عندما اقتحم مئات المتظاهرين الغاضبين المسلّحين بالعصي هذا الأسبوع مبنى بلدية ألماتي عاصمة كازاخستان الاقتصادية، كان شعار يطغى على الهتافات الأخرى وهو شعار "ارحل أيّها العجوز!"
لم يقصد المحتجّون بذلك الرئيس الحالي للبلاد قاسم جومارت توكاييف (68 عامًا)، بل سلفه نور سلطان نزارباييف (81 عامًا) الذي حكم كازاخستان بقبضة حديد منذ الاستقلال عام 1989 وحتى العام 2019.
ويحافظ الرئيس السابق على نفوذه إلى اليوم حتى بعد تنحّيه من السلطة في أكبر دولة في آسيا الوسطى والبالغ عدد سكانها نحو 19 مليون شخص.
وفيما يحاول أن يعكس صورة الرجل الحكيم والمعتدل، يتّهمه متظاهرون بأنه زاد من ثرواته ومن ثروات محيطه على حساب الشعب الذي يواجه صعوبات اقتصادية متزايدة.
وعزّز نزارباييف عبادة الشخصية من خلال تكوين صورة لنفسه بأنه الرئيس القوي الذي قاد النمو الاقتصادي المزدهر في كازاخستان على مدى عقدين، ما حماه على ما يبدو من الانتقاد.
ومنح نفسه لقب "الباسي" ("قائد الأمّة"). وغُيّر اسم العاصمة المعروفة سابقًا بـ"استانا" إلى "نور سلطان" تيمنا به، في العام 2019.
ومن الخارج، سعت مجموعة من المستشارين يتقاضون أجورًا عالية، مثل رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، إلى تصويره على أنه رجل دولة متّزن وملتزم الدبلوماسية النووية وبالسلام العالمي.
غير أن هذه الصورة تلاشت عندما هزّت كازاخستان أكبر تظاهرات منذ استقلال البلاد، بدأت أولّا احتجاجًا على ارتفاع أسعار الغاز قبل أن تتخللّها أعمال شغب أسفرت عن 164 قتيلا بحسب وسائل الاعلام.
ودمّر متظاهرون تمثالًا لنزارباييف في تالديكورغان في جنوب شرق البلاد في مشهد لم يكن يُتوقّع حدوثه في الماضي.
وترافق الشغب بشائعات انتشرت بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي عن صراعات في الرئاسة بين مناصري نزارباييف وخلفه توكاييف.
ويُفسّر الغضب الشعبي العارم ضد نزارباييف بالفضائح المتورّط فيها محيطه.
وأظهرت تسريبات لوثائق فضلًا عن مسار قضائي في لندن حجم ثروة الابنة البكر للرئيس السابق، داريغا نزارباييفا، من بينها عقارات فخمة في الخارج.