أنهت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق عمليات العد والفرز اليدوية في المحطات المطعون بها، بما في ذلك آخر المحطات في محافظة نينوى شمال البلاد.
وبهذه العملية يكون ماراثون الانتخابات العراقية وصل إلى آخر محطاته، وهو المحكمة الاتحادية العليا التي من المتوقّع أن ترفع الهيئة القضائية للانتخابات النتائج النهائية إليها، في الايام المقبلة، لغرض المصادقة عليها.
فمع انتهاء العد والفرز اليدوي للنتائج، ما هي الخطوات المقبلة؟
إنتهاء عمليات العد والفرز
تؤكد المفوضية العليا المستقلة للانتخابات انها اكملت جميع عمليات اعادة العد والفرز اليدوي بناءً على قرار الهيئة القضائية للمحطات المطعون بها قضائيا، والتي كانت اخرها محطات محافظة نينوى، وارسلت نتائجها الى الهيئة القضائية وتنتظر ردها .
وفي هذا الاطار، قال عضو الفريق الاعلامي لمفوضية الانتخابات، مهند الصراف، في حديث لـ "جسور" إن الفرق الفنية المختصة في المفوضية قد اكملت عمليات إعادة العد والفرز اليدوي لمحافظات ذي قار والمثنى والنجف وبغداد ونينوى بناءً على قرار الهيئة القضائية للانتخابات بحضور ممثلي المرشحين مقدمي الطعون وأمام المراقبين الدوليين والاعلاميين المخولين.
وكشف الصراف عن أن نتيجة العد والفرز اليدوي جاءت متطابقة بنسبة 100% مع نتائج العد والفرز الالكتروني يوم الاقتراع، لافتا إلى أنّ اللجنة المشكلة عرضت تقاريرها المرفوعة على مجلس المفوضين والذي أوصى بدوره بإرسال النتائج الى الهيئة القضائية للانتخابات للبت بها .
ويؤكد الصراف تنفيذ المفوضية الاجراءات والتعليمات حول نقض 21 قرارا لمجلس المفوضين من قبل الهيئة القضائية، البعض منها لأسباب اجرائية ترتب على اثرها إلزام المفوضية بإعادة العد والفرز اليدوي للمحطات المطعون بها والبعض لأسباب قانونية وفنية ترتّب عنها إلغاء نتائج بعض مراكز الاقتراع .
وقال الصراف لـ "جسور": "نحن بانتظار الرد من الهيئة القضائية للانتخابات ليتسنى للمفوضية تنظيم وترتيب القوائم النهائية بأسماء الفائزين بالانتخابات ورفعها الى المحكمة الاتحادية العليا للمصادقة على النتائج .
وهل تمتلك المحكمة الاتحادية العليا رفض المصادقة أو المصادقة الجزئية على نتائج الانتخابات؟
المحطة الأخيرة
من الناحية الدستورية، رأى الخبير القانوني، علي التميمي، أنه بعد أن تُعلن الهيئة القضائية الثلاثية الطعون الانتخابية تُعلم مجلس المفوضية بذلك ليقوم برفع الاسماء الفائزة بالانتخابات إلى المحكمة الاتحادية العليا للمصادقة عليها وفق المادة ٩٣ الفقرة السابعة من الدستور العراقي.
التميمي وفي اتصال مع "جسور"، أوضح أن المصادقة هي المحطة الأخيرة في ضمانات الانتخابات، حيث تقوم المحكمة الاتحادية بتدقيق الإجراءات المتخذة في خطوات الانتخابات السابقة من ألفها إلى يائها، حيث ان هذه المصادقة تعني التأييد وإعطاء الصفة الدستورية للنتائج.
ووفق ما تقدم، يقول التميمي، إنه إما أن تصادق المحكمة الاتحادية على النتائج بشكل عام أو تصادق بشكل جزئي كما حصل في العام ٢٠١٨ عندما استبعدت بعض المرشحين لوجود القيود الجنائية بحقهم او ان لا تصادق و ترفض بناء على خروقات دستورية أو قانونية أو طعون تحمل ادلة، وبالتالي يحق للمحكمة الاتحادية العليا ان ترجئ المصادقة الى حين إتمام المطلوب من المفوضية.
ولفت الخبير القانوني لـ "جسور"، إلى أنّ القضاء الدستوري يبقى الملاذ الأخير لحماية المواطنين وضمان حقوقهم الدستورية والقانونية.
تصعيد جديد في الشارع؟
وفيما ينتظر الفائزون في الانتخابات، المصادقة على النتائج لغرض الشروع في إجراءات تشكيل الحكومة، فإن الخاسرين الذين ينتظمون تحت "الإطار التنسيقي" رفعوا سقف مطالبهم إلى حد عدم الاعتراف بالنتائج.
ويرى المراقبون السياسيون المتابعون لطبيعة الأزمة السياسية الحالية التي يشهدها العراق، بعد مضي نحو شهر ونصف الشهر على إجراء الانتخابات البرلمانية خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أنه من الصعوبة لجوء المحكمة الاتحادية إلى خيار عدم المصادقة على نتائج الانتخابات، لا سيما بعد إعلان مفوضية الانتخابات مطابقة النتائج بين العد والفرز اليدوي والإلكتروني، الأمر الذي سيؤدي إما إلى إذعان الخاسرين للنتيجة أو اللجوء إلى تصعيد جديد في الشارع قد يؤدي إلى عرقلة تشكيل الحكومة المقبلة.
وهنا يقول المستشار في المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، الدكتور الناصر دريد، في حديثه لـ "جسور" أن المؤشرات الحالية تفتح الباب أمام احتمالين:
أولاً، محاولة دولة القانون إقناع المعترضين بقبول قرار المحكمة، وبالتالي سيكون غالبا لصالح بقاء النتائج كما هي، وثانياً، محاولة "الإطار التنسيقي" الضغط على المحكمة للخروج بقرار مخالف للواقع وهذا أمر صعب للغاية.
ويؤكد دريد أن المعطيات الحالية تؤشر إلى أن المحكمة ستصادق على نتائج الانتخابات كما أعلنتها المفوضية، ومن الصعب جدا على المعترضين البقاء في اعتراضهم إلا اذا قرروا سحب اعترافهم بكل النتائج القانونية والمقاطعة او التصعيد.
ورجّح دريد أن تشهد الأيام القليلة المقبلة انشقاقات داخل "الإطار التنسيقي".