في ظل الحديث عن غزو روسي لأوكرانيا والتوترات والخلافات بين كييف وموسكو، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه يريد "مواصلة العمل" مع الغرب بشأن الأمن الأوروبي لنزع فتيل الأزمة حول أوكرانيا.
وقال خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني أولاف شولتس الثلاثاء، "نحن مستعدون لمواصلة العمل معا. نحن مستعدون للمضي قدما في مسار المفاوضات".
وأكد بوتين أنه لا يريد حربا سببها أوكرانيا، بعد أسابيع من التوتر الذي أججه انتشار واسع للقوات الروسية، سائلاً: "هل نريد حربا أم لا؟ بالتأكيد لا. لهذا السبب قدمنا اقتراحاتنا لعملية تفاوضية".
من جهته، قال شولتس "بالطبع، من الواضح أنه علينا الآن بحث الوضع الصعب المتعلق بالأمن في أوروبا"، معبرا عن "سروره" للتمكن من إجراء هذه المحادثات، لكن الأهم هو أن نتمكن من العمل على علاقاتنا عبر محادثات جيدة بين الأطراف".
واعتبر شولتس أن إعلان انسحاب قوات روسية من الحدود الأوكرانية يشكل "إشارة جيدة".
وأضاف "كوننا نسمع الآن أنه تم سحب بعض القوات هو في أي حال إشارة جيدة. نأمل أن يكون هناك المزيد" مؤكدا أن الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تجنب نزاع "أبعد من أن تكون قد استنفدت".
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت انسحاب بعض قواتها من الحدود مع أوكرانيا.
ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية عن المتحدث باسم وزارة الدفاع، إيغور كوناشينكوف، قوله إن وحدات المناطق العسكرية الجنوبية والغربية التي أكملت مهامها بالفعل بدأت في العودة بواسطة قطارات السكك الحديدية والسيارات، وستصل إلى ثكناتها الثلاثاء.
وأضاف المتحدث أن القوات أجرت عددا من التدريبات القتالية، كما كان مخططا لها، وأن بعض التدريبات لا تزال جارية.
ومن المقرر أن تنتهي التدريبات العسكرية في 20 فبراير/شباط بتدريب آخر واسع النطاق في المنطقة، وهو عبارة عن مناورات حربية مشتركة بين الاتحاد الروسي والبيلاروسي.
تفاؤل حذر
بدوره، أشار الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ إلى أن الإشارات الصادرة عن روسيا لمواصلة السبل الدبلوماسية بشأن أزمة أوكرانيا أمر إيجابي، لكن لا تتوافر أي مؤشرات إلى ان موسكو تسحب قواتها من الحدود.
وأكد للصحافيين "ثمة إشارات صادرة من موسكو على ضرورة مواصلة السبل الدبلوماسية، هذا يدفع إلى تفاؤل حذر. لكن حتى الآن لم نلمس أي مؤشر على خفض التصعيد على الأرض". وقال ستولتنبرغ: "نريد أن نرى سحب المعدات" محذراً من أن "الامكانات الموجودة في المكان تسمح بغزو شبه فوري".
ومن المقرر أن يلتقي وزراء الحلف مع نظيريهم الأوكراني والجورجي الخميس في بداية اليوم الثاني لاجتماعهم. وسيناقشون الأربعاء تعزيز الوجود العسكري في رومانيا، على الجانب الجنوبي الشرقي من الحلف، مع مجموعة قتالية تقودها فرنسا.
كما حذر ستولتنبرغ من أن الاعتراف باستقلال المناطق الانفصالية الأوكرانية المؤيدة لروسيا سيمثل "انتهاكًا صارخًا لسيادة ووحدة أراضي هذا البلد، لأن دونيتسك ولوغنسك جزء من أوكرانيا ضمن حدودها المعترف بها دوليًا".
