كل الأنظار شاخصة اليوم الى العاصمة الفرنسية باريس حيث يتوجّه نحو 49 مليون ناخب فرنسي إلى صناديق الاقتراع، في الجولة الأولى من سباق الرئاسة لاختيار اثنين من بين 12 مرشحًا، سيتواجهان في جولة ثانية في الرابع والعشرين من الشهر الحالي.
مراكز الاقتراع فتحت أبوابها صباح الاحد، الساعة السادسة بتوقيت غرينتش في فرنسا، وبسبب فارق التوقيت انطلق التصويت يوم السبت في بعض أقاليم ما وراء البحار الفرنسية، مثل منطقة البحر الكاريبي.
ضياع انتخابي
اللافت في انتخابات 2022 أن حالا من عدم اليقين سادت على مدار أيام قبل موعد التصويت. فقد أشار استطلاع للرأي أجراه معهد "إيبسوس" إلى أن 37% من الناخبين لم يقرّروا بعد لمن سيمنحوا أصواتهم، وذلك لأسباب شتى منها وباء كوفيد-19، وتداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا.
يشكل الإقبال على التصويت أمرًا أساسيًا في الاستحقاق الانتخابي، غير أن انتخابات 2022 قد تشكل سابقة لم تحصل منذ عشرين عامًا، اذ أشار منظمو الاستفتاءات أن ما يقارب 28% من الناخبين، ينتمون للفئة العمرية بين 25 و34 عامًا، قد لا يشاركون في الانتخابات.
وفي حديث خاص لـ"جسور"، فنّدت الصحافية رندة تقي الدين، المقيمة في فرنسا، سبب الامتناع عن التصويت لعوامل ثلاثة:
أولا، يرجّح قسم كبير من الناخبين بحسب تقي الدين فوز الرئيس الحالي ايمانويل ماكرون، وباعتقاد هؤلاء فإن المشاركة في الانتخابات غير ضرورية.
ثانيًا، هناك قسم آخر من الفرنسيين سَئم وعود السياسيين الفارغة ولم يعد يثق بأقوالهم بل يريد أفعال وتحركات جدية.
السبب الثالث بحسب تقي الدين يكمن في لامبالاة جزء كبير من الشعب الفرنسي الذي لم يعد يتابع السياسية.
السباق لم يحسم بعد
وسط هذه الانقسامات، يأمل الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون الفوز بولاية ثانية، فيما تُعتبر المرشحة اليمينية المتطرفة مارين لوبان أكبر منافسيه في الانتخابات.
وتفيد غالبيّة استطلاعات الرأي بأن ماكرون ولوبان، اللذين سبق أن تواجها في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية عام 2017، هما الأوفر حظًا للتأهل الى الدورة الثانية، في حين لا تستبعد الاستطلاعات فوز لوبان، وهو ما سيمثل سابقة في ظل الجمهورية الفرنسية الخامسة التي لم يسبق أن استلمت دفّتها امرأة أو سياسي من اليمين المتطرف.
وهنا تؤكد تقي الدين أن السباق الانتخابي لم يحسم بعد لأن تجربة استطلاعات الرأي على مر التاريخ أثبتت أنها قد تكون خاطئة. وأوضحت تقي الدين أنه من المرجح أن يكون ماكرون في الطليعة، لكن المفاجأة تكمن في المرتبة الثانية اذ ان المرشح جان لوك ميلانشون قد يتفوق على لوبان.
تحديات ماكرون
تقي الدين تطرّقت الى مرحلة الإعادة في 24 نيسان/أبريل، مشيرة الى أنه في حال سيخوض ماكرون ولوبان الجولة الثانية، فإن فوز ماكرون ليس مؤكدًا لأن وجهة أصوات المرشح جان لوك ميلانشون لا تزال مجهولة، وأصوات فاليري بيكريس قد تنقسم بين ماكرون ولوبان.
وأضافت تقي الدين أن انشغال ماكرون بالحرب الروسية على أوكرانيا أضعفه انتخابيًا، ذلك أنه لم ينظّم حملة انتخابية كسائر المرشحين، الأمر الذي ساهم في تقليص عدد النقاط مع لوبان.
بحسب أحدث استطلاعات الرأي، فإن عددًا من الناخبين اليساريين لن يصوتوا لصالح ماكرون في جولة الإعادة لمجرد إبعاد لوبان عن السلطة وذلك خلافًا لما حدث عام 2017.
الصوت العربي
أما عن الجالية العربية في فرنسا، فتوقعت تقي الدين أن تصب أصواتهم لمصلحة المرشح اليساري جان لوك ميلانشون لان أفكاره كانت أقل تطرفًا على الاسلام، غير أن ماكرون سمح بالحجاب في الجامعات لأن نظامها يختلف عن المدارس، بينما رفضت لوبان ذلك معتبرة أن المبدأ نفسه ينطوي على الجامعات.
ويمنح دستور فرنسا لرئيس الدولة سلطات قوية، فهو القائد الأعلى للقوات المسلحة وإن كان لا يمكنه إعلان حرب من دون موافقة البرلمان، والواجهة الدبلوماسية للدولة. رئيس الجمهورية يعيّن رئيس المجلس الدستوري وثلاثة من أعضائه، ويحق له حل الجمعية الوطنية وكذلك الدعوة لاستفتاء، ناهيك عن أن السلطات التنفيذية والتشريعية بأكملها هي بين يديه في حال تعرّضت مؤسسات الدولة أو استقلالها لأي تهديد خطير. ومن صلاحياته أيضًا، ترؤس مجلس الوزراء وتعيين رئيس الوزراء وإصدار القوانين والمراسيم.
صمت انتخابي
يذكر أنه ومنذ منتصف ليل الجمعة، الموعد الرسمي لانتهاء حملة الدورة الأولى، دخلت فرنسا مرحلة الصمت الانتخابي، ولم يعد يحق للمرشحين الـ12 التحدث أو تنظيم تجمعات.
وتختتم الجولة الأولى من السباق الرئاسي بعد عدة أشهر من الحملات التي طغى عليها وباء كورونا ثم الحرب في أوكرانيا، فيما غابت عنها قضايا رئيسية أبرزها تغير المناخ. المؤشرات الأولى للنتائج ستظهر عند الساعة السادسة من مساء الأحد بتوقيت غرينتش، بعد إغلاق آخر مركز للاقتراع.