انخفض الدولار بشكل حاد بعد أن ارتفعت أسعار المستهلكين الأميركيين أقل من المتوقع الشهر الماضي في الوقت الذي أشارت فيه بيانات إلى أن التضخم الأساسي قد بلغ ذروته بالفعل، مما يمهد الطريق أمام مجلس الاحتياطي الفيدرالي لإبطاء وتيرة زياداته الكبيرة في أسعار الفائدة.
وأعلنت وزارة العمل الأميركية أن مؤشر أسعار المستهلكين في اثني عشر شهراً حتى أكتوبر زاد 7.7% بعد أن إرتفع إلى 8.2% على الأساس نفسه في سبتمبر/أيلول الماضي وهي المرة الأولى منذ فبراير /شباط التي يسجل فيها المؤشر زيادة سنوية بأقل من 8%.
كما شهدت أسواق العملات المشفّرة بوادر انهيار خلال الساعات الماضية، مع خسائر حادة تخطت خلال تعاملات شديدة التذبذب 13% لعملات «بتكوين» و«إيثريوم»، فيما فاقت خسائر عملة «إف تي إكس» المشفرة ال43%، وقد انطلقت موجة التخلص من العملات المشفّرة بعد لحظات من إعلان شركة تداول العملات الرقمية «بينانس» الانسحاب من صفقة الاستحواذ على منافستها «إف تي إكس» مساء الأربعاء.
إرتفاع نسب الفوائد
في هذا السياق، يؤكد الخبير الإقتصادي الدكتور غابي بجاني في حديث لـ"جسور" أن العُمُلات الرقمية تتأثر بعوامل عدة إقتصادية، سياسية، تقنية ونفسية. فبالنسبة للدولار الأميركي، يتم التركيز حاليا على أسعار الفائدة فهنالك تضخم في الولايات المتحدة وقد إزداد خلال الأشهر الستة الماضية مما أدى إلى الإرتفاع في الفوائد. مضيفا أن السلطات النقدية الأميركية قد بدأت بسلسلة إجراءات لرفع الفوائد وهو إجراء جيد وقد تمكن من الحدّ من وتيرة التضخم التي إنخفضت من 8.2% الشهر إلى 7.7%.
بينما أشار إلى الزحم الذي أعطاه إرتفاع نسب الفوائد إلى الدولار، خاصة مقابل العملات الأخرى كاليورو والذي إنخفض من 1.07 مقابل الدولار الواحد وصولا إلى 0.95.
كما عزا إنخفاض أسعار العملات الرقمية كالبيتكوين إلى تحسن الأرقام الإقتصادية الأميركية كإنخفاض البطالة وبالتالي تحسن واقع السوق ما يؤدي إلى خاسر وحيد وهو العملات الرقمية خاصة أنها لا تملك خلفية إقتصادية.
هروب الرساميل
وعن سياسات الإدارات الأميركية الإقتصادية أكانت جمهورية أو ديموقراطية، فرأى أنه يمكن ربطها تاريخيا بسياسات اليسار واليمين. غير أن سياسات اليسار الداعية إلى رفع الضرائب قد تؤدي إلى هروب الرساميل من البلاد إلى بيئات آمنة أخرى ومن هنا تتعالى صرخات الجمهوريين.
وأكد بجاني أن سياسة البنك المركزي الأميركي مستقلة تماما عن أية تدخلات من قبل أي من الحزبين وكونه إقتصاد رأسمالي ليس محبذا رفع الضرائب بشكل كبير فيؤدي إلى ركود صارخ خصوصا أن الإقتصاد الأميركي من أكبر إقتصادات العالم.
وارتفع الدولار أكثر من 16 بالمئة هذا العام لكنه فقد بعض زخمه في الأسابيع الأخيرة وسط آمال في أن يبدأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي في تقليل حجم زياداته في أسعار الفائدة بعد أربع زيادات متتالية بمقدار 75 نقطة أساس.