"لا تقاطعني" و"هذا خطأ"، عبارتان جسّدتا الجو المتشنج بين الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون ومرشحة التجمع الوطني مارين لوبان خلال المناظرة التلفزيونية الأخيرة بينهما، إضافة إلى اتهامات تبادلاها في محاولة لكسب ثقة الفرنسيّين قبل ثلاثة أيام من الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية الفرنسية.
نقاش عالي النبرة تصدّرته العلاقة مع روسيا وانفصال فرنسا عن الاتحاد الأوروبي والحجاب وسواها من العناوين التي حاول من خلالها المرشّحان استمالة أصوات الناخبين الذين سيقررّون في 24 أبريل/نيسان هوية "ساكن/ة الإليزيه".
وفي قراءة تحليلية للقاء ماكرون-لوبان، يُشير المستشار السياسي اللبناني لمؤسس حزب "التجمع الوطني"، المُقيم في فرنسا، إيلي حاتم في حديث لـ"جسور"، إلى أن "ماكرون في مناظرة 2022 بدا أضعف مما كان عليه في مناظرة عام 2017، لأنه الآن بات يُدافع عن ولاية انتقدها كثيرون".
واعتبر حاتم أن "المناظرة كانت تقنية أكثر منها سياسية، إذ لم تتطرق لوبان الى الأخطاء التي ارتكبها ماكرون خلال ولايته".
في المقابل، يرى الباحث العراقي في العلاقات الدولية هلال العبيدي، المُقيم في فرنسا، في حديث لـ"جسور"، أن لوبان "حاولت الدفاع عن حقوق الفرنسيين وانتقدت أداء ماكرون السياسي، لكن الناخب الفرنسي يعرف أن لوبان لا يمكنها إدارة فرنسا، فيما استطاع ماكرون أن يحافظ على استقرار بلاده في ظل أزمتي كورونا والحرب الروسية".
احتدام المعركة
عن حسم السباق الرئاسي بين ماكرون ولوبان، أشار المستشار السياسي لمؤسس حزب "التجمع الوطني"، في حديثه لـ"جسور"، إلى أن "المناظرة لم تحسم فوز ماكرون في الانتخابات الرئاسية". في حين أكد العبيدي أن "المعطيات كافة ترجّح فوز ماكرون في السباق الرئاسي والمناظرة بين المرشحين أكدت المؤكد ومهّدت العودة إلى الإليزيه أمام ماكرون".
الى ذلك، تطرّق المرشّحان الى سنّ التقاعد الذي يشغل الفرنسيّين، فوعد ماكرون بمواصلة تحسين الرواتب ووضع حد أدنى لا يقل عن 1100 يورو، مشيرا الى أنه لا يريد زيادة الضرائب وديون فرنسا. من جهتها، اقترحت لوبان زيادة تدريجية في سن التقاعد لتصل الى 62 عاما، معتبرة أن التقاعد في سن 65 عاما يعد ظلما لا يطاق.
هذا واقترحت لوبان إجراء استفتاء حول ملف الهجرة مع "إقرار طرد المجرمين والمنحرفين الأجانب والتخلي عن حق الأرض ووضع حد لتسوية أوضاع المهاجرين غير الشرعيين وإصلاح نظام شينغن".
بينما سجّل ماكرون نقطة قد تحرّك تعاطف الأجانب الحاصلين على الجنسية الفرنسية والمشاركين في الاقتراع، إذ أشار إلى أنه يعمل على مواصلة حماية الهاربين من بلادهم. وبخصوص الهجرة غير الشرعية، يريد ماكرون إصلاح نظام شينغن باعتبار أن فرنسا ليست نقطة وصول لشبكات تستغل آلام الناس. وفي ما يتعلق بالقطاع الصحي، وعد ماكرون بتوظيف خمسين ألف ممرض وعامل رعاية صحية؛ في حين ردت لوبان بالهجوم على ماكرون بسبب قرار طرد 15 ألف عامل في القطاع الصحي بسبب رفضهم تلقي لقاح فيروس كورونا.
بوتين وروسيا
اشتعل الحوار بين ماكرون ولوبان عندما تطرقا الى الحرب الروسية على أوكرانيا، اذ قارع ماكرون منافسته باتهامها بالعلاقة مع روسيا بينما المزاج الأوروبي معاكس لذلك لاسيّما بعد حرب أوكرانيا.
