دخلت الأزمة الأوكرانية- الروسية يومها الثالث على وقع القصف الروسي الشديد لكييف وسقوط قتلى مدنيين أوكرانيين وعسكرين من الجانبين. ومنذ اندلاع الأزمة، ورغم إبداء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، استعداد بلاده لعقد مفاوضات مع أوكرانيا؛ في مقابل دعوة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، نظيره الروسي للجلوس إلى طاولة المفاوضات ووقف الأعمال العسكرية؛ لم تتوقف حرب التصريحات المندلعة على الجبهة الرئاسية بين كييف وموسكو.
في خطابه الأخير، حاول بوتين مقاربة الحرب على أوكرانيا من الجانب التاريخي مكرراً كلمات "النازية" و"النازيين الجدد" أكثر من مرة. وصوّر بوتين الحرب كضرورة لا خيار، مذكراً الشعب الروسي بالاجتياح النازي في أربعنيات القرن الماضي، الذي كلّف الاتحاد السوفياتي ملايين الأرواح موضحاً أنه "لن يسمح بتكرار هذا الخطأ مرة ثانية". ومن ذرائع الحرب التي حدّدها بوتين، "نزع سلاح أوكرانيا وإزالة الطابع النازي عنها" اذ اعتبر أن دول حلف شمال الأطلسي في سبيل تحقيق أهدافها الخاصة، دعمت القوميين المتطرفين في أوكرانيا.
ورداً على خطاب الرئيس الروسي، أكد الأكاديمي والباحث السياسي، الدكتور خليل عزيمة من كييف، في حديث لـ "جسور"، أن "بوتين يحاول دغدغة مشاعر المواطنين من بوابة القومية الروسية لخلق حاضنة شعبية لما يقوم به في اوكرانيا من انتهاكات خصوصاً بعد التظاهرات الغاضبة والداعية لوقف الحرب في سانت بطرسبورغ".
واعتبر عزيمة أن التصريحات الروسية مضحكة اذ قال: "تدعو التصريحات الروسية حول تغيير الرئيس الأوكراني وتعين آخر للسخرية؛ من المضحك أن يُقال رئيس منتخب من الشعب ليحل مكانه آخر معين هل هذه هي الديمقراطية الروسية؟".
وأشار عزيمة، إلى أن بوتين يعتريه الخوف من انتقال "العدوة الدمقراطية" من كييف الى موسكو، "ما حصل في كييف عام 2014 واتباعها النهج الاورومتوسطي أخاف بوتين ودفع به نحو عدم الإعتراف بدولة اوكرانيا انطلاقاً من أحلامه التوسعية لإعادة احياء الامبراطورية الروسية والهيمنة على المنطقة".
وشدد عزمية على حق اوكرانيا وصف بوتين بالنازي، "بوتين من يعتدي على دولة مستقلة ويضرب الصواريخ البالستية على الاحياء المدنية وبوتين من ينتهك سيادة أوكرانيا لا العكس لذلك من حقها وصفه بالنازي ومن حق الشعب الأوكراني الدفاع عن بلده وتقرير مصيره".
حرب شاملة
في الشق السياسي، وبعد تراجع الغرب عن دعم كييف وحصر المواجهة مع روسيا بالعقوبات، جزم الباحث السياسي خليل عزيمة لـ "جسور"، أن "الموقف الأوروبي والولايات المتحدة لم يكن مفاجئاً وخاصة التصريحات الصادرة عن الرئيس جو بايدن بعدم ارسال قوات الى اوكرانيا وحصر المواقف بالاستنكار والعقوبات".
وبحسب عزيمة، "ما حصل في كييف هو المفاجىء، اذ كان من المرجح سقوط العاصمة الأوكرانية في خلال 24 ساعة كما خطط؛ لم تكن تعتبر القوات الروسية ان غزو أوكرانيا أمر صعب نظراً لقدراتها العسكرية الكبيرة إلا أنها اليوم تدفع ثمن هذا الغزو بآلاف القتلى العسكريين خصوصاً بعد معركة الأمس".
