فرار رئيس البلاد إلى المالديف وإعلان حال الطوارئ، اقتحام مقر الحكومة، الغطس واللهو في مسبح حديقة القصر الرئاسي وجلوس بعض المتظاهرين على سرير الرئيس، تناول البعض الآخر ما لذ وطاب من مطبخ مقر الرئاسة... إنها ليست مشاهد خيالية في فيلم هوليودي بل احتجاجات ضخمة قادها الشعب السيرلانكي رفضًا لتردّي الأوضاع الاقتصاديّة في البلاد.
وفي جديد تطورات الوضع في سريلانكا، أعلن رئيس البرلمان السريلانكي ماهيندو يابو أبيواردن قبول استقالة الرئيس جوتابايا راجاباكسا، وتحديد موعد لانتخاب رئيس جديد.
وقال رئيس البرلمان السريلانكي إنه "سيتم انتخاب رئيس جديد للبلاد في 20 يوليو/تموز"، بينما أدّى رئيس وزراء سريلانكا رانيل ويكريميسنجه القسم رئيسًا بالنيابة للبلاد.
افلاس البلاد
وفي قراءة تحليلية للحوادث الدراماتيكية في سريلانكا، اعتبر مدير القسم العربي في منتدى باكستان الاستراتيجي والمتابع للشأن السريلانكي حذيفة فريد في حديث لـ"جسور" أن "انفجار الوضع في سريلانكا لم يكن مفاجئًا لأن البلاد تعاني من أزمة اقتصادية خانقة، جعلتها عاجزة عن تسديد ديونها، ناهيك عن انهيار القطاعات كافة وصعوبة الحصول على أبسط الخدمات من الكهرباء إلى الاستشفاء وصولاً الى الوقود."
واستطرد موضحًا "للحصول على مساعدات من صندوق النقد الدولي، يترتّب على سريلانكا القيام بإصلاحات شتى أبرزها محاربة الفساد المستشري في البلاد.
لكن لا يُمكن التعويل فقط على المساعدات الماليّة من صندوق النقد الدولي، لأنها حلول ترقيعيّة وقد تنهض بالاقتصاد لفترة زمنيّة قصيرة."
هدوء بعد "العاصفة"
وفي العاصمة كولومبو، رأى شهود عشرات الأشخاص يغادرون مكتب رئيس الوزراء، في حين قالت متحدثة باسم المتظاهرين "سننسحب بسلام من القصر الرئاسي وأمانة الرئاسة ومكتب رئيس الوزراء فورًا، لكن سنواصل كفاحنا".
وعن الهدوء الذي خيّم على البلاد بعد إخلاء المحتجين المقار الرسميّة، أشار فريد الى أنه "بحسب المراقبين، فإن الحياة السياسية للعائلة الحاكمة انتهت، ولم تعد تمتلك قوة شعبية."
وفنّد فريد السيناريو المقبل في البلاد، مشيرًا الى أن"الجيش السريلانكي أمام مفترق طرق، إما الوقوف إلى جانب الشعب والاستجابة لطلباته أو الانضمام الى الشارع السيرلانكي بهدف الوصول إلى حكومة تصريف أعمال تسعى إلى حلحلة الأزمات الراهنة."
وأضاف "الكفّة تميل إلى الاحتمال الثاني، أي تولي مرشّح من المعارضة السيرلانكية زمام السلطة، بغية تفادي البلاد الدخول في أزمات أخرى لا تحمد عقباها."
حكم ديكتاتوري
واستبعد فريد انسحاب السيناريو السيرلانكي على البلدان العربية، لافتا الى أنه" في سوريا مثلا، بات الجميع يطبع مع رئيس البلاد بشار الأسد ولم تصل الثورة السورية إلى هدفها. أما في مصر فهناك اجماع دولي على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. إذًا ليس هناك من بوادر تدل حاليًا على التوجّه إلى السيناريو السيرلانكي ولاسيّما أن الحكم الديكتاتوري بات يسود في عدة بلدان عربية، أما ثورة الجياع فمستبعدة أيضًا في ظل الظروف الأمنية التي تكتنف البلدان العربية، مثلا في تونس رغم قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد، لم يتمّ التوصل إلى حلول جذريّة لانتشال تونس من قعر الأزمات."
أزمة اقتصادية حادة
وتعاني سريلانكا من أزمة اقتصاديّة هي الأشد والأسوأ منذ سبعة عقود بعدما هبط احتياطي النقد إلى مستويات دُنيا ولم تعد البلاد قادرة على استيراد سلع أساسية مثل الوقود والغذاء والدواء.
وكان رئيس الوزراء السريلانكي أقرّ بإفلاس بلاده، بينما يُعاني الملايين من الأشخاص من أجل الحصول على الغذاء وخدمات حيوية أخرى. وأقرّ المسؤول السريلانكي في حديث مع نواب البرلمان، بصعوبة المباحثات الجارية مع صندوق النقد الدولي، لأن البلاد تتفاوض باعتبارها دولة مفلسة وليست دولة نامية.