غرقت طهران في صمت مطبق ليل الثلاثاء حزناً على خسارة المنتخب الوطني الإيراني في كرة القدم أمام نظيره الأميركي، في هزيمة أقصت الإيرانيين من مونديال قطر وتبخّر معها حلمهم بتكرار إنجاز 1998 حين فاز "تيم ملّي" على منتخب "الشيطان الأكبر".
وخلافاً للأجواء الاحتفالية التي شهدتها طهران الجمعة عندما راح الإيرانيون يرقصون حاملين أطفالهم على أكتافهم وهم يلوّحون بالأعلام احتفالاً بفوز منتخبهم على ويلز، فإنّ الصوت الوحيد الذي دوّى في العاصمة ليل الثلاثاء كان وقع الهزيمة أمام الولايات المتّحدة بهدف وحيد.
إنتشار أمني
ولمنع أيّ تظاهرات مناهضة للسلطات، انتشرت في طهران أعداد كبيرة من عناصر الشرطة، بعضهم بالزيّ العسكري والبعض الآخر بالزيّ المدني، وتركّز وجود هذه العناصر على التقاطعات المرورية الأساسية والشوارع الرئيسية التي جابتها أيضاً دراجات نارية تابعة لوحدات مكافحة الشغب.
وفي دار ثقافي في شمال طهران، تجمّعت قرابة عشرين أسرة أمام شاشة تلفزيون كبيرة لمتابعة المباراة. ومع انطلاق النزال راح الأطفال يلوّحون بأعلام بلدهم ويصيحون بأعلى صوتهم "ماذا ستفعل إيران؟ ستمزّق خصمها!"، و"هيا! هيا! إلى الأمام".
لكنّ هدف الولايات المتّحدة في الدقيقة 38 أضعف الروح المعنوية لهؤلاء المشجّعين، على الرّغم من أنّ قسماً كبيراً منهم كان لا يزال يتمسّك بالأمل في أن ينقلب الحظ العاثر.
وبالنسبة إلى أصغر محمدي، وهو تاجر يبلغ من العمر 50 عاماً وجاء مع ابنه لمتابعة المباراة، فإنّ ما لفت انتباهه هو الروح الرياضية التي سادت أرض الملعب في وقت تعتبر فيه الجمهورية الإسلامية الولايات المتّحدة عدوّها الأول. وأضاف محمّدي "لقد قال كثيرون إنّ هذه المباراة ستلوّثها السياسة، لكنّنا لم نرَ سوى سلوكاً ودّياً بين اللاعبين على أرض الملعب. في كلّ مرة سقط فيها لاعب أرضاً كان الخصم يساعده على النهوض".
وعلى الرّغم من أنّها ليست قمّة كروية، لأنّ أيّاً من المنتخبين ليس مرشّحاً للفوز باللقب، إّلا أنّ المباراة بين إيران والولايات المتحدة تصدّرت عناوين الصحف بسبب دلالاتها الرمزية والسياسية، لا سيّما وانّ العلاقات الدبلوماسية بين البلدين مقطوعة منذ أكثر من 40 عاماً.