ويجد عزيمة في العقوبات التي يلوح بها الغرب صعوبة في وقف ما يحصل في أوكرانيا، "لن تكون العقوبات كافية الا إذا كانت أكثر قساوة وشاملة على أن يلتف المجتمع الدولي للضغط في اتجاه موحد منعاً للمد الروسي الذي يموله بعد الاثرياء المقربين من بوتين".
وأضاف،"تحدثت بعد المصادر الروسية عن تحشييد بعض الارهابيين في الشيشان وكازاخستان ليقاتلوا الى جانب الروس في أوكرانيا هذا الامر لا يبشر بالخير وسيتطور الوضع حتماً ليصل الى الحدود الاوروبية واجتياح دول البلطيق وبولندا في حال استمر الصمت الاوروبي".
واستطرد قائلاً: "هل غزى بوتين أوكرانيا من دون ضوء أخضر اميركي؟ برأي لا". وأضاف، "الضوء الأخضر الأميركي الذي حصل عليه بوتين لغزو أوكرانيا لن يلتزم بقواعده الرئيس الروسي بسبب نشوة الانتصار التي تتملكه لذلك ستدخل المنطقة حرب كبيرة ستصل تداعياتها إلى العالم وتحديداً إلى الشرق الاوسط الذي يعاني من درك اقتصادي وسياسي واختلال امني وصولاً إلى بلورة منظومة عالمية جديدة".
استئصال التطرف؟
في المقابل، وصف الصحافي والمحلل السياسي، حسان هاشم من موسكو، في حديثٍ لـ "جسور"، ما يحدث بين روسيا وأوكرانيا بـ "عملية جراحية شبه دقيقة"، معتبراً أن "ما يحصل لا يدخل في خانة الصراع وهذا ما أكدته الإدارة الروسية عندما أعلنت إنطلاق عملية عسكرية خاصة في أوكرانيا".
وتحدث هاشم عن أهداف هذه العملية العسكرية مؤكداً أنها "تسعى لإستئصال تيار ذو نزعة قومية متطرفة أو يمكن القول النازية الجديدة التي ظهرت في أوكرانيا منذ 8 سنوات واستولت على السلطة رغماً عن الشعب الأوكراني الذي يكن بمعظمه مشاعرالأخوة ووحدة التاريخ مع الشعب الروسي". وأدرف قائلاً: "غالبية الشعب الأوكراني تريد السلام وتحقيق علاقات سليمة وجيدة مع روسيا وحتى مع المحيط الشرقي بعيداً عن الذل الغربي والتبعية والتطرف الذي أججه الغرب".
واتهم هاشم الغرب بتحشيد الأسلحة والوسائل الإعلامية وتغليب النزاعات القومية في أوكرانيا وخصوصاً لدى بعض المسؤولين في السلطة وعلى "رأسهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينيسكي الذي أتى بدعم غربي فاضح حتى لو عن طريق الإنتخابات والسبل الديمقراطية".
"العصا الغليظة"
منذ بداية الحديث عن الرد الغربي لأي عدوان روسي على أوكرانيا، برزت العقوبات الاقتصادية كأداة رئيسية في ترسانة الغرب للتعامل مع روسيا، وقد طُرح ملف الطاقة، وتحديداً إمدادات النفط والغاز الروسي، كورقة مساومة أساسية في هذا الإطار.
في السياق، رد هاشم بأن "أي عقوبات ستطاول الاقتصاد الروسي سيتأثر الإقتصاد العالمي والغربي تحديداً بها. وأضاف شارحاً، "الاقتصاد الروسي مرتبط بمحيطه، لكن العصا الغليظة التي يلوح بها الغرب منذ سنوات طويلة وتتمثل بقطع امدادات الغاز الروسي الذي يشكل بدوره مورد كبير للخزينة الروسية ستضر حتماً روسيا لكنها ستؤثر على الإقتصاد الغربي المعتمد على الغاز الروسي بطريقة أو بأخرى".