دعاية فاشلة
وكتبت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا على موقع "تلغرام" الثلاثاء: "إن 15 فبراير/شباط 2022 سيدخل التاريخ باعتباره اليوم الذي فشلت فيه الدعاية الحربية الغربية، فقد تعرضوا للعار والتدمير دون إطلاق رصاصة واحدة".
من جهته، أشار وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، إلى أنه يتعين على روسيا سحب جميع قواتها المتبقية من الحدود المشتركة بين البلدين. وقال للصحافيين بعد ورود أنباء عن عودة بعض القوات الروسية إلى القاعدة: "لا تصدق ما تسمعه، صدق ما تراه. عندما نرى انسحابا سنؤمن بوقف التصعيد". وأضاف: "أن المسار الدبلوماسي الذي تتبعه أوكرانيا مع حلفائها يعمل على منع المزيد من التصعيد".
أما وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس، فقالت في حديث صحافي، "حتى نصدق إصرار روسيا على عدم وجود خطط لغزو أوكرانيا يجب عليها سحب جميع قواتها المحتشدة بالقرب من الحدود مع كييف.
تحركات غير عادية
يُذكر أنه في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، طلبت واشنطن توضيحات من روسيا بشأن تحركات "غير عادية" لقواتها على الحدود الأوكرانية. من جانبه، اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغرب بتسليم أسلحة إلى كييف وبإجراء مناورات عسكرية "استفزازية" في البحر الأسود وقرب الحدود.
وفي 28 نوفمبر/ تشرين الثاني، أكدت أوكرانيا أن روسيا حشدت نحو 92 ألف جندي على حدودها، واتهمت السلطات الروسية في المقابل أوكرانيا بحشد قواتها في شرق البلاد.
وهدد الرئيس الأميركي جو بايدن فلاديمير بوتين في 7 ديسمبر/ كانون الأول، بـ "عقوبات اقتصادية شديدة" في حال غزو أوكرانيا، خلال قمة افتراضية ثنائية.
أما الرئيس الروسي فطالب بـ"ضمانات قانونية موثوقة" تمنع أوكرانيا من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وكشفت موسكو مسودتي معاهدتين تنصان على حظر أي توسع لحلف شمال الأطلسي وكذلك إنشاء قواعد عسكرية أميركية في دول الاتحاد السوفياتي السابق.
محادثات متوترة
في 10 يناير/ كانون الثاني أجرى الروس والأميركيون محادثات متوترة في جنيف، ليضيء بعدها الناتو وروسيا على "خلافاتهما" العميقة حول الأمن في أوروبا، خلال اجتماع مجلس الناتو وروسيا في بروكسل. وفي 18 يناير/ كانون الثاني، بدأت موسكو نشر جنود في بيلاروسيا.
والتقى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن نظيره الروسي سيرغي لافروف في 21 يناير/ كانون الثاني في جنيف، ليعلن الناتو بعد 3 أيام وضع قواته في وضع الاستعداد وإرسال سفن وطائرات مقاتلة لتعزيز دفاعاته في أوروبا الشرقية، كما وضعت واشنطن ما يصل إلى 8500 جندي في حال تأهب.
في 7 فبراير/ شباط، قال بوتين إنه مستعد "لتسويات" بعد لقاء طويل في الكرملين مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، وبعد 3 أيام، بدأت القوات الروسية والبيلاروسية مناورات كبرى في بيلاروسيا تستمر عشرة أيام.
وأصرّ بعدها حلف شمال الأطلسي على أن هناك "خطرا فعليا لاندلاع نزاع مسلح جديد" في أوروبا، فيما دعت العديد من الدول رعاياها إلى مغادرة أوكرانيا في أقرب وقت ممكن.
أما بالنسبة إلى الكرملين، فإن المناقشات التي جمعت في اليوم السابق روسيا وأوكرانيا وألمانيا وفرنسا في برلين، لم تفض إلى "أي نتيجة".
وأكدت الولايات المتحدة أن الغزو الروسي لأوكرانيا قد يحصل "في أي وقت" وقررت إرسال ثلاثة آلاف جندي إضافي إلى بولندا.