تزداد معركة الاستحقاق النيابي في لبنان حماوة، مع اقتراب موعد اقتراع المغتربين في السادس والثامن من مايو/أيار الجاري. حقائق جديدة تتفجر يوماً بعد يوم وتكشف عن تجاوزات وعراقيل في عملية التحضير له.
فبعد أستراليا والولايات المتحدة وفرنسا، فضيحة جديدة وضعت برسم وزارة الخارجية اللبنانية مسرحها هذه المرة الإمارات العربية المتحدة، حيث رفع اللبنانيون المقيمون فيها الصوت عالياً بسبب تخصيص وزارة الخارجية مركزاً يتيماً للاقتراع في إمارة دبي فيما عدد المسجلين على أراضيها يتجاوز العشرين ألفاً، ما أثار الريبة في نوايا السلطة.
تجاوزات وشكوك
"الدستور اللبناني يكفل للمواطن حق الاقتراع" يؤكد رئيس مجلس العمل اللبناني في دبي والإمارات الشمالية شارل جحا في اتصال مع "جسور" ويتابع "أما ما يحصل في دبي فهو سلب لهذا الحق".
وأشار جحا الى أن " 21 ألف ناخب من الجالية اللبنانية المقيمة في الإمارات والبالغ عددها 350 ألفا، سجلوا أسماءهم للاقتراع في الاستحقاق المقبل إلا أن وزارة الخارجية لم تخصص لهم سوى مركز واحد في القنصلية اللبنانية في إمارة دبي"، لافتاً إلى أن "5 آلاف ناخب لبناني سجلوا اسماءهم عام 2018 اقترع منهم نحو 2500، بالتالي وفي عملية حسابية بسيطة وبناءً على النسبة ذاتها من المرجح أن يصوت هذه السنة أكثر من 11 ألف ناخب على أقل تقدير في ظل وجود الحماس الكبير للتغيير في لبنان".
أما المشكلة الأكبر هي في عجز القنصلية عن استيعاب هذا العدد الكبير من الأشخاص لوجستياً، بحسب جحا، "ما سيحصل أن الناس سوف تضطر للانتظار خارجاً في حرارة مرتفعة جداً كما أن لا مكان كافٍ لركن السيارات"، أما في الداخل فالأمر ليس أفضل حالاً إذ من غير المعروف إن كان باستطاعة المسؤولين تنظيم الاقتراع بحيث تتفادى الازدحام ويجد كل ناخب وقتاً كافياً له".
تجاوزات عديدة سجلت ضد وزارة الخارجية اللبنانية بعد أن طُلب منها استحداث مركز ثانٍ أو أكثر للناخبين، يشرح جحا مضيفاً "أولا، تجاوزت وزارة الخارجية الأصول حين وجهت في شهر مارس/آذار عن طريق القنصلية العامة اللبنانية في الإمارات رسالة إلى وزارة الخارجية الإماراتية لكون الإمارات تطلب أن تتم مراسلة خارجيتها عن طريق سفارات الدول وليس قنصلياتها" معتبراً "أن عدم معرفة الجهات المعنية في لبنان بالقرار الإماراتي أمر مشكوك به".
التجاوز الثاني يتابع جحا " بعد مرور أسابيع على عدم تلقي القنصلية أي رد من دولة الإمارات لم تعاود الخارجية اللبنانية ملاحقة الموضوع ومتابعته وانتظرت حتى العاشر من أبريل/نيسان لتوجه رسالة أخرى إلى الخارجية الإماراتية وهذه المرة عن طريق السفارة اللبنانية".
أما التجاوز الثالث حصل بعد وصول الرد في السابع عشر منه أي بعد ستة أيام فقط "لقد سمحت الإمارات باستخدام "مركز دبي العالمي" كمركز اقتراع مع ما يتضمنه من قاعات كبيرة تتسع لمئات الآلاف من الأشخاص إلا أن المفاجأة الكبرى كانت في ردة فعل القنصلية العامة وشرح قائلاً "لقد اعتبرت القنصلية أن الرد على رسالتها جاء متأخراً ما يجعل إجراء التحضيرات اللوجستية اللازمة في الوقت المتبقي مستحيلاً".
وهنا لفت جحا إلى "أن دولة الإمارات لم تتأخر في تلبية طلب لبنان وأنها متجاوبة جداً مع كل الطلبات التي تردها وفق الأصول، أما القول إن الرد جاء متأخراً فليس سوى تبرير غير موفق في بلد متطور كالإمارات يمكنه تنفيذ أي مشروع في وقت قياسي".
دعوة إلى لبنانيي الإمارات
"التجاوزات والتبريرات غير المنطقية تدعو للشك في نية الدولة اللبنانية تعقيد الأمور بدل تسهيلها لخفض نسبة الاقتراع" كما يرى جحا مرجحاً أن يكون السبب "اتجاه مزاج الناخب اللبناني في الإمارات إلى التغيير من أجل الوصول بلبنان إلى بر الامان وإعادته إلى موقعه الحضاري ". لكنه وعبر منصة "جسور" وجه رسالة إلى كل اللبنانيين في دبي داعيا إياهم الى الاقتراع إذ أمامنا تحدٍ كبير وعلينا الاقتراع بكثافة مهما كانت الظروف قاسية يوم الانتخابات كي ننال التغيير المنشود".
ومن دبي إلى فرنسا حيث تواصلت "جسور" مع الناشط السياسي المهندس جان بيار عندس الذي شرح لنا أكثر عن نشاط الأحزاب التقليدية والمجتمع المدني وتحديدا "حزب القوات اللبنانية وأكد أنهم سيقومون بتغطية مراكز الاقتراع المنتشرة على الأراضي الفرنسية عبر مندوبين لهم"
في المقابل لفت إلى أن "المجتمع المدني أو ما يسمى بالثورة لا وجود لهم على الأرض أو من خلال مواقع التواصل" ومرجحاً عدم قدرتهم على تأمين مندوبين في مراكز الاقتراع.
وأشار عندس إلى أن "التيار الوطني الحر يظهر عمله خجولاً على الساحة الفرنسية مرجحاً أن يكون السبب "لكون التيار الوطني الحر يرى نفسه قوياً في فرنسا، إذ لسنوات عرف عن اللبنانيين المقيمين فيها أنهم من المسيحيين الموالين له".
ضمان التيار الوطني الحر أكثرية أصوات الناخبين في فرنسا ساهم إلى حد ما في جعل عملية التنظم أقل سوءاً من أستراليا وأميركا، يشرح عندس "موضوع عدم التنظيم يتكرر هنا إذ كما في أستراليا وأميركا تم تشتيت أفراد الأسرة الواحدة على مراكز اقتراع مختلفة ومتباعدة" لكنه يتابع "إلا أن الموضوع ليس بالسوء ذاته".
لكنه توقع أن تكون أسماء مناصري التيار الوطني الحر حصرت في مراكز محددة ورجح أن يلجأ التيار الوطني الحر، يوم الانتخاب، إلى تأمين تغطية إعلامية لتلك المراكز بهدف إعطاء دفع للناخبين في لبنان الأسبوع التالي".
واشار إلى أن نتائج الانتخابات عام 2018 أظهرت تقدماً طفيفاً للائحة الموالية للتيار الوطني الحر وحلفائه بعد تغير مزاج الناخب مرجحاً أن تميل الدفة أكثر للأحزاب المعارضة للسلطة هذه السنة"