسلح بين الكوريتين اذ شنت كوريا الشمالية حربًا على نظريتها الجنوبية واستطاعت قضم جزء كبير من اراضيها بدعمٍ صيني وسوفياتي، فتدخلت اميركا عبر مجلس الامن لوقف اطلاق النار واعلان هدنة الا ان الشمالية لم تستجب فاضرت الولاات المتحدة الى التدخل بشكل علني لوقف التمدد الشيوعي. وبالفعل في عام 1951 بدأت مفاوضات سلام بين الاطراف المتنازعة وبعد عامين وقع اتفاق هدنة وتم وضع منطقة منزوعة السلاح بين الدولتين.
الاتحاد مستحيل
لم يتغير الوضع الكوري كثيرًا اليوم، فلا تزال الدولتين في حرب مستمرة غير معلنة بسبب عدم وجود معاهدة سلام بينهما.
لا شك ان الطرفان يحلمان باعادة توحيد شبه الجزيرة بالكامل الا ان كل المحاولات باءت بالفشل. الا ان كوريا الشمالية كانت ولا تزال تعيش في عزلة دولية وتتهم اميركا بالتوترات المتسمرة في شبه الجزيرة. ويمضي الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ-اون قدما في تطوير برنامجه النووي والبالستي على الرغم من العقوبات الدولية. اما كوريا الجنوبية انفتحت اكثر دوليًا وطورت اقتصادها الذي يعد اليوم من اقوى 20 اقتصاد في العالم هذا واهتمت اكثر باجراء اصلاحات داخلية وتعزيز التعليم والرفاهية لشعبها اضافة الى تطويرها لبرنامجها البالستي واجرائها لتجارب عدة اعتبرتها نظيرتها الشمالية تهديدًا لها.
في ظل معركة النفوذ الدولية على شبه الجزيرة الكورية وسباق التسلح بين الكوريتين تبقى قضية الاتحاد شبه مستحيلة، ويعيش الشعبين على امل لم الشمل يومًا ما.