احتضنت مدينة بيروت خلال الايام القليلة الماضية في اوتيل روتانا جفينور " اللقاء الاقليمي للحوار الاسلامي – المسيحي" بدعوة من منتدى التنمية والثقافة والحوار والذي يرأسه القسيس الدكتور رياض جرجور ومؤسسة دانميشين الدانماركية والتي تعنى بالحوار والمواطنة والمساواة، وقد شاركت في اللقاء وفود من لبنان وسوريا والاردن والعراق ومصر والدانمارك، وشخصيات فكرية ودينية وتربوية واعلامية من مختلف المؤسسات التي تعنى بالحوار، اضافة لطلاب واعلاميين وناشطين واصحاب مبادرات حوارية محلية.
وكان العنوان الاساسي للقاء: " الحوار الاسلامي – المسيحي : تجدد، تغيير، ونقلة نوعية مستقبلية" ، وتحدث في جلسة الافتتاح كل من القسيس الدكتور رياض جرجور ، ورئيس ملتقى الاديان والثقافات للتنمية والحوار العلامة السيد علي فضل الله ، المديرة الاقليمية لمؤسسة دانميشين السيدة كريستن أوكن ، والوزير السابق الدكتور طارق متري ، وتركزت الكلمات حول استعراض تجربة الحوار الاسلامي – المسيحي خلال العقود الاخيرة والنتائج التي تحققت والتحديات التي يواجهها الحوار اليوم والافاق المستقبلية ، وطرحت العديد من الافكار المهمة لتطوير الحوار في المستقبل.
وتناولت الجلسات في الايام التالية عدة موضوعات ومنها : دور المؤسسات العاملة والمهتمة بالحوار وكيفية احداث النهضة والتغيير وتحدث فيها كل من الدكتور سمير مرقص من مصر وهو من مؤسسي الفريق العربي الاسلامي المسيحي للحوار ، والدكتورة رينيه حتّر من الاردن حول تجربة المعهد الملكي للدراسات الدينية ، والدكتور ايلي الهندي حول تجربة مؤسسة اديان وافاق الحوار وتحدياته، والدكتور زياد فهد حول تجربة جمعية حوار للحياة والمصالحة في شمال لبنان ، والدكتورة مارسيل جوينات من الاردن حول دور المؤسسات التعليمية والجامعية في تجديد الحوار ، وقدّمت في الجلسة تجارب حوارية مهمة وافكار مستقبلية لتطوير الحوار.
وفي الجلسة الثانية جرى الحديث عن دور الشبيبة في نهضة ودعم مسيرة وثقافة الحوار وتحدث فيها كل من الاستاذ عمار ياسين والاب الدكتور امير جاجي والسيدة داليا سعيد وادارتها الاستاذة ديانا ملاعب.
وتركزت الجلسة الثالثة حول دور المرأة والاعلام في مسيرة الحوار ومواجهة خطاب الكراهية وتحدثت فيها الدكتورة حنان يوسف من مصر والدكتورة نور الامام من الاردن وادارتها الاستاذة هالة سالم من الاردن وقدّمت فيها ملاحظات هامة حول واقع المرأة ودور الاعلام وكيفية تطوير دورهما في الحوار وعلى كل المستويات .
وتناولت الجلسة الرابعة الحوار على المستوى المحلي وميزاته وفعاليته وديناميكياته وتحدث فيها من الدانمارك القس مادس كريستوفرسن ومن لبنان السيدة ايات نور الدين والقاضي الشيخ محمد ابو زيد ومن سوريا الاب الدكتور اسكندر الترك وادار الجلسة القسيس الدكتور رياض جرجور ، وجرى خلالها استعراض التجارب الحوارية المحلية ونتائجها وكيفية تطويرها .
وانقسم المشاركون الى مجموعات عمل من اجل وضع افكار واقتراحات ومبادرات لتطوير الحوار وكيفية تعزيزه في السنوات المقبلة ، على ان يتم متابعة التوصيات وتنفيذها من قبل منتدى التنمية والثقافة والحوار ومؤسسة دانميشين وبالتعاون مع مختلف المؤسسات الحوارية.
واهمية هذا اللقاء الاقليمي وانعقاده في بيروت تكمن في الافكار والخطط التي قدمت لتطوير الحوار الاسلامي – المسيحي وتقييم كل السنوات الماضية وما تحقق فيها والعقبات التي واجهت الحوار ولا سيما بعد الحراكات الشعبية العربية وانتشار موجات التطرف والعنصرية والعنف في العالم ، وكان تركيز كبير على اهمية وثيقة الاخوة الانسانية التي وقعها البابا فرانسيس مع شيخ الازهر الدكتور احمد الطيب وغيرها من الوثائق والمبادرات لتطوير الحوار ومواجهة التطرف وتعزيز ثقافة المواطنة.
هذا اللقاء الاقليمي يؤكد اهمية دور بيروت في احتضان المبادرات الحوارية رغم كل الاوضاع الصعبة التي يعانيها لبنان اليوم اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا ، كذلك الحاجة الماسة لمتابعة عمل المؤسسات الحوارية وتوسيع نطاق عملها ولا سيما مع الشباب والنساء وبالتعاون مع المؤسسات الدينية والتربوية والمجتمعية.
انها رسالة امل وثقة من بيروت للعالم العربي والعالم أجمع ، ان مسيرة الحوار مستمرة وان لبنان لا يزال رسالة رجاء وامل للعالم كله كما وصفه البابا يوحنا بولس الثاني والكثير من القيادات الدينية الاسلامية والمسيحية.