كتب ناجي يونس في جسور:
تتقاطع المعطيات بين أكثر من متابع للشؤون اللبنانية وارتباطها بالعوامل الاقليمية والدولية المؤثّرة على الواقع الداخلي اللبناني.
ويظهر جليًا من خلال هذه التقاطعات أن الصورة أصبحت محسومة بالنسبة الى ملفات وعناوين كثيرة في لبنان أبرزها:
-الفراغ الرئاسي سيقع ولا أحد يعرف كم سيطول.
-تشكيل حكومة جديدة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي شبه محسوم حيث يرجّح أن يمارس حزب الله ضغوطًا متصاعدة توصلا الى التشكيل ونيل الحكومة العتيدة الثقة النيابية قبل نهاية ولاية الرئيس ميشال عون في 31 اكتوبر/ تشرين الاول الجاري.
-استمرار الاهتراء المؤسساتي والأمني والاقتصادي والاجتماعي والمالي مسار سيتأزم بقدر ما سيطول الفراغ الرئاسي حيث أصبح مسلمًا به ان لا سقف لسعر صرف الدولار مثلا.
-بغياب أكثرية نيابية سيستحيل على فريق الممانعة حسم المعركة الرئاسية والامر نفسه ينسحب على الفرقاء المعارضين لحزب الله وحلفائه.
-الرئيس الجامع هو الأوفر حظًا لكن هذه الصفة لا تزال موضع خلاف بين اللبنانيين.
وفي هذا الاطار تقول أوساط تابعت التقاطع الآنف الذكر ان القناعة راسخة باستحالة وصول اي من المرشحين المحسوبين على الممانعة تحديدًا النائب جبران باسيل ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية وهو ما ينسحب كذلك على أي مرشح ستمشي به الكتل السيادية والمستقلة والاصلاحية والتغييرية.
وعمّا نقل عن دعم الفرنسيين لفرنجيه تؤكد الاوساط عينها ل"جسور" ان الفرنسيين حريصون على الاستقرار في لبنان وهم منفتحون على مختلف الأطراف، ولفرنجيه عطف ملموس لديهم الا انهم لا يتبنون اي مرشح ويدركون استحالة وصول اي شخصية لا تحظى بتفاهم وطني عريض الأمر الذي لا ينطبق على رئيس تيار المردة وهو ما اثبتته الوقائع داخليًا وخارجيًا.
وعن الدور القطري المستجد في لبنان ومدى إسهامه في رفع حظوظ باسيل الرئاسية شبه المعدومة أصلا تجيب الأوساط عينها:
قطر اليوم ليست مثلما كانت عليه في السنوات الماضية فلا دمشق تملك التأثير القوي ولا السعودية ستسمح للدوحة بأي دور يغرّد خارج سرب مجلس التعاون الخليجي الذي حدد بوصلته لبنانيًا وعربيًا واقليميا.
وتخلص الأوساط الى التأكيد ان قطر قادرة على تعزيز واقع باسيل في الاعمال خصوصًا وان القطريين يسعون للعب دور بارز في استجرار الغاز الى دولتهم او الى مصر بغية تسييله تمهيدًا لتصديره، الا ان ذلك لا ينعكس تأثيرًا قويا على حظوظ رئيس التيار الوطني الحر رئاسيًا.
وفي المقابل تتحدث التقاطعات عن احتمال الذهاب ناحية اسماء لا شيء يمنع تسويقها بينها الوزيران زياد بارود وناصيف حتي والسفير ناجي ابي عاصي.
الا ان الانظار أكثر ما تتركز على قائد الجيش العماد جوزف عون الذي يرفض مفاتحته بموضوع ترشيحه للرئاسة الاولى.
وفي هذا الإطار تنقل الاوساط عن المتابعين تأكيدهم ان لا احد سيعارض ترشيح قائد الجيش اذا ما وقع الفراغ وطال أمده وأصبحت البلاد بحاجة الى امور عدة ابرزها:
-شخصية لها تجربتها المؤسساتية ومصداقيتها.
-شخصية تجمع، فالغرب يرحّب بها كذلك العرب والصناديق الدولية ايجابية تجاهها وحزب الله سيطلب ضمانات منها عندما يجد ان حظوظها كبيرة على المستويين الداخلي والخارجي...وقد ينطلق ذلك من معاودة الحوارحول استرتيجية الدفاع.
-الرئيس نبيه بري سيعطي الحل السحري لعقدة تعديل الدستور فهو سيستند الى سابقة انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسًا انطلاقا من أن المهل الدستورية المتعلقة بالاستقالات تسقط بعد وقوع الشغور في موقع الرئاسة الاولى.
في المحصلة يرتبط الواقع الداخلي بمسار الأمور اقليميًا ودوليًا وقد يكون تأثير الدور الفرنسي في لبنان خير مثال معبر عن ذلك.
وتشير الأوساط الى أن فرنسا لم تعد دولة عظمى وهي تتعاطف مع لبنان تاريخيًا فالروابط السياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية التي تجمعها به كبيرة جدًا، بدءا من الفرنكوفونية حيث تعتبر باريس ان بيروت مدخلها الاساسي الى المنطقة.
واذا كانت لفرنسا مصالحها مع ايران وفي العراق مما يدفع بها الى ابقاء الخطوط مفتوحة مع الجناح السياسي لحزب الله. الا ان فرنسا متمسّكة بدولة لبنانية سيدة حرة ومستقلة وباطلاق الاصلاحات والمحاسبة والتأسيس لمستقبل واعد ومزدهر للشعب اللبناني.
في المقابل دائما حسب الاوساط عينها تدرك فرنسا ان لا مجال ان تكتب الحياة لاي مشروع او مبادرة في لبنان من دون التوافق مع السعودية ومصر والولايات المتحدة بدءا من ان دول الخليج هي التي ستكون السند لاي استنهاض للاقتصاد اللبناني لا صندوق النقد الدولي.
الا ان الخلاف كبير بين الفرنسيين والسعوديين حول حزب الله وهو ما يطرح اكثر من علامة استفهام بالنسبة الى حقيقة الموقف الاميركي.
وتشير الأوساط الى وجود مؤشرات ترجّح السعي الاميركي للخربطة على اي تقارب فرنسي ايراني.
وفي المقابل هناك من يرى ان واشنطن لا تمانع باي تقارب من هذا القبيل لكنها تنظر بايجابية كبرى الى الموقف السعودي المعارض من هذه الزاوية، الامر الذي يفسر بنظر هؤلاء تراجع الاميركيين خطوة الى الوراء على هذا الصعيد.
وتؤكد الاوساط ان عجز الفرنسيين عن حسم الامور لبنانيًا يثبت الخلاصة القائلة بضرورة الذهاب الى تصور مشترك ومتوازن انطلاقا من مشروع الدولة واستعادة السيادة والاستقلال واطلاق المشاريع الاصلاحية مع طمأنة حزب الله.
وترى الاوساط عينها أن كل الملفات حتى مصير ترسيم الحدود البحرية جنوبا مرتبطة بمصير المفاوضات الايرانية الأميركية والانتخابات الاسرائيلية والاميركية بين 2 و8 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وتؤكد الاوساط ان فوز الديمقراطيين في الانتخابات الاميركية سيريح الرئيس جو بايدن مما سيتيح له التقارب اكثر مع ايران.
وتلفت الى انه بقدر ما يعتقد العقل الغربي بأن التقارب مع ايران يسحبها من الحضن الروسي اكثر، بقدر ما اثبتت التجارب ان مسارات مماثلة تزيد من السيطرة الايرانية على القرار اللبناني.