وقال ماكرون "أنتِ تعتمدين على القوة الروسية، وتعتمدين على السيد بوتين. وسبق أن حصلتِ على قرض بـ9 مليون يورو من بنك روسي عام 2014". وأضاف"يمكن تفسير الكثير من خياراتك من خلال هذا الاعتماد. أنت لا تتحدثين إلى قادة آخرين بل تتحدثين إلى المصرف الذي أقرضك المال عندما تتحدثين إلى روسيا، هذه هي المشكلة".
وردا على الإشارة إلى قربها من الرئيس الروسي، قالت لوبان "أدعم أوكرانيا حرّة، لا تتبع لا للولايات المتحدة ولا للاتحاد الأوروبي ولا لروسيا، هذا هو موقفي"، مشيرة الى أنها لجأت إلى البنك الروسي لأن ما من مصرف فرنسي وافق على منحها قرضا متهمة ماكرون بأنه رفض ذلك حينما كان وزيراً للمالية.
في هذا السياق، أوضح المستشار السياسي لمؤسس حزب "التجمع الوطني" إيلي حاتم، أن "الرأي العام الفرنسي منقسم حيال الحرب الروسية، اذ إن البعض يؤيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والبعض الآخر يخالفه الرأي". وأضاف" الحصول على قرض من بنك روسي أمر طبيعي وقد يحصل مع الرؤساء كافة"، سائلا "هل هذا الموضوع كان سيُطرح في حال كان البنك أميركياً؟". واستطرد حاتم قائلا" لم يتطرق أحد الى قضية ماكنزي التي تهدد وصول ماكرون الى سدة الرئاسة وتعتبر فضيحة العام، بل العالم منشغل في قرض لوبان لأنه من بنك أجنبي روسي".
ارتداء الحجاب
عاد قانون منع ارتداء الحجاب ليطفو مجددا على السطح في فرنسا، بعد تصريحات لوبان المانعة لارتدائه في الأماكن العامة. وقد ساق ماكرون اتهامات ضدّ لوبان بالمخاطرة بإشعال "حرب أهلية" في حال انتُخبت رئيسة ونفذت تعهدها بحظر الحجاب. في حين أكدت لوبان تمسكها بحظر الحجاب الذي تعتبره "زيا موحدا فرضه الإسلاميون"، لكنها شددت على أنها "لا تحارب الإسلام"، ورأت أن الموضوع الأهم هو "الإرهاب الإسلاموي" داعية إلى المصادقة على قانون ضد الإيديولوجيا الإسلاموية.
وهنا أشار حاتم الى أن "لوبان تحترم الطوائف الإسلامية وأنها تفرّق بينها وبين الإرهاب الإسلاموي الذي يتغلغل في فرنسا"، مشدّدا على أن" المشكلة لا تكمن في ارتداء الحجاب بل بوقف انتشار وتمدد الإرهاب الذي يُهدد العالم بأسره، وأن لوبان تسعى الى اتخاذ الإجراءات كافة كي تلاحق وتضع حدا لمرتكبي العمليات الإرهابية في فرنسا".
القدرة الشرائية
ملف القدرة الشرائية حضر بقوة على طاولة النقاش بين المرشَّحين، إذ سعت لوبان الى تخفيض ضريبة القيمة المضافة على الطاقة من 20 إلى 5 بالمئة، كما وعدت بإعفاء من يقل عمرهم عن 30 عاما من الضرائب. فيما يعتبر ماكرون أن أفضل طريقة لتحسين القدرة الشرائية هي مكافحة البطالة.
هذا وانتقدت لوبان أداء الرئيس ماكرون، مشيرة الى أن سياساته أثّرت في الناس، حتى باتت الأرقام تُظهر أن سبعة من كل عشرة فرنسيين يؤكدون تراجع قدرتهم الشرائية منذ خمس سنوات. بينما انتقد ماكرون برنامج لوبان، قائلا إنه "لا يتطرق إلى البطالة"، متعهدا بزيادة الحد الأدنى للأجور بـ34 يورو والمعاشات المتوسطة بـ60 يورو، فضلا عن زيادة التعويضات في الوظائف الحكومية ذات الرواتب الأدنى، بهدف مواجهة التضخم الحاصل في الأسعار.
وفي هذا الإطار، لفت الباحث العراقي في العلاقات الدولية هلال العبيدي الى أن "الوضع الاقتصادي في فرنسا خلال ولاية ماكرون كان جيدا نظرا لتداعيات جائحة كورونا التي ألقت بثقلها على التجارة العالمية، وأن الخبراء أثنوا على أداء ماكرون الاقتصادي كونه كان متحفظا ودعى الى فتح أبواب الاستثمار و قلّص نسبة الخسائر على المواطن الفرنسي، وبالتالي نجح ماكرون في دحض نظريات لوبان لأنها ليست مبنية على الأرقام".
