اتهمت كييف موسكو بقصف مسرح لجأ إليه "أكثر من ألف" مدني، في حين وصف الرئيس الاميركي جو بايدن نظيره الروسي فلاديمير بوتين بأنه "مجرم حرب".
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي "في ماريوبول ألقى سلاح الجو الروسي عمدا قنبلة على مسرح الدراما في وسط المدينة والمبنى دمر"، مضيفا أن "عدد القتلى لم يعرف بعد" وسط سقوط "مئات" الضحايا. وتابع زيلينسكي "يجب على العالم أن يعترف أخيرا بأن روسيا أصبحت دولة إرهابية".
"إبادة جماعية"
وأكدت بلدية ماريوبول على حسابها على تطبيق تلغرام ليل الأربعاء - الخميس إن "أكثر من ألف" شخص كانوا داخل المسرح.
ورأى رئيس بلدية ماريوبول فاديم بويتشنكو، أن هذا الهجوم هو "مأساة مروعة"، وأضاف في تسجيل فيديو أن "الناس كانوا مختبئين هناك، بعضهم حالفهم الحظ بالبقاء على قيد الحياة لكن للأسف هذا لا ينطبق على الجميع". وتابع أن "الكلمة الوحيدة لوصف ما حدث اليوم هي إبادة جماعية... إبادة جماعية لأمتنا وشعبنا الأوكراني".
من جهتها، نفت وزارة الدفاع الروسية قصف المدينة من قبل قواتها وقالت إن كتيبة آزوف القومية الأوكرانية دمرت المبنى.
وذكرت المنظمة غير الحكومية "هيومن رايتس ووتش" أنها في حاجة إلى مزيد من المعلومات لتقييم الوضع في ماريوبول، وقالت "قبل أن نعرف المزيد لا يمكننا استبعاد احتمال وجود هدف عسكري أوكراني في منطقة المسرح، لكننا نعلم أن المسرح كان يضم 500 مدني على الأقل".
وقُتل أكثر من ألفي شخص في ماريوبول منذ بداية الحرب، حسب السلطات الأوكرانية.
"مجرم حرب"
وفي واشنطن، قال الرئيس الأميركي ردا على سؤال لصحافي عن نظيره الروسي "إنه مجرم حرب"، ورد الكرملين بالتأكيد أن هذه التصريحات "غير مقبولة ولا تغتفر".
قبيل ذلك، أكد بايدن أن بلاده ستقدم مساعدات عسكرية إضافية بقيمة 800 مليون دولار إلى كييف، مشيرا إلى مبلغ "غير مسبوق" بقيمة مليار دولار في أسبوع واحد لدعم جيش كييف.
وقال بايدن إنه "بطلب" من الرئيس الأوكراني الذي ألقى خطابا أمام الكونغرس الأميركي قبل ذلك "نحن نساعد أوكرانيا في الحصول على أنظمة دفاعية إضافية مضادة للطائرات بمدى أبعد"، وأضاف أنه سيتم تسليم كييف "طائرات مسيرة أيضا".
عمليات مميتة
إلى ذلك، استمرت الضربات العسكرية الروسية المميتة في كل أنحاء أوكرانيا.
وقالت النيابة العامة إن عشرة أشخاص كانوا ينتظرون في طابور لشراء الخبز في تشيرنيهيف (150 كلم شمال كييف) قتلوا عندما فتح الجنود النار عليهم "عمدا".
وتتعرض هذه المدينة لعدد كبير من الغارات الجوية، مثل خاركيف (شمال شرق) ثاني أكبر مدينة في البلاد قتل فيها 500 شخص على الأقل منذ بدء الحرب في 24 شباط/فبراير.
واستهدفت زابوريجيا للمرة الأولى وأصيبت محطة القطارات فيها الأربعاء بصاروخ واحد على الأقل، كما سُمع دوي انفجارات مرة أخرى فجر الأربعاء في كييف حيث تصاعدت أعمدة كثيفة من الدخان الأسود.
وتخضع العاصمة التي خلت من أكثر من نصف سكانها البالغ عددهم 3,5 مليون نسمة لحظر تجول منذ الساعة 20,00 (18,00 ت غ) الثلاثاء وحتى الساعة 07,00 (05,00 ت غ) الخميس بعدما أصابت صواريخ مبان سكنية الاثنين والثلاثاء.
وذكر البرلمان الأوكراني نقلا عن أرقام جمعتها النيابة العامة أن 103 أطفال قتلوا وجرح حوالى مئة آخرين في البلاد منذ الغزو الروسي.
ورحل أكثر من ثلاثة ملايين أوكراني هربا من القصف، توجه معظمهم إلى بولندا.
استهداف النظام الصحي
في الوقت نفسه، دانت منظمة الصحة العالمية الهجمات العسكرية على البنى التحتية الصحية.
وقال مايكل راين رئيس الطوارئ في منظمة الصحة العالمية إن "النظام الصحي أصبح هدفا وبدأ يشكل جزءا من استراتيجية الحرب وتكتيكاتها"، معتبرا ذلك "غير مقبول إطلاقا ومخالفا للقانون الإنساني الدولي".
وفي الإطار، أمرت محكمة العدل الدولية أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، الأربعاء موسكو بوقف عملياتها العسكرية على الفور في أوكرانيا، مؤكدة أنها "قلقة جدا" من حجم المعارك، لكن بوتين أكد أن العملية العسكرية "ناجحة"، بينما لا يستطيع جيشه إعلان سيطرته على أي مدينة رئيسية ويتقدم ببطء.
وقبيل ذلك، تلقى نظيره الأوكراني ترحيبا حارا خلال إلقائه خطابا عبر الفيديو أمام البرلمانيين الأميركيين دعا فيه مجددا إلى إنشاء منطقة حظر طيران فوق بلاده.
رفض بايدن
ويرفض بايدن حتى الآن فكرة إنشاء مثل هذه المنطقة حتى لا تنجر الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو) الذي كرر الأربعاء أنه "لا توجد مسألة نشر قوات الناتو أو الطائرات في أوكرانيا"، إلى نزاع قد يتحول إلى حرب عالمية ثالثة.
استمرار المحادثات
في المقابل، لم يمنع الهجوم تصميم المعسكرين على مواصلة محادثات أعيد إطلاقها الإثنين عبر الفيديو على مستوى وفود.
وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن المفاوضين يناقشون الآن "تسوية" تجعل أوكرانيا دولة محايدة على غرار السويد والنمسا.
وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن "هناك صيغا عملية جدا، أعتقد أنها قريبة من اتفاق".
وقال زيلينسكي مساء الأربعاء إن "أولوياتي في هذه المفاوضات واضحة: إنهاء الحرب وضمانات أمنية والسيادة واستعادة وحدة وسلامة أراضينا وضمانات حقيقية لبلدنا وحماية حقيقية لبلدنا".
وكان قد صرح مساء الثلاثاء أن مواقف المعسكرين أصبحت الآن "أكثر واقعية". وقال زيلينسكي قبل ذلك إنه مستعد للتخلي عن أي انضمام لبلده إلى الناتو، الذي كان سبب الحرب بالنسبة إلى روسيا.
اجتماع طارئ
ودعت بريطانيا والولايات المتحدة وألبانيا وفرنسا والنروج وإيرلندا إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي بعد ظهر الخميس.
وقالت البعثة البريطانية إلى الأمم المتحدة ان "روسيا ترتكب جرائم حرب وتستهدف المدنيين" واضافت "الحرب التي تشنّها روسيا خلافا للقانون في أوكرانيا تشكل تهديدا لنا جميعا"، داعية إلى عقد اجتماع طارئ.