في الاحتفال الذي اقامه حزب الله يوم الجمعة الماضي للاعلان عن نشاطات الحزب التي ستقام في الذكرى الأربعين لتأسيسه ، أعلن مسؤول وحدة الاعلام والعلاقات العامة في الحزب الحاج محمد عفيف أن الحزب يجري تعديلات ومناقشة حول الوثيقة السياسية التي اعلنت عام 2009 ومما قاله عفيف : " لسنا اليوم بصدد وثيقة سياسية موجودة بالفعل، يجري العمل على تنقيحها وتطويرها بتأنٍ وهدوء، تتضمن رؤيتنا إلى بلدنا ومستقبله، وإلى دورنا فيه وفي الدفاع عنه، وإلى تحالفاتنا المحلية والاقليمية، وإلى رؤيتنا إلى مآلات الصراع في المنطقة وعليها" .
هذا الموقف يؤكد ان حزب الله يجري اليوم مناقشات ومراجعات داخلية حول دوره في لبنان والمنطقة ومواقفه من مختلف التطورات ، خصوصا ان الوثيقة السياسية الأخيرة للحزب اعلنت عام 2009 وتضمنت رؤية الحزب لمشروع الدولة في لبنان وتضمنت مواقف فكرية وسياسية مهمة انذاك ، لكن منذ العام 2009 وحتى اليوم حصلت تطورات مهمة سياسية واستراتيجية داخلية وخارجية ، ومنها الحرب في سوريا والثورات الشعبية العربية والتحركات الشعبية في لبنان والازمة الاقتصادية والمعيشية وانفجار مرفأ بيروت والانتخابات النيابية والتطورات في فلسطين والمنطقة والعالم، وكل ذلك يتطلب اعادة النظر بأداء الحزب ومواقفه تجاه الداخل والخارج مع الحفاظ على الثوابت الفكرية والسياسية وخصوصا الايمان بولاية الفقيه والدفاع عن المقاومة .
من المعروف ان حزب الله تأسس في حزيران من العام 1982 بعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان، وهو تشكل من مجموعات اسلامية متنوعة من حزب الدعوة الاسلامية والاتحاد اللبناني للطلبة المسلمين وحركة امل الاسلامية وتجمع علماء البقاع وتجمع العلماء المسلمين في بيروت وعدد من العلماء من مختلف المناطق ومناضلين سابقين في حركة فتح وتنظيمات اسلامية وفلسطينية متنوعة ، كلهم اندمجوا في اطار مشروع الحزب المقاوم وتلقوا دعما من الجمهورية الاسلامية الايرانية والامام الخميني والحرس الثوري الايراني، وهناك كتب ودراسات عديدة كتبت عن تاريخ الحزب وكيفية التأسيس والرؤية التي حملها انذاك ونظرته للمقاومة والعلاقة مع الجمهورية الاسلامية والدولة الاسلامية والنظام اللبناني ، وقد تجسدت هذه الرؤية في الرسالة المفتوحة والتي اعلنت في 16 شباط من العام 1985.
لكن منذ ذلك التاريخ ( سواء خلال التأسيس في العام 1982 او تاريخ اعلان الوثيقة الاولى في شباط 1985) تطور الحزب كثيرا وتحول من مجموعات مقاومة ومقاتلة ومن تنظيم جهادي الى اكبر حزب سياسي وشعبي في لبنان واصبح قوة مقاومة في لبنان وعلى مستوى المنطقة وهو يمتلك قوة عسكرية مميزة في العدة والعتاد، اضافة الى عشرات المؤسسات الاعلامية والثقافية والاجتماعية والصحية والتربوية ومراكز الدراسات والابحاث، وكتلة نيابية كبيرة وحضور وازن في مؤسسات الدولة في الحكومة والبلديات والمؤسسات المختلفة .
لكن رغم كل تلك القوة والقدرات المميزة التي امتلكها ويمتلكها الحزب اليوم ودوره الكبير داخليا وخارجيا ، فهو يواجه تحديات متعددة سواء على مستوى الداخل من ازمات معيشية واجتماعية واقتصادية وكيفية مواجهة الفساد وبناء الدولة، أو على صعيد الخارج من حرب إقليمية ودولية واتهامات له من قبل بعض الدول العربية بالتدخل في شؤونها، وكل ذلك انعكس سلبا على دور الحزب وموقعه، وخصوصا بسبب دوره في سوريا واليمن والعراق والبحرين، مما طرح نقاشات عديدة حول هذا الدور وانعاكاساته الداخلية والخارجية ومشروعه الاسلامي والوحدوي والمقاوم وطبيعة علاقاته مع مختلف الاتجاهات الفكرية والسياسية.
من هنا اهمية ما اشار اليه المسؤول الاعلامي في الحزب الحاج محمد عفيف من البحث حول مراجعة الوثيقة السياسية الحالية والتي اعلنت في العام 2009 ، وكذلك النشاطات والاحتفالات التي ستجري لاول مرة منذ تأسيسه الى اليوم بشأن الذكرى الاربعين للتأسيس والانطلاقة الاولى .
وعلى ضوء ذلك فان كل اللبنانيين والعرب والمهتمين بمسيرة الحزب ودوره سينتظرون طبيعة التعديلات التي ستجري على الوثيقة السياسية والمقاربات الجديدة لدوره في الداخل والخارج .
وبانتظار ذلك ستكون مسيرة الحزب ومواقفه ودوره المستقبلي موضع حوار ونقاش في لبنان والخارج.