وسطَ تفاقم المخاوف الغربية من التقدم في المجال النووي الذي تحققه إيران، وفيما وضعت طهران شروطا عدة قبيل الجولة السابعة من مفاوضات فيينا عدها محللون محاولة صريحة لإجهاضها وكسب مزيد من الوقت لتسريع وتيرة برنامجها النووي وكذلك عدم رفع القوى الدولية المفاوضة من سقف مطالبها, كشف المتحدث باسم هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، عن أن الغرب ليس لديه خيار سوى التعامل مع طهران، وأن الوقت يمر لصالحها.
ولكن ماذا تقصد إيران بهذا التصعيد؟ هل تحاول شن حرب نفسية قبيل جولة فيينا الاثنين؟ أم انه إنذار بفشل جديد للمفاوضات؟
يؤكد الخبير في الشؤون الإقليمية، الدكتور طلال عتريسي، في حديث لـ"جسور"، أن "الضغط والتصعيد الحاصل عشية المفاوضات وقبلها هو أمر طبيعي، ولكنه لن يؤثر لا على الولايات المتحدة ولا على إيران، كما لن يغير شيئاً بمسار المفاوضات".
ويقول عتريسي إن "إيران لن تناقش المنشآت الإيرانية وتخصيب اليورانيوم وغيره، قبل أن تعود الولايات المتحدة إلى الإتفاق النووي التي خرجت منه، وأن ترفع عنها كل العقوبات التي فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
من جهتها، تنتظر أميركا من إيران أن تظهر حسن نوايا من خلال فتح المنشآت أمام الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتفتيش الدولي، وفتح المجال لمناقشة قضايا عالقة أخرى معها، كالصواريخ البالستية ونفوذ إيران في المنطقة، إلّا أن طهران تعارض هذا الأمر".
ويشير عتريسي إلى أن "الإدارة الجديدة في طهران لا تمانع التفاوض مع أميركا، لكنها لن تقبل بإضافة أي ملف آخر إلى المفاوضات وتريد ضمانات بأن أميركا لن تخرج مجددا من الاتفاق النووي".
وكشف عتريسي عن "صيغة مقترحة كحل وسط وهي إفراج أميركا عن قسم مهم من الأموال المحتجزة ورفع العقوبات مقابل توقف إيران عن التخصيب"، مؤكدا أن "لقاء الاثنين لن يكون الأخير".
محادثات فيينا
وأفاد مصدر دبلوماسي بأن المحادثات الدولية في فيينا حول إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 ستستأنف الإثنين بعد أشهر من تعليقها.
وسترسل الولايات المتحدة وفدا برئاسة مبعوثها الخاص إلى إيران روب مالي ليشارك في المحادثات بشكل غير مباشر.
وكان سفير روسيا لدى الأمم المتحدة في فيينا ميخائيل أوليانوف قد قال هذا الأسبوع إنه من المتوقع عقد "اجتماعات غير رسمية" بين المشاركين قبل المحادثات الرسمية التي ستنظم في فندق قصر كوبورغ بالعاصمة النمساوية.
وأشار أوليانوف إلى أن استئناف المحادثات يأتي بعد أكثر من خمسة أشهر على تعليقها، "وهي فترة توقف طويلة للغاية".
وكتب أوليانوف على تويتر "المحادثات لا يمكن أن تستمر إلى الأبد. هناك حاجة واضحة لتسريع المسار".
وسبق لوسائل إعلام إيرانية أن ذكرت أن كبير المفاوضين في الملف علي باقري وصل إلى فيينا، بعد أيام من زيارته للكويت والإمارات العربية المتحدة.
ووضع اتفاق 2015 المسمى رسميا خطة العمل الشاملة المشتركة، لمنع إيران من تطوير سلاح نووي من خلال فرض قيود صارمة على برنامجها مقابل رفع بعض العقوبات، لكنه انهار عام 2018 عندما سحب الرئيس الأميركي حينها دونالد ترامب بلاده أحاديا منه.
وبعد عام، بدأت إيران بالتراجع عن التزاماتها الواردة في النص. وأعرب الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن عن رغبته في أن تعود بلاده إلى الاتفاق، لكن لم يتحقق تقدم يذكر منذ وصوله إلى المنصب.
تصعيد إيراني
وأشار المتحدث باسم هيئة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي في وقت سابق الى أن بلاده "تمتلك قدرات صنع السلاح النووي منذ مدة طويلة، لكن العقيدة وتعليمات قائد الثورة تمنع الحصول عليه".
وأشار كمالوندي خلال مقابلة مع وكالة أنباء الطلبة (إسنا)، إلى أن "الغرب ليس لديه خيار سوى التعامل مع إيران" معتبراً أن "الادعاءات ضد برنامج إيران النووية مكررة وأن الوقت يمر لصالحها".
أما رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي فقال في مقابلة تلفزيونية ، إن "الأطراف الأخرى لم تفِ بتعهداتها المنصوص عليها في الاتفاق النووي، بل أصبحت طرفا مدعيا"، مضيفاً "هذا ما يفسر الأجواء السلبية والإعلامية ضدنا".
كما اعتبر أن "اغتيال علماء إيران النوويين لم يؤد لإضعاف برنامجها النووي، بل لتقوية وتوسعة أنشطتها النووية السلمية".
وتوقفت المفاوضات النووية في 20 يونيو\ حزيران الماضي بطلب من إيران، فيما يترقب المجتمع الدولي جولة جديدة مقررة الاثنين في 29 نوفمبر\ تشرين الثاني الجاري وسط مخاوف من قرب طهران امتلاك سلاح نووي.