بينما تواجه إيران والولايات المتحدة صعوبة في التغلب على الخلافات المتعلقة بقضايا أساسية في المحادثات غير المباشرة لإحياء الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015، دخل دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي على الخط في محاولة لكسر الجمود الحاصل بين الطرفين. وكشف الاتحاد الأوروبي أنه قدم "نصاً نهائياً" بعد محادثات غير مباشرة استمرت أربعة أيام بين مسؤولين أميركيين وإيرانيين في فيينا، لترد الجمهورية الإسلامية الإيرانية خطيا عليه، وتعلن أنه "سيتم التوصل إلى اتفاق إذا كان الرد الأميركي يتسم بالواقعية والمرونة".
رد طهران اعتبره الكثيرون مبشّراً، وترافق مع إعلان وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبداللهيان، في مؤتمر صحافي، ان إيران تتبادل الرسائل مع الولايات المتحدة من خلال الوساطة بشأن ثلاث قضايا متبقية، إحداها "الضمانات". وأضاف عبداللهيان أن "الجانب الأميركي أبدى مرونة في مسألتين تم أخذهما في الاعتبار ويحتاجان الآن إلى إبداء المرونة فيما يتعلق بالضمانات".
مصالح إقتصادية
رئيس المرصد اللبناني للعلاقات الدولية والاستراتيجية الدكتور وليد عربيد، لم يستبعد في حديث لـ"جسور"، "إعادة إحياء الاتفاق النووي، باعتبار أنه إذا وافقت الولايات المتحدة الأميركية على الشروط الإيرانية، فطهران ستوقع". وعن سبب تدخل الإتحاد الأوروبي لكسر الجمود الحاصل بين طهران وواشنطن، قال إن "الاتحاد الأوروبي يعلم أين مصالحه الاقتصادية اليوم، خصوصا بعد أزمة الغاز والبترول مع روسيا، حيثُ أصبح بحاجة إلى الغاز والبترول الإيراني، كما ان أوروبا باتت تسعى للحصول على دور في العلاقات الدولية منذ ما قبل الخلافات بين أميركا وإيران". وأكد أن "أوروبا اليوم أمام أزمة إقتصادية إجتماعية، ستنكشف معالمها مع بداية فصل الشتاء"، لافتاً إلى أن "تقنين الكهرباء والغاز بدأ في ألمانيا وفرنسا". وسأل، "هل تسعى أوروبا أن تكون قطبا إلى جانب أميركا بالنسبة إلى الغرب؟"
مرونة مفيدة
وكان وزير الخارجية الإيرانية قال إن واشنطن وافقت شفهيا على مطلبين من مطالب بلاده خلال مفاوضات فيينا، معتبرا أنه يجب تحويل الموافقة الشفهية إلى نص رسمي واضح وملزم. وأضاف، "وصلنا إلى بداية النهاية لإبرام الاتفاق، لكن ذلك مرهون بالموقف الأميركي"، مشيراً إلى أن الطرف الآخر يتحدث عن خطة بديلة في حال فشل الاتفاق، وأن بلاده لديها خطة بديلة أيضا. وشدد على ضرورة توفر آلية واضحة للتحقق من رفع العقوبات في أي اتفاق يتم التوصل إليه. ورأى الوزير أن على واشنطن إبداء مرونة مفيدة لكونها على عتبة انتخابات نصفية وتعاني مشكلة حادة في الوقود، حسب تعبيره.
خطة شاملة
وأبرمت إيران وست قوى كبرى، هي بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة، خطة العمل الشاملة المشتركة. ووافقت بموجبها على تقييد برنامجها النووي للحد من تطوير أسلحة ذرية، مقابل تخفيف عقوبات فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. وفي عام 2018 انسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق، وأعاد فرض عقوبات أميركية قاسية تهدف إلى تقويض صادرات النفط الإيرانية، المصدر الرئيسي لدخل إيران.
وردا على تلك الخطوة، بدأت طهران، التي تقول إن برنامجها النووي لتوليد الطاقة ولأغراض سلمية أخرى، بعد نحو عام، بالتراجع عن التزامها، بما في ذلك إعادة بناء مخزون اليورانيوم المخصب. ويصل معدل تخصيب اليورانيوم في إيران وفق الاتفاق النووي الى 3.67 في المئة، لكنه ارتفع إلى 20 في المئة في أوائل عام 2021. ثم تجاوز عتبة غير مسبوقة بلغت 60 في المئة. وتقول تقارير إنه اقترب من نسبة 90 في المئة اللازمة لصنع قنبلة نووية.