تحدث المفاوضون حول الملف النووي الإيراني، أثناء مغادرتهم فيينا، عن تقدّم طفيف في المفاوضات الرامية لإحياء الاتفاق النووي مع طهران، مشدّدين في الوقت نفسه على ضرورة إستئناف هذه المحادثات في أسرع وقت تجنّباً لفشلها. واختتم المفاوضون الأوروبيون مع نظرائهم من إيران والصين وروسيا الجولة السابعة من المفاوضات بعد أيام عدة من المحادثات المكثفة، من دون تحديد موعد للجلسة المقبلة التي يأملون في أن تعقد قبل نهاية السنة.
وأشار دبلوماسيون من فرنسا وألمانيا وبريطانيا انّه "تم إحراز بعض التقدم على المستوى التقني في الساعات الـ24 الأخيرة" في المحادثات التي عقدوها في فيينا بهدف إنقاذ الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران والقوى الكبرى، لكنهم حذروا من مغبة "التوجه سريعاً إلى نهاية الطريق في هذه المفاوضات".
نجاح الدبلوماسية ضئيل
وفي تعليق على مسار المحادثات، اعتبر مستشار الأمن القومي الأميركي، جايك سوليفان، أن المفاوضات "لا تسير بشكل جيد بمعنى أنّنا لم نجد بعد سبيلاً للعودة إلى الاتفاق النووي". وتابع، "نحن نسدّد فواتير القرار الكارثي بالخروج من الإتفاق في العام 2018"، مشيراً إلى أنّ الاتفاق النووي وضع سقفاً للبرنامج النووي الإيراني.
على الرغم من ذلك، أشار سوليفان، في كلمة ألقاها أمام مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن أن المحادثات أحرزت في الأيام الأخيرة "بعض التقدّم". وأكد مستشار الأمن القومي الأميركي، أنّ بلاده تنسّق مع الدول الأوروبية المشاركة في الإتفاق ومع الصين وروسيا.
وشدد مسؤول أميركي كبير طلب عدم نشر إسمه، على وجوب "حصول تسريع كبير" لوتيرة المفاوضات، مؤكّداً أنّ المفاوضين الأميركيين مستعدين للعودة إلى فيينا قبل حلول العام الجديدو مشيراً إلى أنّ الجولة الأخيرة من المفاوضات كانت "أفضل مما كان يمكن أن تكون" و"أسوأ مما كان ينبغي أن تكون".
وأضاف، "إذا استغرق الأمر كلّ هذا الوقت الطويل للاتفاق على جدول أعمال مشترك، فتخيّلوا كم من الوقت سيستغرق حلّ القضايا المدرجة على جدول الأعمال".
من الجانب الروسي، اعتبر الموفد ميخائيل أوليانوف، أنه كان من المقرر أن تستأنف المحادثات من حيث توقّفت في حزيران/يونيو حين طلبت طهران تعليقها بسبب الإنتخابات الإيرانية. وأضاف في تغريدة له على تويتر، أنّ الجولة الأخيرة كانت "ناجحة بمعنى أنها أرست أساساً صالحاً لمفاوضات أكثر عمقاً.. الآن يفهم المفاوضون بعضهم البعض بشكل أفضل".
توازياً، حض عدد من المسؤولين الأميركيين السابقين ومن بينهم ليون بانيتا، وزير الدفاع في عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما والجنرال المتقاعد ديفيد بترايوس، الرئيس الأميركي جو بايدن على إطلاق مناورات عسكرية كبرى أو تحرّكات أخرى لإخافة إيران.
وفي بيان صادر عن المسؤولين السابقين أفادوا بأنه "من دون إقناع إيران بأنّها ستعاني من عواقب وخيمة إذا ما استمرّت بمسارها الحالي، ستكون الآمال بنجاح الدبلوماسية ضئيلة"، مبدين في الوقت نفسه دعمهم لتقديم مساعدات إنسانية للشعب الإيراني.
لا موعد لإستئناف المفاوضات
وأعلن منسّق الإتحاد الأوروبي، انريكي مورا، للصحافيين أمام قصر كوبورغ، في العاصمة النمساوية، حيث عقدت المحادثات أنه "ليس لدينا أشهر أمامنا وإنما أسابيع.. لا يمكنني أن أعلن بعد عن موعد رسمي لإستئناف المفاوضات".
وبعد جولة أولى في الربيع قطعت بسبب إنتخاب رئيس ايراني جديد من المحافظين المتشددين في حزيران/يونيو، إلتقى الدبلوماسيون في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر وأجروا منذ ذلك الحين محادثات مكثفة تخلّلها توقف قصير.
وأكد مصدر من مجموعة الدبلوماسيين الثلاثة "لقد اتفقنا أخيراً على نقطة إنطلاق للمحادثات" بعدما كان قد أشار قبل أيام الى المطالب "المتشددة" لطهران.
من جهته، اعتبر كبير مفاوضي طهران، علي باقري، أن "الجولة تضمنت محادثات ونقل آراء ومواقف الحكومة الجديدة"، مضيفاَ "لدينا الآن مسودتان جديدتان، الأولى حول إلغاء الحظر المفروض والثانية حول الإجراءات النووية".
شكوك حول كاميرات المراقبة
في غضون ذلك، وصول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المكلفة مراقبة الطابع السلمي للأنشطة الإيرانية، الى المواقع في الأشهر الماضية. وتوصلت الوكالة الأممية التي تشكو من نقص تعاون الجمهورية الإسلامية الى ترتيب يقضي باستبدال كاميرات المراقبة في موقع كرج النووي، غرب طهران.
وكانت هذه المعدات تضررت في 23 حزيران/يونيو الماضي، حين أعلنت إيران عن إحباط عملية "تخريب" طاولت أحد مباني منظمة الطاقة الذرية غرب البلاد، واتهمت إسرائيل بالوقوف خلفها. وأفادت وسائل إعلام إيرانية حينها بأن المبنى المستهدف كان منشأة كرج.
وكان رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، قد صرح بأنّه وقبل إعادة تركيب الكاميرات، ستقوم الوكالة الدولية "بشرح طريقة عملها بحضور مسؤولي الأمن والقضاء لدينا". إذ إن إيران مقتنعة بأن التخريب الذي حصل في كرج أصبح ممكناً من خلال قرصنة معلومات جمعتها كاميرات المراقبة هذه. إلا أن غروسي اعتبرها فرضية "سخيفة" وحضر إلى المؤتمر الصحافي مع إحدى هذه الكاميرات لدعم تصريحاته.