واعتبر الهاشم أن "العقوبات لن تنال من موسكو فقط على اعتبار أن شريان الحياة الرئيسي للتدفئة والصناعة والطاقة مصدره روسيا وبنسب مرتفعة وباعتراف غربي لذلك الضرر سيطال كل الدول لا نظام الرئيس بوتين كما يتم التسويق له".
في خطابه الأخير، حاول بوتين مقاربة الحرب على أوكرانيا من الجانب التاريخي مكرراً كلمات "النازية" و"النازيين الجدد" أكثر من مرة. وصوّر بوتين الحرب كضرورة لا خيار، مذكراً الشعب الروسي بالاجتياح النازي في أربعنيات القرن الماضي، الذي كلّف الاتحاد السوفياتي ملايين الأرواح موضحاً أنه "لن يسمح بتكرار هذا الخطأ مرة ثانية". ومن ذرائع الحرب التي حدّدها بوتين، "نزع سلاح أوكرانيا وإزالة الطابع النازي عنها" اذ اعتبر أن دول حلف شمال الأطلسي في سبيل تحقيق أهدافها الخاصة، دعمت القوميين المتطرفين في أوكرانيا.
الدمقراطية العدوة
ورداً على خطاب الرئيس الروسي، أكد الأكاديمي والباحث السياسي، الدكتور خليل عزيمة من كييف، في حديث لـ "جسور"، أن "بوتين يحاول دغدغة مشاعر المواطنين من بوابة القومية الروسية لخلق حاضنة شعبية لما يقوم به في اوكرانيا من انتهاكات خصوصاً بعد التظاهرات الغاضبة والداعية لوقف الحرب في سانت بطرسبورغ".
واعتبر عزيمة أن التصريحات الروسية مضحكة اذ قال: "تدعو التصريحات الروسية حول تغيير الرئيس الأوكراني وتعين آخر للسخرية؛ من المضحك أن يُقال رئيس منتخب من الشعب ليحل مكانه آخر معين هل هذه هي الديمقراطية الروسية؟".
وأشار عزيمة، إلى أن بوتين يعتريه الخوف من انتقال "العدوة الدمقراطية" من كييف الى موسكو، "ما حصل في كييف عام 2014 واتباعها النهج الاورومتوسطي أخاف بوتين ودفع به نحو عدم الإعتراف بدولة اوكرانيا انطلاقاً من أحلامه التوسعية لإعادة احياء الامبراطورية الروسية والهيمنة على المنطقة".
وشدد عزمية على حق اوكرانيا وصف بوتين بالنازي، "بوتين من يعتدي على دولة مستقلة ويضرب الصواريخ البالستية على الاحياء المدنية وبوتين من ينتهك سيادة أوكرانيا لا العكس لذلك من حقها وصفه بالنازي ومن حق الشعب الأوكراني الدفاع عن بلده وتقرير مصيره".
حرب شاملة
في الشق السياسي، وبعد تراجع الغرب عن دعم كييف وحصر المواجهة مع روسيا بالعقوبات، جزم الباحث السياسي خليل عزيمة لـ "جسور"، أن "الموقف الأوروبي والولايات المتحدة لم يكن مفاجئاً وخاصة التصريحات الصادرة عن الرئيس جو بايدن بعدم ارسال قوات الى اوكرانيا وحصر المواقف بالاستنكار والعقوبات".
وبحسب عزيمة، "ما حصل في كييف هو المفاجىء، اذ كان من المرجح سقوط العاصمة الأوكرانية في خلال 24 ساعة كما خطط؛ لم تكن تعتبر القوات الروسية ان غزو أوكرانيا أمر صعب نظراً لقدراتها العسكرية الكبيرة إلا أنها اليوم تدفع ثمن هذا الغزو بآلاف القتلى العسكريين خصوصاً بعد معركة الأمس".
ويجد عزيمة في العقوبات التي يلوح بها الغرب صعوبة في وقف ما يحصل في أوكرانيا، "لن تكون العقوبات كافية الا إذا كانت أكثر قساوة وشاملة على أن يلتف المجتمع الدولي للضغط في اتجاه موحد منعاً للمد الروسي الذي يموله بعد الاثرياء المقربين من بوتين".
