يتزايد العنف الجنسي بحق النساء، والمراهقات وحتى الفتيات، في جمهورية افريقيا الوسطى والتي تُعدّ من بين الأكثر فقراً في العالم، وتعاني من حرب أهلية. وتؤكد الأمم المتحدة أن متمردين وميليشيات وقوات أمنية تمارس هذا العنف.
ويستقبل مركز إصغاء في باوا على بعد 500 كلم شمال غربي بانغي، الضحايا. وأحصى مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة 6336 عملية عنف قائم على النوع الاجتماعي بين كانون الثاني/يناير وتموز/يوليو 2021 في كل أرجاء البلاد، ربع هذه الحالات عنف جنسي، في زيادة بنسبة 58 بالمئة مقارنةً بالفترة نفسها من العام 2020.
فريسة سهلة
تمّ نصب خيمة من القش في آخر ساحة تظللها أشجار المانغو، ولا يوجد في الخيمة سوى مكتب بسيط، فلا لافتات ولا لوحات تشير إلى هوية المكان، حفاظاً على السرية والأمن. تستمع يومياً اختصاصيتان في علم النفس الاجتماعي من المجلس الدنماركي للاجئين إلى أكثر من 10 ضحايا، بينهن مايا، (15 عاماً) اغتصبها رجل مسلح منذ أربعة أشهر، بينما كانت تحصد جذور نبات الكسافا في شمال غرب جمهورية افريقيا الوسطى. منهكة، لا تتمكن المراهقة من إيجاد الكلمات للتعبير عن شعورها، ولكنها تقبل بالتحدث عن الصدمة التي تعتريها. وتقول بصوت منخفض وخجول "كنت وحدي في الحقل عندما أمسك بي رجل مسلح يعتمر قبعة". يصعب على مايا قول كلمة "اغتصاب". وتضيف "قلت له إنني عذراء وتوسّلت إليه ألا يلحق بي الأذى". توسلات مايا لم تجد نفعاً، وهي اليوم حامل بطفل جلادها. وتقول المساعِدة النفسية لولا (اسم مستعار) "هنا، النساء هن غالبا المسؤولات عن إطعام عائلاتهن ويعملن في الزراعة". وتضيف "وحدهن ودون حماية في الحقول يشكلن فريسة سهلة للمتمردين".
الميليشيات
واندلعت الحرب الأهلية عام 2013 بين دولة شبه منهارة وعدد من المجموعات المسلحة، وبعدما انخفضت حدتها منذ ثلاث سنوات، شهدت منعطفاً مفاجئاً منذ عام، عندما أطلق المتمردون هجوماً للإطاحة بالرئيس فوستان آركانج تواديرا. كانت هذه المجموعات تسيطر على ثلثي مساحة إفريقيا الوسطى. ولكن قادت القوات العسكرية مدعومةً من مئات المرتزقة الروس هجوماً مضاداً أجبر المتمردين على التراجع. واستعادت السلطات الحاكمة في بانغي السيطرة على معظم أراضيها. وغيّرت المليشيات من تكتيكاتها في الأرياف، فضاعفت حرب العصابات المتخفية ومضايقة المدنيين.
معطيات مقلقة
وترتفع لافتات في مستشفى باوا مطالبةً بمنع حمل السلاح. ويدير الطبيب فابريس كلافير أسانا عيادةً مخصصة لضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي. ويتحدث عن "معطيات مقلقة". ولم تقدم ضحايا العنف أي شكوى، لأن هذه الجرائم غالباً ما لا تلقى العقاب الرادع في غياب قضاء يعمل على المحاسبة.