نقاش عالي النبرة تصدّرته العلاقة مع روسيا وانفصال فرنسا عن الاتحاد الأوروبي والحجاب وسواها من العناوين التي حاول من خلالها المرشّحان استمالة أصوات الناخبين الذين سيقررّون في 24 أبريل/نيسان هوية "ساكن/ة الإليزيه".
وفي قراءة تحليلية للقاء ماكرون-لوبان، يُشير المستشار السياسي اللبناني لمؤسس حزب "التجمع الوطني"، المُقيم في فرنسا، إيلي حاتم في حديث لـ"جسور"، إلى أن "ماكرون في مناظرة 2022 بدا أضعف مما كان عليه في مناظرة عام 2017، لأنه الآن بات يُدافع عن ولاية انتقدها كثيرون".
واعتبر حاتم أن "المناظرة كانت تقنية أكثر منها سياسية، إذ لم تتطرق لوبان الى الأخطاء التي ارتكبها ماكرون خلال ولايته".
في المقابل، يرى الباحث العراقي في العلاقات الدولية هلال العبيدي، المُقيم في فرنسا، في حديث لـ"جسور"، أن لوبان "حاولت الدفاع عن حقوق الفرنسيين وانتقدت أداء ماكرون السياسي، لكن الناخب الفرنسي يعرف أن لوبان لا يمكنها إدارة فرنسا، فيما استطاع ماكرون أن يحافظ على استقرار بلاده في ظل أزمتي كورونا والحرب الروسية".
احتدام المعركة
عن حسم السباق الرئاسي بين ماكرون ولوبان، أشار المستشار السياسي لمؤسس حزب "التجمع الوطني"، في حديثه لـ"جسور"، إلى أن "المناظرة لم تحسم فوز ماكرون في الانتخابات الرئاسية". في حين أكد العبيدي أن "المعطيات كافة ترجّح فوز ماكرون في السباق الرئاسي والمناظرة بين المرشحين أكدت المؤكد ومهّدت العودة إلى الإليزيه أمام ماكرون".
الى ذلك، تطرّق المرشّحان الى سنّ التقاعد الذي يشغل الفرنسيّين، فوعد ماكرون بمواصلة تحسين الرواتب ووضع حد أدنى لا يقل عن 1100 يورو، مشيرا الى أنه لا يريد زيادة الضرائب وديون فرنسا. من جهتها، اقترحت لوبان زيادة تدريجية في سن التقاعد لتصل الى 62 عاما، معتبرة أن التقاعد في سن 65 عاما يعد ظلما لا يطاق.
هذا واقترحت لوبان إجراء استفتاء حول ملف الهجرة مع "إقرار طرد المجرمين والمنحرفين الأجانب والتخلي عن حق الأرض ووضع حد لتسوية أوضاع المهاجرين غير الشرعيين وإصلاح نظام شينغن".
بينما سجّل ماكرون نقطة قد تحرّك تعاطف الأجانب الحاصلين على الجنسية الفرنسية والمشاركين في الاقتراع، إذ أشار إلى أنه يعمل على مواصلة حماية الهاربين من بلادهم. وبخصوص الهجرة غير الشرعية، يريد ماكرون إصلاح نظام شينغن باعتبار أن فرنسا ليست نقطة وصول لشبكات تستغل آلام الناس. وفي ما يتعلق بالقطاع الصحي، وعد ماكرون بتوظيف خمسين ألف ممرض وعامل رعاية صحية؛ في حين ردت لوبان بالهجوم على ماكرون بسبب قرار طرد 15 ألف عامل في القطاع الصحي بسبب رفضهم تلقي لقاح فيروس كورونا.
بوتين وروسيا
اشتعل الحوار بين ماكرون ولوبان عندما تطرقا الى الحرب الروسية على أوكرانيا، اذ قارع ماكرون منافسته باتهامها بالعلاقة مع روسيا بينما المزاج الأوروبي معاكس لذلك لاسيّما بعد حرب أوكرانيا.
وقال ماكرون "أنتِ تعتمدين على القوة الروسية، وتعتمدين على السيد بوتين. وسبق أن حصلتِ على قرض بـ9 مليون يورو من بنك روسي عام 2014". وأضاف"يمكن تفسير الكثير من خياراتك من خلال هذا الاعتماد. أنت لا تتحدثين إلى قادة آخرين بل تتحدثين إلى المصرف الذي أقرضك المال عندما تتحدثين إلى روسيا، هذه هي المشكلة".