وأضاف،"تحدثت بعد المصادر الروسية عن تحشييد بعض الارهابيين في الشيشان وكازاخستان ليقاتلوا الى جانب الروس في أوكرانيا هذا الامر لا يبشر بالخير وسيتطور الوضع حتماً ليصل الى الحدود الاوروبية واجتياح دول البلطيق وبولندا في حال استمر الصمت الاوروبي".
واستطرد قائلاً: "هل غزى بوتين أوكرانيا من دون ضوء أخضر اميركي؟ برأي لا". وأضاف، "الضوء الأخضر الأميركي الذي حصل عليه بوتين لغزو أوكرانيا لن يلتزم بقواعده الرئيس الروسي بسبب نشوة الانتصار التي تتملكه لذلك ستدخل المنطقة حرب كبيرة ستصل تداعياتها إلى العالم وتحديداً إلى الشرق الاوسط الذي يعاني من درك اقتصادي وسياسي واختلال امني وصولاً إلى بلورة منظومة عالمية جديدة".
استئصال التطرف؟
في المقابل، وصف الصحافي والمحلل السياسي، حسان هاشم من موسكو، في حديثٍ لـ "جسور"، ما يحدث بين روسيا وأوكرانيا بـ "عملية جراحية شبه دقيقة"، معتبراً أن "ما يحصل لا يدخل في خانة الصراع وهذا ما أكدته الإدارة الروسية عندما أعلنت إنطلاق عملية عسكرية خاصة في أوكرانيا".
وتحدث هاشم عن أهداف هذه العملية العسكرية مؤكداً أنها "تسعى لإستئصال تيار ذو نزعة قومية متطرفة أو يمكن القول النازية الجديدة التي ظهرت في أوكرانيا منذ 8 سنوات واستولت على السلطة رغماً عن الشعب الأوكراني الذي يكن بمعظمه مشاعرالأخوة ووحدة التاريخ مع الشعب الروسي". وأدرف قائلاً: "غالبية الشعب الأوكراني تريد السلام وتحقيق علاقات سليمة وجيدة مع روسيا وحتى مع المحيط الشرقي بعيداً عن الذل الغربي والتبعية والتطرف الذي أججه الغرب".
واتهم هاشم الغرب بتحشيد الأسلحة والوسائل الإعلامية وتغليب النزاعات القومية في أوكرانيا وخصوصاً لدى بعض المسؤولين في السلطة وعلى "رأسهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينيسكي الذي أتى بدعم غربي فاضح حتى لو عن طريق الإنتخابات والسبل الديمقراطية".
"العصا الغليظة"
منذ بداية الحديث عن الرد الغربي لأي عدوان روسي على أوكرانيا، برزت العقوبات الاقتصادية كأداة رئيسية في ترسانة الغرب للتعامل مع روسيا، وقد طُرح ملف الطاقة، وتحديداً إمدادات النفط والغاز الروسي، كورقة مساومة أساسية في هذا الإطار.
في السياق، رد هاشم بأن "أي عقوبات ستطاول الاقتصاد الروسي سيتأثر الإقتصاد العالمي والغربي تحديداً بها. وأضاف شارحاً، "الاقتصاد الروسي مرتبط بمحيطه، لكن العصا الغليظة التي يلوح بها الغرب منذ سنوات طويلة وتتمثل بقطع امدادات الغاز الروسي الذي يشكل بدوره مورد كبير للخزينة الروسية ستضر حتماً روسيا لكنها ستؤثر على الإقتصاد الغربي المعتمد على الغاز الروسي بطريقة أو بأخرى".
واعتبر الهاشم أن "العقوبات لن تنال من موسكو فقط على اعتبار أن شريان الحياة الرئيسي للتدفئة والصناعة والطاقة مصدره روسيا وبنسب مرتفعة وباعتراف غربي لذلك الضرر سيطال كل الدول لا نظام الرئيس بوتين كما يتم التسويق له".