كثر الحديث عن جرائم حرب في الآونة الأخيرة في الحرب الروسية على أوكرانيا، خصوصا بعد العثور على جثث مقيدة الأيدي ومقطوعة الرأس وأخرى لأطفال قتلوا وعُذبوا في مدينة بوشا الأوكرانية التي استعيدت من القوات الروسية، اذ اتهم الغرب موسكو بارتكاب جرائم حرب، وطالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مجلس الأمن بطرد روسيا من المجلس والتحرك فورا لمواجهة هذا النوع من الجرائم التي يرتكبها الروس بحق الأوكرانيين.
فقد أثارت صور جثث المدنيين في مدينة بوشا الأوكرانية ادانات دولية لروسيا ومزيدا من الاتهامات بأن قواتها ترتكب جرائم حرب.
وبدأت المحكمة الجنائية الدولية بالفعل التحقيق فيما إذا كان الصراع في أوكرانيا قد شهد ارتكاب جرائم حرب، كما شكلت الحكومة الأوكرانية فريقا لجمع الأدلة.
وفي حديث لـ"جسور" أشار الدكتور والمحلل السياسي الروسي رولاند بيجاموف الى أن ما حصل في بوشا هو بمثابة نقطة تحول في الأزمة الأوكرانية، مشددا على أن الحرب منذ البداية كانت بين الروسي والغرب والآن حوادث مدينة بوشا أكدت المؤكد. وأوضح بيجاموف أن الازمة الروسية - الغربية باتت وجودية لأن هدف الغرب يكمن في تدمير وتفكيك الاتحاد الروسي كما حصل أيام الاتحاد السوفيتي، مؤكدا ان العلاقات بين الطرفين ستزداد سوءا.
مسار المفاوضات
تصنف اتفاقيات جنيف وسلسلة من القوانين والاتفاقيات الدولية الأخرى جرائم الحرب كل حرب تتم فيها مهاجمة المدنيين عمدا أو الأشخاص الذين كفوا عن المشاركة في الأعمال العدائية، اضافة الى استهداف البنية التحتية الحيوية.
التطورات في مدينة بوشا أثارت تساؤلات في شأن مصير المفاوضات بين موسكو وكييف. وفي هذا الاطار يرى المحلل السياسي الروسي رولاند بيجاموف أن الوقائع التي شهدتها بوشا ستجعل الحلول الدبلوماسية أكثر صعوبة في حين بات يعتبر الشعب الروسي ان المفاوضات بين موسكو وكييف لا فائدة لها.
واكد بيجاموف أن الحلول العسكرية تتقدم على حساب الحلول الدبلوماسية في الوقت الراهن، لكن لا تزال المفاوضات بين الجارتين حلا من الحلول للخروج من الحرب.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أشار الى انه بات من الصعب على بلاده التفاوض مع روسيا، منذ أن علمت بحجم الفظائع التي ارتكبتها القوات الروسية على أراضيها.
صور الأقمار الاصطناعية
أعلنت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية انها حصلت على صور أقمار اصطناعية تفند مزاعم روسيا، مضيفة أن الصور تظهر مقتل المدنيين في بوشا منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، عندما كان الجيش الروسي يسيطر على البلدة.
في المقابل، دحض بيجاموف كل الأدلة الأوكرانية، واصفا مشاهد الجثث بالمفبركة معتبرا اياها جزءا من الحرب الإعلامية التي يشنها الغرب على روسيا. وتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة سيناريوهات مماثلة لان الغرب يريد تمديد الحرب كون ذلك يصب في مصلحته الشخصية.
وأشار بيجاموف الى أن لجنة التحقيق الروسية فتحت قضية جنائية في كل الجرائم التي يرتكبها النظام الأوكراني، لافتا الى أن روسيا ستلجأ الى المحاكم الدولية بهدف كشف النقاب عما أسماها بالمسرحيات والقصص المزورة.
هذا وكانت روسيا اتهمت أوكرانيا في مجلس الأمن بتلفيق صور الفظائع في مدينة بوشا، موضحة أن الدلائل تؤكد عدم ارتكاب القوات الروسية جرائم حرب، و أن الجثث التي عرضت في بوشا لم تكن متحللة، وان نظام كييف يواصل نشر الأكاذيب.
عقوبات إضافية مرتقبة
من المتوقع، أن تفرض الولايات المتحدة وحلفاؤها عقوبات جديدة على موسكو بسبب مقتل مدنيين في عدة مدن في أوكرانيا.
واشار البيت الأبيض الى إن الإجراءات المنسقة بين واشنطن ومجموعة دول السبع والاتحاد الأوروبي ستستهدف البنوك والمسؤولين الروس وتحظر الاستثمارات الجديدة في روسيا. في هذا الأطار، يسعى الاتحاد الأوروبي الى حظر شراء الفحم الروسي ومنع السفن الروسية من دخول موانئ الاتحاد.