وردا على الإشارة إلى قربها من الرئيس الروسي، قالت لوبان "أدعم أوكرانيا حرّة، لا تتبع لا للولايات المتحدة ولا للاتحاد الأوروبي ولا لروسيا، هذا هو موقفي"، مشيرة الى أنها لجأت إلى البنك الروسي لأن ما من مصرف فرنسي وافق على منحها قرضا متهمة ماكرون بأنه رفض ذلك حينما كان وزيراً للمالية.
في هذا السياق، أوضح المستشار السياسي لمؤسس حزب "التجمع الوطني" إيلي حاتم، أن "الرأي العام الفرنسي منقسم حيال الحرب الروسية، اذ إن البعض يؤيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والبعض الآخر يخالفه الرأي". وأضاف" الحصول على قرض من بنك روسي أمر طبيعي وقد يحصل مع الرؤساء كافة"، سائلا "هل هذا الموضوع كان سيُطرح في حال كان البنك أميركياً؟". واستطرد حاتم قائلا" لم يتطرق أحد الى قضية ماكنزي التي تهدد وصول ماكرون الى سدة الرئاسة وتعتبر فضيحة العام، بل العالم منشغل في قرض لوبان لأنه من بنك أجنبي روسي".
ارتداء الحجاب
عاد قانون منع ارتداء الحجاب ليطفو مجددا على السطح في فرنسا، بعد تصريحات لوبان المانعة لارتدائه في الأماكن العامة. وقد ساق ماكرون اتهامات ضدّ لوبان بالمخاطرة بإشعال "حرب أهلية" في حال انتُخبت رئيسة ونفذت تعهدها بحظر الحجاب. في حين أكدت لوبان تمسكها بحظر الحجاب الذي تعتبره "زيا موحدا فرضه الإسلاميون"، لكنها شددت على أنها "لا تحارب الإسلام"، ورأت أن الموضوع الأهم هو "الإرهاب الإسلاموي" داعية إلى المصادقة على قانون ضد الإيديولوجيا الإسلاموية.
وهنا أشار حاتم الى أن "لوبان تحترم الطوائف الإسلامية وأنها تفرّق بينها وبين الإرهاب الإسلاموي الذي يتغلغل في فرنسا"، مشدّدا على أن" المشكلة لا تكمن في ارتداء الحجاب بل بوقف انتشار وتمدد الإرهاب الذي يُهدد العالم بأسره، وأن لوبان تسعى الى اتخاذ الإجراءات كافة كي تلاحق وتضع حدا لمرتكبي العمليات الإرهابية في فرنسا".
القدرة الشرائية
ملف القدرة الشرائية حضر بقوة على طاولة النقاش بين المرشَّحين، إذ سعت لوبان الى تخفيض ضريبة القيمة المضافة على الطاقة من 20 إلى 5 بالمئة، كما وعدت بإعفاء من يقل عمرهم عن 30 عاما من الضرائب. فيما يعتبر ماكرون أن أفضل طريقة لتحسين القدرة الشرائية هي مكافحة البطالة.
هذا وانتقدت لوبان أداء الرئيس ماكرون، مشيرة الى أن سياساته أثّرت في الناس، حتى باتت الأرقام تُظهر أن سبعة من كل عشرة فرنسيين يؤكدون تراجع قدرتهم الشرائية منذ خمس سنوات. بينما انتقد ماكرون برنامج لوبان، قائلا إنه "لا يتطرق إلى البطالة"، متعهدا بزيادة الحد الأدنى للأجور بـ34 يورو والمعاشات المتوسطة بـ60 يورو، فضلا عن زيادة التعويضات في الوظائف الحكومية ذات الرواتب الأدنى، بهدف مواجهة التضخم الحاصل في الأسعار.
وفي هذا الإطار، لفت الباحث العراقي في العلاقات الدولية هلال العبيدي الى أن "الوضع الاقتصادي في فرنسا خلال ولاية ماكرون كان جيدا نظرا لتداعيات جائحة كورونا التي ألقت بثقلها على التجارة العالمية، وأن الخبراء أثنوا على أداء ماكرون الاقتصادي كونه كان متحفظا ودعى الى فتح أبواب الاستثمار و قلّص نسبة الخسائر على المواطن الفرنسي، وبالتالي نجح ماكرون في دحض نظريات لوبان لأنها ليست مبنية على الأرقام".