مدينة "هامترامك" الأميركية في ولاية ميشيغان تسجّل خطوة جديدة في تاريخها، بعد انتخابها مجلس مدينة مكونا بالكامل من مسلمين، وكذلك عمدة مسلما، لتصبح بذلك أول مدينة في الولايات المتحدة تديرها إدارة مسلمة.
وتعتبر هامترامك مثالا حيا على كيف يمكن للمعرفة الشخصية أن تقود إلى تراجع الإسلاموفوبيا، والدليل على ذلك هو التغير الذي طرأ على حياة المسلمين الذين يقطنون المدينة، فبعد أن كانوا في الماضي يتعرضون للتمييز، أصبحوا اليوم مكونا رئيسيا في هامترامك متعددة الثقافات، وهم يشكلون أكثر من نصف سكانها.
وئام وانسجام
وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية والصدامات الثقافية المكثفة، يتعايش سكان هامترامك المنتمون إلى خلفيات دينية وثقافية مختلفة في وئام وانسجام، ما يجعل المدينة نموذجا صالحا للدراسة لمستقبل أميركي يتميز بالتنوع المتزايد.
وبحسب وكالات إعلام محلية، يسكن مدينة هامترامك نحو 28 ألف نسمة، 25% من سكانها مسلمون من أصول عربية أغلبهم من اليمن، و27% من قاطني المدينة هم أيضا مسلمون من أصحاب الأصول الآسيوية ومعظمهم من بنغلاديش.
أول مدينة أميركية يحكمها مسلمون
أول مدينة أميركية يحكمها مسلمون
وتعكس تركيبة الإدارة المنتخبة حديثا، التغير الديموغرافي الذي طرأ على هامترامك. ويضم مجلس المدينة الجديد في عضويته اثنين من أصول بنغالية، وثلاثة من أصول يمنية، وسيدة من أصل بولندي اعتنقت الإسلام.
وأسفرت انتخابات مدينة "هامترامك" عن انتخاب مجلس المدينة وعمدتها من أعضاء مسلمين بالكامل، لتكون أول مدينة يحكمها مسلمون.
وفي انتخابات مجلس المدينة بالأسبوع الأول من الشهر الجاري، نجح كل من خليل الرفاعي وأماندا جاكوسكي وآدم البرمكي في الانضمام إلى 3 أعضاء آخرين مسلمين في مجلس المدينة؛ وبذلك أصبح المجلس يدار من 6 أعضاء مسلمين.
أما في انتخابات عمدة المدينة، فقد نجح عامر غالب من أصل يمني متفوقا بضعف الأصوات تقريبا على منافسته كارين ماجوسكي، لتصبح مدينة هامترامك أول مدينة أميركية في التاريخ كل أعضاء حكومتها مسلمون.
من هو عامر غالب؟
ويعد غالب أول فائز بالمنصب من أصل عربي في المدينة ذات الغالبية المسلمة الواقعة ضمن ولاية ميشيغان.
وينحدر غالب من منطقة مخلاف العود محافظة "إب"، وهو طبيب هاجر إلى الولايات المتحدة عام 1998.
ويعيش في مدينة هامترامك نحو أربعة آلاف يمني بنسبة تصل إلى 22% من سكان المدنية البالغ عددهم حوالي 22 ألف نسمة.
وفاز الطبيب اليمني، بفارق ساحق على منافسته العمدة الحالية "كارين مياسكي"، وحصل على 3232 صوتاً مقابل 1485 لمنافسته.
وكان غالب قد هاجر منطة "العود"، في محافظة إب، الى أميركا نهاية التسعينات، بينما كان في سن السادس عشر، حيث درس الثانوية العامة في مدارس المدينة، وحصل على البكالوريوس في العلوم الطبية، من جامعة "وين ستيت"، عام 2005م. وفي وقت لاحق حصل على البورد الأميركي على شهادة الطب من جامعة "راس".
كم بلغ عدد المسلمين في أميركا؟
ووفقا لتقديرات مركز الأبحاث "بيو"، فإن عدد المسلمين الذين يعيشون في الولايات المتحدة بلغ نحو 3.85 مليون عام 2020 ، أي ما يعادل 1.1 في المئة من إجمالي عدد السكان. وبحلول عام 2040، من المتوقع أن يصبح المسلمون ثاني أكبر مجموعة دينية في الولايات المتحدة بعد المسيحيين.
ورغم تزايد أعدادهم، فغالبا ما يتعرض المسلمون في أمريكا للتمييز.
ولا تزال ظاهرة الإسلاموفوبيا تطارد المسلمين والعرب في الولايات المتحدة بعد مرور عشرين عاما على هجمات 11 سبتمبر/أيلول.
وقد قال ما يقرب من نصف البالغين المسلمين الأميركيين لمركز "بيو" عام 2016، إنهم تعرضوا شخصيا لشكل من أشكال التمييز خلال الفترة التي اقترح فيها المرشح الرئاسي آنذاك دونالد ترامب حظر دخول المهاجرين من الدول ذات الأغلبية المسلمة إلى الولايات المتحدة.
كما وجد الباحثون أيضا أنه من بين جميع الجماعات الدينية، لا يزال المسلمون يواجهون النظرة الأكثر سلبية من قبل الشعب الأميركي.
وتواجه هامترامك أيضا تحديات كغيرها من مدن الولايات الشمال شرقية وولايات وسط غربي الولايات المتحدة بسبب التدهور الصناعي وفرص العمل المحدودة.
أول مسلم في الكونغرس
أول مسلم في الكونغرس
وعلى الصعيد الوطني، أصبح المسلمون الأميركيون أيضًا أكثر بروزًا من الناحية السياسية، في عام 2007 ، أصبح الديموقراطي من مينيسوتا كيث إليسون، أول مسلم في الكونغرس الذى يضم الآن أربعة أعضاء مسلمين.
في يوم انتخابات هامترامك هذا الشهر، تجمع العشرات من السكان أمام مركز اقتراع لتحية بعضهم البعض، وكثير منهم يستعرضون تذكارهم ليوم الانتخابات، بملصق "لقد صوتت".
وقالت عضوة مجلس المدينة المنتخبة أماندا جاكوفسكي، إن المهاجرين كانوا متحمسين للمشاركة في الديموقراطية: "إنه لأمر أميركي للغاية أن تكون قادرًا على الجمع بين الناس".
ولكن كما هو الحال مع بقية البلاد، تدور نقاشات ثقافية مكثفة في المدينة في يونيو/ حزيران، عندما وافقت حكومة المدينة على رفع علم المثليين أمام مبنى البلدية، غضب بعض السكان كما أصبحت الماريجوانا أيضًا مصدرًا للجدل.