تشهد العلاقات بين الدول الغربية وتركيا توترا كبيرا خاصة بعد رفض الأخيرة الاستجابة لمطالبات الغرب بإطلاق سراح رجل الأعمال التركي عثمان كافالا, وإعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن عددا من السفراء غير مرغوب بهم في تركيا, في قرار يعتبر سابقة من نوعه.
ويؤكد الباحث في الشؤون التركية, د. محمد نور الدين في حديث لـ"جسور", أن "علاقة تركيا بالغرب غير مستقرة وتشهد بعض التوترات من وقت الى آخر حول عدد من القضايا الداخلية المتصلة بحقوق الإنسان,
والخارجية المتصلة بعلاقات تركيا مع الدول المجاورة ولا سيما مع روسيا والولايات المتحدة الأميركية".
وقال نور الدين : "نلاحظ أن واشنطن لم تحد من رغبتها في تحدي تركيا بعدما مضت في علاقاتها المشرقية وتجاوزت خطوطا تعتبرها الولايات المتحدة حمراء, مثل صفقة صواريخ اس 400 والعلاقات الاقتصادية الثنائية وغيره".
وأشار الى ان "أميركا حاولت تفجير قضيتين بوجه رجب طيب أردوغان: الأولى, خلق مصرف تركي رسمي اتهمته أميركا بأنه يقدم تسهيلات مادية لإيران تجاوت ال20 مليار دولار بما ينتهك عقوبات دولية وأميركية على إيران, والثانية, طلب السفراء العشرة من تركيا إطلاق سراح كافالا بناء على قرار من المحكمة الأوروبية في حقوق الانسان, وهذا الطلب الغربي من تركيا قد أثار غضب اردوغان الذي أعلن ان هؤلاء السفراء العشرة غير مرغوب بهم في تركيا وهو الامر الذي وتر الأجواء بين الجانبين.
واعتبر ان "الاستمرار في اعتقال كافالا هو لأسباب سياسية تخص مزاجية إردوغان, وردة فعل اردوغان كانت مفاجئة وغير مسبوقة في العلاقات بين الدول".
وتابع: "كثيرون رأوا ان قرار اردوغان بشأن السفراء مبالغ فيه وفيه محاولة من الرئيس التركي للتغطية على المشاكل الحقيقة الموجودة في البلاد, أبرزها انهيار العملة التركية والأزمة الاقتصادية".
ماذا يعني اعتبار سفير غير مرغوب فيه
يؤدي إعلان الشخص غير مرغوب فيه إلى نزع الصفة الدبلوماسية عنه، وغالبا ما يؤدي إلى طرد المبعوثين أو سحب الاعتراف بهم.
والبيان التركي الذي صدر بشأن كافالا جاء عن سفارات الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وفنلندا والدنمارك وألمانيا وهولندا ونيوزيلندا والنرويج والسويد.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس, قد قال في بيان إنّ "الاتهامات المضللة الموجّهة إلى كافالا واحتجازه والتأخير المتكرّر في إنهاء محاكمته، لا سيّما بسبب دمج القضايا المرفوعة ضدّه، تقوّض احترام سيادة القانون والديموقراطية".
وأضاف "نحضّ تركيا على احترام قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وضمان حلّ عادل وشفاف وسريع لهذه القضية وفقاً لقوانينها والتزاماتها الدولية".
من هو عثمان كافالا؟
هو رجل أعمال وأحد رموز المجتمع المدني في تركيا وهو موقوف منذ أكتوبر / تشرين الأول 2017 ويواجه عقوبة السجن مدى الحياة, إذا ما أدين بالتّهم الموجّهة إليه ومن بينها "محاولة قلب نظام الحكم"، في إشارة إلى توّرطه المزعوم في محاولة الانقلاب الفاشلة ضدّ أردوغان في تموز/يوليو 2016، و"التجسّس السياسي".
وأخيراً دمج القضاء التركي هذه القضية مع دعاوى أخرى مرفوعة ضدّ كافالا لدوره المزعوم في الاحتجاجات المناهضة للحكومة في 2013، وذلك بعدما أبطلت محكمة استئناف في يناير/ كانون الثاني حكم البراءة الذي حصل عليه قبل عام في هذه القضية الثانية.
ولطالما نفى كافالا كل التّهم الموجّهة إليه، وتعتقد المنظمات الحقوقية غير الحكومية أن الحكومة تحاول أن تجعل منه عبرة لترهيب المجتمع المدني.
وهاجم الرئيس التركي شخصياً كافالا ووصفه في إحدى المرّات بـ"سوروس التركي"، في إشارة إلى الملياردير الأميركي المجري الأصل جورج سوروس، العدو اللدود لأنظمة شمولية عديدة في العالم.