مع دخول العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا شهرها الرابع، شهدت الخريطة الميدانية تغييرات معظمها لصالح روسيا. مدن أوكرانية عديدة تحولت إلى أهداف روسية وسقطت تباعاً في مواجهات ضارية بين الجيشين الروسي والأوكراني، كما أفادت تقارير عن دخول عناصر أجنبية أرض المعركة وانضمامها إلى صفوف كلا الطرفين.
ونقل عن الرئيس الأوكراني قوله إنه "مستعد للحديث مع بوتين مباشرة وليس عبر وسطاء"، وكان دخل على خط الأزمة والتوسط بين الدولتين رؤساء دول غربيون وعرب فيما يواصل قادة القارة العجوز جهودهم الدبلوماسية لإنهاء الأزمة.
في المقابل، شكل قرار تعليق عضوية روسيا، في السابع من شهر أبريل\نيسان الماضي، سابقة تاريخية ، باعتبار أنها المرة الأولى التي يتم فيها تعليق عضوية دولة من الدول الخمس الكبار من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة.
وجاء هذا القرار بعد وصول تقارير تفيد بالعثور على مئات من جثث المدنيين إثر انسحاب القوات الروسية من أجزاء من أوكرانيا منها مثلاً بوتشا القريبة من كييف. كما يتزايد توافر الأدلة التي تشير إلى أن روسيا استهدفت البنية التحتية المدنية، إضافة إلى محاصرتها لميناء ماريوبول الجنوبي، الأمر الذي شكل تهديداً واضحاً لحياة المدنيين.
سيطرة ميدانية
تفاصيل جديدة كشفها مدير المركز المصري الروسي للدراسات أشرف كمال لـ "جسور" توضح مسار العمليات العسكرية الروسية "تحقق القوات الروسية سيطرة ميدانية رغم تدفق الأسلحة والمرتزقة الأجانب الى داخل أوكرانيا عبر الحدود مع بولندا ورومانيا"
وأضاف أن "القوات الروسية تواصل التقدم والسيطرة على المناطق المستهدفة من خاركوف في الشرق امتداداً الى منطقة دونباس الى خيرسون وزابروجيا في اتجاه أوديسا جنوباً بطول ساحل البحر الأسود فضلا عن كامل السيطرة على مدينة ماريوبول المطلة على ساحل بحر أزوف".
التقدم الروسي الواضح عبر مزيد من السيطرة على المناطق المستهدفة يؤكد أن "الحرب غير المباشرة التي تقودها واشنطن ضد روسيا، تفشل في تحقيق أهدافها" وفقاً لكمال الذي يضيف "كما أن جهود تقويض الاقتصاد وزعزعة الاستقرار الداخلي للبلاد تفشل" .
ويعتقد كمال أنه ومع انطلاق العمليات العسكرية الخاصة في أوكرانيا، في 24 فبراير/شباط 2022، "بدأت مرحلة جديدة في السياسة الخارجية الروسية وفي العلاقات الدولية وإدارة شؤون المجتمع الدولي" مؤكداً "أن الوضع الراهن في أوكرانيا يعكس ضعف وعجز النظام العالمي القائم والذي سعت واشنطن الى تكريسه عقب انهيار الاتحاد السوفياتي".
وضع حد لغطرسة الغرب
كمال لفت أيضاً إلى أن ما يجري في أوكرانيا ليس إلا "نتاج غطرسة الغرب تجاه القوى الأخرى" معتبراً أن طموح الولايات المتحدة تجاوز الحدود وتعدى على حقوق الشعوب الأخرى "من أجل السيطرة وبسط النفوذ، إضافة إلى رغبتها في تحقيق مصالح استراتيجية " وشرح : "تسعى الولايات المتحدة إلى "استنزاف وإضعاف "روسيا بوتين"، للحيلولة دون ظهور قوى أوروبية - آسيوية قادرة على تحقيق اختراق جيوسياسي لمناطق مختلفة من العالم".
أما المقاتلات الروسية التي استهدفت تمركزات "النازيين الجدد"، كما أسماهن كمال، فشرح أنها "في الحقيقة موجهة ضد محاولات فرض السيطرة وبسط النفوذ على شعوب المنطقة والعالم، والتأكيد على أن روسيا تحقق التوازن من جديد، ولا مجال للعودة الى الماضي القريب أو البعيد" مضيفاً "الغرب عليه أن يدرك أن نظام ما قبل 24 فبراير 2022 لم يعد قائما.