يواجه حزب الله في هذه المرحلة تحديات داخلية وخارجية كبيرة ممّا يضعه أمام خيارات صعبة وقرارات مصيرية، سواء على صعيد متابعة ملف الترسيم البحري والمفاوضات حول هذا الملف، أو ملف تشكيل الحكومة وإمكان بقاء حكومة تصريف الاعمال وعدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية مما سيضع البلاد امام مخاطر كبيرة، أو بشأن انتخاب رئيس جديد للجمهورية والخيارات التي يمكن اتخاذها في هذا الملف الهام، وصولا لمتابعة ما يجري في العراق والمخاوف من تدهور الاوضاع وانعكاس ذلك على الوضع اللبناني، اضافة للتطورات الفلسطينية وتصاعد عمليات المقاومة في مواجهة الاحتلال الصهيوني.
فكيف يواكب حزب الله هذه التطورات والى أين تتجه الأوضاع في المرحلة المقبلة؟ وما هو العنوان الأساسي الذي يعتمده الحزب في مقاربته للتطورات المختلفة؟
على صعيد ملف الترسيم البحري ينطلق الحزب من قاعدة أساسية وهي حماية الثروة الوطنية من الغاز والنفط وحق لبنان في استثمار ثرواته لمعالجة المشكلات الاقتصادية والمالية، وكان الموقف التصعيدي لقادة الحزب خلال الاسابيع الماضية بهدف دعم الموقف اللبناني الرسمي في المفاوضات والوصول الى نتائج لمصلحة لبنان والشعب اللبناني، والتهديد بالذهاب الى المواجهة مع العدو الصهيوني ليس حبًا بالحرب والمواجهة بل لفرض معادلات جديدة في هذا الملف، والحزب لا يزال في حال جهوزية كاملة على الصعيد الميداني بانتظار نتائج المفاوضات، وسيكون للامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مواقف واضحة يوم السبت المقبل خلال إحياء ذكرى اربعين الامام الحسين في بعلبك.
أما بشأن مواكبة الأوضاع الداخلية سواء حول تشكيل الحكومة او الملف الرئاسي، فحزب الله أكد مرارًا ضرورة تشكيل حكومة جديدة مهما بقي من وقت قبل نهاية العهد الحالي، لأن تشكيل حكومة جديدة او تعويم الحكومة الحالية هو الخيار الافضل لمواجهة أي فراغ رئاسي في حال تأخر انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وفي موازة ذلك يؤكد الحزب استعداده للحوار حول الملف الرئاسي وهو لم يعلن موقفًا حاسمًا ولم يتبن أي مرشّح بانتظار تبلور صورة الاوضاع الداخلية، واولوية الحزب في هذا المجال حماية السلم الاهلي وعدم الذهاب الى أية خيارات تؤدي الى الفوضى السياسية والامنية، ولم يعلن الحزب أي موقف تعليقًا على ما طرحه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أو رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل حول مرحلة ما بعد نهاية ولاية الرئيس عون، لكن سيكون الحزب أمام خيارات صعبة ودقيقة بين تحالفه مع الرئيس عون والتيار الوطني ودعم مواقفهما، وبين حرصه على حماية السلم الأهلي ومنع الفوضى السياسية والامنية، لان انهيار الأوضاع الداخلية لن يكون لصالح الحزب في هذه المرحلة الدقيقة.
وحول التطورات الخارجية لا سيما ملفي العراق وفلسطين، فالحزب يتابع التطورات الجارية في البلدين، وهو لعب دورًا مهمًا في تهدئة الأوضاع في العراق واستعياب التدهور الذي حصل قبل أسبوعين ودعم التوافق السياسي الداخلي، والحزب على تواصل مع جميع الأطراف في العراق ويدعو الجميع للحوار والوصول الى تفاهم داخلي.
وفي الملف الفلسطيني فالحزب يتابع التطورات الميدانية، وقد عقد الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله عدة لقاءات مع قيادات المقاومة الفلسطينية وهو يقدم مختلف أشكال الدعم لقوى المقاومة في مواجهة التصعيد الصهيوني، وينظر الحزب بتقدير كبير لتطور عمليات المقاومة في المناطق الفلسطينية المحتلة كافة ولا سيما في الضفة الغربية واغوار الاردن وفي القدس، ويعتبر قياديو الحزب أن هذه العمليات تؤكد المأزق الكبير الذي يواجهه العدو الصهيوني، اليوم مما يجعله أضعف بكثير مما كان عليه سابقا ويعطي للمقاومة في لبنان القدرة لفرض المزيد من الضغوط في ملف الترسيم البحري واستعادة الثروة الوطنية.
العنوان الأهم الذي ينطلق منه الحزب في أدائه السياسي والميداني: حماية السلم الاهلي ومواجهة الأزمات الداخلية للوصول الى حلول جذرية، فهل سيظل قادرًا على الالتزام بهذه الاستراتيجية؟ أم أن التطورات السياسية والميدانية ستفرض عليه خيارات أخرى في المرحلة المقبلة؟