كتب د. ميشال الشمّاعي في جسور:
صرّح قائد القوة البرية للحرس الثوري الإيراني محمد باكبور الثلاثاء الفائت، أنّ الهجوم على مقار المسلحين في شمال العراق سيستمر "حتى زوال التهديد ونزع أسلحتهم". ودعا سكان المنطقة الشمالية في العراق إلى الابتعاد عن مقار ومراكز تجمعات المسلحين. ولقد طال القصف الإيراني في شمال العراق مقرات تابعة للحزب الكردستاني الإيراني بالقرب من أربيل ومناطق المعارضة الإيرانية في جنوب أربيل؛ كذلك طال القصف مقرّات حزب الحرية الإيراني الكردستاني في محيط ألتون كوبري بالقرب من كردستان العراق.
وكانت إيران شنت ضربات استهدفت فصائل معارضة كرديّة إيرانيّة متمركزة في كردستان العراق أدت لمقتل أحد عناصرها، بعد أقلّ من أسبوع على ضربات مماثلة استهدفت هذه الفصائل التي تتهمها طهران بإثارة التظاهرات التي تشهدها إيران.
علاقات المركز والإقليم
وللوقوف عند أبرز الآراء من داخل إقليم كردستان كان لموقع جسور حديث مع النائب في برلمان كردستان، كلارا أوديشو، رئيسة كتلة مجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري (سورايا) تطرّقنا فيه إلى طبيعة العلاقة بين بغداد و اربيل في ظلّ الحكومة الجديدة، حيث تتوقّع أوديشو " أن يبذل رئيس الوزراء محمد السوداني جهودًا مضنية لتحسين هذه العلاقة، وذلك لأنّه يعلم تمامًا أن لا استقرار للعراق بدون حلّ المشاكل بين المركز والاقليم."
وما يجب ملاحظته أنّ طبيعة الدّستور العراقي الفدرالي الصادر في العام 2003 لم يفصل الإقليم بالكامل عن الدّولة المركزيّة، بل حتّم حسن العلاقة بين المركز والإقليم.
وتتابع أوديشو حديثها لجسور مشيرةً إلى " أنّ الاقليم طالما حاول تحسين وبناء علاقات مع المركز في ظلّ الحكومات السابقة بحسب الدستور، لكنّ العقلية التي حكمت العراق لم ترغب بذلك وأدّت سياساتها إلى خلق ازمات بين المركز وأربيل."
وتفنّد أوديشو طبيعة هذه العلاقة بعد تشكيل حكومة السوداني حيث تمّ الاتفاق مع قيادات كردستان وكما تشير أنّ " حكومة كردستان باركت ورحّبت بهذا الاتّفاق أملاً لإيجاد حلّ للمشاكل العالقة بينها وبين المركز؛ لذا حكومة الاقليم بقيادة السيد مسرور بارزاني وفي عدة اجتماعات ناقشت خريطة طريق لبناء العلاقة مع الحكومة الجديدة، وشكّلت لهذه الغاية وفدًا للاستمرار بالمفاوضات، وكما يبدو أنّ السوداني سياسي عراقي يصرّح بالوطنية وحلّ جميع المشاكل على أساس الدستور."
وتفنّد أوديشو الفقرات الخاصّة من الدّستور والتي من شأنها أن تبعث الأمل ومنها " حلّ المادة 140 الخاصّة بالمناطق الكردستانية خارج إدارة الاقليم، وملفّ النفط، والغاز، والمشاركة السياسية الحقيقية، والمستحقة لإقليم كردستان في المؤسّسات الاتحادية؛ إضافةً إلى الحقوق والمستحقّات الدستورية للبيشمركة، كذلك مشاريع قوانين أخرى مهمّة وأبرزها مشروع قانون المحكمة الاتحادية، ومجلس الاتحاد والنفط والغاز لأنّ هذا القانون سوف يضع الأسس المتينة لعمل الحكومتين معا في عملية استخراج النفط وتسويقه والاستفادة من وارداته."
اتّفاقيّة سنجار
أمّا عن اتّفاقية "سنجار" التي ترتكز على إخراج مسلحي حزب العمال الكردستاني والجماعات المحلية المسلّحة المرتبطة بهذا الحزب، وإعادة أهل المدينة من العراقيين الأيزيديين والعرب والمسيحيين والأكراد إليها، فترى أوديشو من وجهة نظرها أنّها "اتفاقية مهمة وتنفيذها واجب وطني لأنّها تحدّد مصير مكوّن أصيل وهم الاخوة الايزيدية."
وترى أوديشو أيضًا أن " هذه الفقرات مهمّة جدًّا لتحديد العلاقة بين بغداد وأربيل، وتنفيذها سيكون ايجابيًّا جدًّا على عدة جوانب ستصب في مصلحة الطرفين على الصعيد الامني والاقتصادي وسوف تؤثر في الاستقرار السياسي للعراق عمومًا."
من هذا المنطلق، لا يمكن إغفال أهميّة هذا الموضوع لأنّه في حال الفشل في ضرورة التنسيق حذار أن تتحوّل هذه الأقليّات إلى مشروعين:
- مشروع إبادة جديدة من قبل الأكثريّة المتحكّمة. وقد لا تكون هذه الإبادة جسديّة بل دستوريّة عبر قوانين وتشريعات تحدّ من حرّيّة هذه المجموعات الحضاريّة.
- مشروع تحوّل هذه الأقليّات إلى وقود لإشعال الفتن الدّاخليّة لزعزعة الاستقرار داخل الإقليم من قبل بعض دول الجوار التي قد تستغلّها لهذه الغايات بهدف مشاريع فتنويّة أو حتّى أيديولوجيّة قد لا تتوافق مع الفكر المؤسّساتي في الإقليم.