في وقت يُعاني فيه اللبنانيون من أزمة محروقات حادة ومتفاقمة منذ أشهر عدّة، انعكست نقصاً في وقود النقل وانقطاعاً شبه تام بالتغذية بالتيار الكهربائي الخاضعة لتقنين قاسٍ جداً، وصلت الشحنة الأولى من الفيول العراقي، من مادة زيت الوقود الثقيل، بناءً على اتّفاق رسمي وقّع بين الجانبين العراقي واللبناني لاستيراد مليون طن من الفيول الثقيل من العراق.
مؤسسة كهرباء لبنان تعوّل على توالي وصول شحنات الفيول العراقي لتحسين التغذية بالتيار الكهربائي. ويُشير مصدر في وزارة الطاقة والمياه اللبنانية، إلى أن "التغذية الكهربائيّة حاليّاً، لا تتجاوز معدل ثلاث ساعات يومياً في مختلف المناطق اللبنانية"، كاشفاً أن النفط العراقي "سيساعد برفع معدلات التغذية بحدود أربع إلى خمس ساعات إضافية ليبلغ إجمالي التغذية اليومية عتبة السبع ساعات".
كما لفت المصدر إلى أن مؤسسة كهرباء لبنان "تتوقع إجراءات يفترض أن تتخذها الحكومة الجديدة، من أجل تحسين قدرتها على رفع الإنتاج الى مستويات مقبولة". وتابع "الشبكة بحاجة إلى عمليات صيانة وتطوير"، موضحاً "أنه ثمة ترقّب لمسار المفاوضات بشأن استجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر إلى لبنان، لنصل إلى تحسّن إضافي في مستوى التغذية بالتيار الكهربائي".
رفض المحاور
بدأ إفراغ الشحنة الأولى من الغاز أويل المستبدل بالنفط العراقي، التي وصلت أخيراً إلى لبنان، بعد أن خضعت لاختبار مطابقتها للمواصفات، وقدّرت حمولتها بـ 32 الف طن. وأفرغ نصف حمولتها في معمل دير عمار شمالي لبنان، فيما سيتم إفراغ النصف الثاني منها في معمل الزهراني جنوبي البلاد.
وتشير المعلومات إلى أن الشحنة الثانية من الفيول العراقي، ستصل خلال الأسبوع المقبل، وستحمل نحو 30 ألف طنّ من الفيول grade B، ضمن صفقة الاستبدال الأولى التي تشمل 84 ألف طنّ من الفيول العراقيّ.
بوشرت الإجراءات العملية، بحضور وفد من السفارة العراقية في لبنان، وإشرافه على تفريغ حمولة الباخرة العراقية داخل المعمل.
في السياق، أكد المستشار العراقي أحمد جمال، أن "الشحنة وصلت بجهود حثيثة، إذ وصلت أولى الدفعات إلى لبنان لمنع الانهيار، حيث أن الاتفاقية تمت بقرار من مجلس الوزراء العراقي لإرسال كميات كبيرة من الفيول العراقي وهي مساعدة وواجب وتلاحم".
وأضاف جمال "نحن لا نعمل بمشروع أو محاور، إنما نعمل لدعم لبنان حرصاً منا على حياة المواطن اللبناني، ونحن سنقف دوماً إلى جانبه لدعمه بكل الإمكانات لتعزيز المشاريع".
بدوره أثنى رئيس معمل دير عمار في لبنان، المهندس طوني يعقوب، على "المبادرة العراقية الاستثنائية التي تأتي في ظل أزمة كهرباء حادة في لبنان"، مؤكداً أنه بصول الشحنة الثانية خلال أسبوعين "ستزيد التغذية مطلع الشهر المقبل وفق الاتفاقية مع الأشقاء العراقيين".
لبنان بين "نفطين"
تزامناً مع وصول طلائع النفط العراقي الى الموانئ الرسمية اللبنانية، شهدت مناطق البقاع (شرقي لبنان)، احتفالات واسعة واستعراضات، لدى عبور عشرات الصهاريج المحملة بالنفط الإيراني القادم عبر معابر غير شرعية، يُسيطر عليها "حزب الله" على الحدود اللبنانية - السورية. أمر أثار تساؤلات حول تزامن وصول النفط الايراني مع الفيول العراقي.
وفي هذا السياق أوضح مصدر عراقي رسمي، لـ "جسور"، أن "لا علاقة للجانب العراقي بتسليم الحمولة في هذا الموعد على اعتبار أن شركة بترول الإمارات الوطنية (إينوك) في دبي، التي رست عليها مناقصة استبدال الفيول، هي من تولى جدولة الشحنات المرسلة الى لبنان".
وأشار المصدر إلى أن "حزب الله" تعمّد "مصادرة حقوق العراق في الثناء على وقوفه الى جانب لبنان، ليُصادرها لصالح إيران، محاولاً إبراز دورها كمنقذ ومساند للبنان في أزمته، علماً ان العراق لطالما وقف الى جاب لبنان وشعبه، وعمل لتصل المساعدات الطبية والغذائية الى جميع فئات الشعب".
ولفت الى أنه منذ إبرام العقد مع لبنان، برزت شبهات فساد عديدة، تنبه إليها الجانب العراقي، حول شفافية وصول الشحنات النفطية الى معامل الكهرباء في لبنان، مؤكداً "ان الجانب العراقي يُتابع الموضوع من خلال مراقبة وزارة النفط العراقية وستقوم بتقديم تقريرها بهذا الشأن".
رسالة دعم ومباحثات حول شحنات لاحقة
في وقت سابق، صرح مدير قسم العلاقات والإعلام في شركة تسويق النفط العراقية (سومو)، حيدر الكعبي، أن "الشحنة الأولى ستنطلق من منطقة المخطاف (قرب خور الزبير في محافظة البصرة)، من الخزّان العائم بكمية 84 الف طن، وستليها شحنات أخرى بالتتابع، بحسب الكميات المتاحة للتصدير من المصافي العراقية ووفق نشرة الأسعار العالمية، وذلك لسدّ الحاجة لمحطات توليد الطاقة في لبنان".
وأشار إلى "أن تسديد ثمن الوقود العراقي سيكون نقداً، بعد سنة من تاريخ كل شحنة، وسيكون هناك مباحثات لاحقة في ما يخص الاستمرار بهذا الاتفاق وتصدير كميات أخرى أو الاكتفاء بالكمية الحالية وهي مليون طن".
كما شدد على "أن تنفيذ الإجراءات المتعلّقة بهذا الاتفاق سيكون من خلال التعامل بين الجهات الرسمية للبلدين حصراً، وهناك صلاحية للحكومة اللبنانية بالتعامل والاتفاق مع الشركات العالمية لاستبدال المنتوج المصدّر من العراق، بمنتوج يُلائم المواصفات للمنتوج المستهلك في محطات توليد الطاقة الكهربائية لديهم (في لبنان)" .
وأوضح أن "هذا الاتفاق رسالة عراقية للشعب اللبناني بأننا نقف إلى جانبه في هذا الظرف الصعب الذي سينتهي قريباً".