بعد أسبوع من بدء عمليتها، استولت القوات الروسية على خيرسون المدينة الكبيرة في جنوب أوكرانيا قبيل جلسة جديدة من المحادثات بين المفاوضين الروس والأوكرانيين يفترض أن تبحث في وقف إطلاق النار .
وخيرسون هي أكبر مدينة تسيطر عليها القوات الروسية في النزاع الذي أدى منذ بدايته قبل سبعة أيام إلى فرار مليون شخص إلى الدول المجاورة، حسب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي. فما أهمية سقوط خيرسون بيد الجيش الروسي؟
الهدف الرئيسي
وللوقوف عند سقوط خيرسون، أول مدينة كبرى في أوكرانيا بيد الجيش الروسي، يوضح العميد اللبناني المتقاعد نزار عبد القادر لـ"جسور" أن "احتلال مدينة خيرسون لا يشكل هدفاً رئيسياً بالنسبة للجيش الروسي وهو هدف ثانوي في الهجوم على أوكرانيا حيث يبقى الهدف الأساسي في هذه الحرب هو احتلال كييف." ويعتبر أنه إذا كان يجب أن يكون للحرب من هدف سياسي تحققه فإنه يتمثّل بالعاصمة كييف حيث هي مركز الحكم وروسيا تبحث عن وسيلة لتغيير الحكام الحاليين في أوكرانيا والإتيان بأشخاص يخضعون لإرادة موسكو ويراعون المصالح الروسية وهذا الأمر يبدو أنه ما زال مستعص على القوات الروسية تحقيقه . ويضف: "أنه كان يمكن لو حققت القوات الروسية دخولا الى داخل كييف، أن نعتبر ان الهجوم الروسي هو في بدايات تحقيق الإنتصار الأساسي الذي يبحث عنه ولكن حتى الآن لم يتحقّق أي شيء من ذلك. "
كيف ستنتهي الحرب؟
ويشير عبد القادر الى أننا "نعلم كيف بدأت هذه الحرب ولكننا لا نعلم حتى الآن التطورات التي ستشهدها من جهة ولا نعلم بالتأكيد كيف يمكن أن تنتهي"، سائلاً: هل تنتهي بخسارة روسيا للحرب؟ أم نحن أمام مرحلة جديدة هي مرحلة المقاومة التي يمكن أن تستمر لسنوات طويلة وبالنتيجة في حال استمرار المقاومة الأوكرانية بهذا الدعم الكثيف من قبل حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة فضلاً عن الدعم السياسي الذي نالوه في الجمعية العامة للأمم المتحدة قد تؤدّي الى حرب طويلة وقد تؤدي هذه الحرب الى نتائج يمكن أن تذكّر القيادة في موسكو بما حدث للجيش السوفياتي في أفغانستان عام 1979." ويقول: "أوكرانيا ليست بلداً صغيراً ولديها من الدعم المالي والعسكري والسياسي ما يكفي للاستمرار بالمقاومة لسنوات والروس أمام مفاجآت قد تكون قاسية للجيش الروسي."
حرب عالمية ثالثة
وحول فرضية الإنزلاق الى حرب عالمية ثالثة، لا يرى عبد القادر إطلاقاً بأن العالم جاهز لمثل هذه المغامرة الكبرى والتي يمكن ان تؤدي الى تدمير البشرية لأن أي انزلاق للحرب العالمية الثالثة يعني امكانية الانزلاق الى حرب نووية.
ويشير الى "أننا نعلم أن الولايات المتحدة وروسيا كل منهما يملك ما يُدمّر كل الكرة الأرضية وكل الإنسانية"، آملاً في أن تنتصر الحكمة وأن نبتعد عن توسيع الحرب والإبقاء عليها داخل أوكرانيا يعني الصراع المحلي بين القيادة الروسية والقيادة في كييف. ويقول: "إن الولايات المتحدة وأوروبا لا تريدان أي تصعيد في الموقف بانتظار فتح الحوار بين الغرب وروسيا والا سنكون أمام حرب عسكرية من نوع آخر حيث ستشتد المقاومة الأوكرانية من أجل اقناع الاحتلال بالانحصار والعودة الى بلاده."
خيرسون والمحادثات
وأعلن رئيس بلدية خيرسون إيغور كوليخاييف التي يبلغ عدد سكانها 290 ألف نسمة أنه أجرى مناقشات مع "ضيوف مسلحين" في مبنى تابع لإدارة خيرسون، ملمحاً بذلك إلى القوات الروسية من دون أن يسميها. وكتب في رسالة على فيسبوك "لم تكن لدينا أسلحة ولم نكن عدوانيين. أظهرنا أننا نعمل لتأمين المدينة ونحاول التعامل مع عواقب الغزو".
وأعلن الجيش الروسي أنه سيطر على خيرسون الواقعة على مقربة من شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في 2014. وقد تعرضت هذه المدينة الساحلية ومحيطها لقصف كثيف. وجاء التقدم العسكري الروسي على بعد ساعات فقط من محادثات وقف إطلاق النار التي وافقت موسكو على إجرائها. وتجري المفاوضات في مكان في بيلاروسيا "غير بعيد عن الحدود مع بولندا"، على حد تعبير المفاوض الروسي فلاديمير ميدينسكي. ولم تسفر مباحثات أولية جرت الاثنين في بيلاروسيا أيضا، عن نتائج ملموسة، إذ طالبت كييف بإنهاء فوري للغزو بينما كانت روسيا تنتظر استسلاما على ما يبدو. وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن الولايات المتحدة "ستدعم الجهود الدبلوماسية" لأوكرانيا للحصول على وقف لإطلاق النار مع روسيا، وإن كان "تحقيق ذلك أصعب بكثير عندما يطلق الرصاص وتتقدم الدبابات".