بعد انتهاء انتخابات المغتربين اللبنانيين التي جرت في 58 دولة موزعة على قارات العالم، وما عكسته حماسة هؤلاء سعيا وراء التغيير في بلدهم والتخلص من المنظومة الحاكمة، يراهن البعض على أهمية أصوات هؤلاء في النتائج النهائية للانتخابات التي من المفترض أن تجرى داخل لبنان، الأحد المقبل.
وبحسب أرقام رسمية غير نهائية، بلغت نسبة المشاركة حوالى 60 بالمئة من مجمل الذين تسجلوا مسبقاً للمشاركة بالاقتراع في الخارج والبالغ عددهم نحو 225 ألفاً، وهو عدد فاق عدد الذين تسجلوا للاقتراع عام 2018 بنحو 3 أضعاف.
ورغم الزخم الإعلامي الذي رافق هذه الجولة الانتخابية خصوصاً عبر مواقع التواصل، إلا أن خبراء ومراقبين يجمعون على أن اقتراع المغتربين سيكون تأثيره محدودا في نتائج الانتخابات النهائية.
تأثير محدود
وانطلاقا مما عكسته تصريحات اللبنانيين الذين أدلوا بأصواتهم في الانتخابات خارج لبنان معبرين عن نقمتهم على المنظومة الحاكمة، تعول الأحزاب المعارضة ومجموعات المجتمع المدني على إمكانية التغيير في وجه أحزاب المنظومة، لا سيما في ظل الأزمات التي يعيشها اللبنانيون، وهو ما عبّر عنه مسؤولون فيها بعد إقفال صناديق الاقتراع في كل الدول.
وبانتظار ما ستظهره صناديق الاقتراع، يرى بعض الخبراء أنه ليس هناك من رابط بين انتخابات المغتربين والمقيمين، وهو ما تحدث عنه الخبير الانتخابي، محمد شمس الدين، معتبرا أن لانتخابات المغتربين تأثير محدود على نتائج الانتخابات بشكل عام ولن تؤدي إلى قلب المشهد السياسي في لبنان.
مناخ تغييري "جارف"
وفي حديث لـ"جسور"، أوضح شمس الدين أنه "في عام 2018 تسجّل 83 ألف ناخب واقترع 47 ألفا، وهذا العام تسجّل 225 ألفا وانتخب 130 ألفا، وبالتالي عدد المقترعين هذا العام أكبر وإن كانت نسبة المشاركة متقاربة، إنما هذا الأمر لا يقلب مقاييس النتائج إنما سيكون له تأثير محدود لجهة التغيير ولصالح المجموعات المعارضة التي من المتوقع أن تكون معظم أصوات المغتربين أتت لصالحها".
وفي المقابل، يعتبر شمس الدين أنه ليس هناك أي رابط بين انتخابات المغتربين والمقيمين لأسباب مرتبطة باختلاف الظروف التي يعيشها الطرفان، موضحا: "في الداخل المال الانتخابي سيكون له الدور الكبير إما بزيادة نسبة الاقتراع أو تراجعها، لا سيما وأننا نلاحظ في لبنان خصوصا في بعض الدوائر دفع الكثير من المال أي الرشاوى الانتخابية، وهذا الأمر ليس موجودا في الخارج ولا يؤثر على قرار المغتربين.
وأكد شمس الدين، أن مشاركة المغتربين في التصويت للانتخابات الحالية مهم على ضوء التغييرات التي حصلت بعد ثورة 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، والنقمة العارمة على السلطة الحالية.
وقال إن المناخ العام في الخارج هو مناخ تغييري "جارف"، خصوصا وأن الانتشار اللبناني في الخارج خلال السنوات الأخيرة، كان وجودًا اضطراريًا بسبب قلة فرص العمل، والتدهور الاقتصادي والمعيشي في البلاد، مؤكدا أنه رغم أهمية نسب اقتراع المغتربين، إلا أنه لن يكون لها أي تأثير تغييري جذري، لكنه أمل أن تكون توجّهات اقتراع المغتربين مؤشرًا على التوجّه التغييري للمقترعين داخل لبنان يوم الأحد في 15 مايو/أيار.
أرقام غير رسميّة
وأشارت "الدوليّة للمعلومات" إلى تراجع نسبة الاقتراع في السعودية من 56.2% عام 2018 إلى 49.3%، وفي قطر من 73.8% إلى 66.3%، وأمّا في الإمارات فتخطّت 70%.
وقبل أن تصدر النتائج الرسمية عن وزارة الخارجية أكّدت نتائج ماكينات حزبية بناء على النتائج التقريبية لصناديق الاقتراع أنّ نسبة السُنّة المشاركين في العملية الانتخابية في أماكن وجودهم في بعض الدول لم تتجاوز 20%، بينما في الإمارات كانت نسبة الاقتراع الأعلى لدى المسيحيّين ومجمل هؤلاء ذهب خيارهم أكثر نحو قوى التغيير. في المقابل سجّلت إيران 83.8%، وسوريا 73.8%.
وهنا يقول الباحث في "الدولية للمعلومات" محمد شمس الدين إنّ التعويل الأكبر هو على المليون والـ700 ألف ناخب الذين سيقترعون في الدوائر الانتخابية يوم الأحد المقبل، مع التأكيد أنّ قراءة الأرقام "بالسياسة" تنتظر صدورها رسميّاً بعد فرز كلّ الأقلام الأحد، فإنّ كلّ التوقّعات كانت تنتظر مشاركة أكثر من 200 ألف ناخب في الدول الـ58 من أصل 225,114 ناخباً.
وفي تسجيل الناخبين حلّت أوروبا في الدرجة الأولى بأعداد بلغت 69,374 (30.82%)، ثمّ آسيا والدول العربية في المرتبة الثانية بأعداد بلغت 56,939 (25.29%)، تليهما أميركا الشمالية بأعداد وصلت إلى 56,578 (25.13%)، أمّا من حيث أعداد الناخبين فقد حلّت فرنسا في المرتبة الأولى (28,083)، تلتها الولايات المتحدة الأميركية (27,925)، ثمّ كندا (27,413)، وفق الدولية للمعلومات.
وجاءت الطائفة المارونية في المرتبة الأولى لناحية عدد الناخبين الذين بلغوا 74,076، أو ما نسبته 32.91%، تلتها الطائفة السنّيّة بعدد وصل إلى 45,815 (20.35%)، ثمّ الطائفة الشيعية بـ44,967 (19.98%).
والانتخابات البرلمانية هي الأولى بعد انتفاضة شعبية عارمة شهدها لبنان في خريف 2019 طالبت بتنحي الطبقة السياسية وحمّلتها مسؤولية التدهور المالي والاقتصادي والفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة.
وينظر كثر إلى الانتخابات كفرصة لتحدي السلطة، رغم إدراكهم أن حظوظ المرشحين المعارضين والمستقلين لإحداث تغيير سياسي ضئيلة في بلد يقوم على المحاصصة الطائفية وأنهكته أزمات متراكمة.