كتب ناجي يونس في جسور:
يجتمع مجلس النواب اللبناني قبل ظهر غد الخميس لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية السابق ميشال عون التي طلب فيها من المجلس سحب تكليف الرئيس نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة.
وتذهب الآراء باتجاه اعتبار هذه الرسالة "لزوم ما لا يلزم" خصوصًا وانها ستناقش بعد انتهاء ولاية عون.
وسبق لعون أن وجه في عهده أكثر من رسالة الى البرلمان اللبناني بينها واحدة طلب فيها سحب تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة الا ان النواب ابقوا عليه.
وفي قراءة دستورية لرسالة عون الأخيرة يشير وزير العدل اللبناني الأسبق البروفسور ابراهيم نجار الى أن الفقرة العاشرة من المادة 53 من الدستور تتيح لرئيس الجمهورية توجيه رسائل الى مجلس النواب موضحًا ل"جسور" أن الدستور ينص على الفصل التام بين السلطات الدستورية الثلاث في لبنان (التنفيذية والتشريعية والقضائية) مع ضرورة تعاونها في ما بينها (الفقرة هاء من مقدمة الدستور).
من هنا يتابع نجار، لا يستطيع رئيس الجمهورية أن يتدخل بشكل مباشر في أعمال مجلس النواب الا من ضمن ما ينص عليه الدستور وهو ما يتعلق بكيفية التعاون بين هذه السلطات.
وهو يؤكد أن التعاون مطلوب وهذا ما نصت عليه مقدمة الدستور لذلك يوجه رئيس الجمهورية هذه الرسائل الى مجلس النواب ليلفت نظر النواب الى قضية يعتبرها مهمة وملحّة إنما من دون الزام... لافتًا الى ان رئيس البرلمان يحدد جلسة تتلى فيها هذه الرسالة وتناقش ويمكن ان يؤدي النقاش الى ما هو ملزم او يقتصر على المداولات.
وفي حالة الالزام يوضح نجار أنه يتم إعداد اقتراح قانون خاص بذلك يحال على اللجان النيابية المختصّة ويسلك درب الاقتراحات أو السقوط أو السحب أوالحفظ في الأدراج.
رسالة عون للأرشيف
وعن رسالة الرئيس عون يقول نجار: أرسلها عون يوم السبت الماضي واليوم التالي كان يوم احد اي عطلة في لبنان، ويقتضي تبليغها من قِبل رئاسة مجلس النواب الى النواب وتحديد جلسة خاصة بذلك.
وبهذا أضاف نجار يمكن التأكيد أن رئيس مجلس النواب نبيه بري تصرف بكل ما تنص عليه القوانين معتبرًا أن رسالة عون وبعد انقضاء أجل العهد اصبحت للأرشيف.
وبتقديره أن مجلس النواب سيناقش رسالة عون وستقف الأمور عند هذا الحد وسيبقى القديم على قدمه.
وعن توقيع عون على مرسوم استقالة الحكومة يجيب نجار، "هذه الخطوة تشبه المقولة "زيت على زيتون" وهو ما يسمى بالقانون عملا قانونيا غير موجود."
استمرار التكليف
ويوضح نجار أن الحكومة أصبحت مستقيلة بعد انطلاق ولاية مجلس النواب الراهن الذي كلف ميقاتي بتشكيل حكومة جديدة مؤكدا انه ومن حيث المبدأ يبقى التكليف مستمرًا طالما أن مجلس النواب لم يسقطه.
الا أننا اليوم وبعد حلول اجل ولاية الرئيس أصبحت صفة الرئيس المكلف لميقاتي على زوال بالتالي فإن الصفة الأقوى له هي رئيس حكومة مستقيلة تستطيع أن تصرف الاعمال بالمعنى الضيق.
تهديد بالمنازعة حول صلاحيات الحكومة
في المقابل يرى نجار ان رسالة الرئيس عون تعبير عن موقف سياسي يتفق مع مواقفه السابقة خصوصًا تلك التي تنتقد اتفاق الطائف والتي بموجبها كان عون يبدي تظلّمه من انخفاض نسبة صلاحيات الرئاسة الاولى. ويؤكد نجار أن ما حصل خطوة سياسية تبشر بمواقف تصعيدية هي أقرب الى التهديد بالمنازعة حول صلاحيات الحكومة.
ويضيف، "البعض يمهّد لنوع من الرهان السياسي على قاعدة: إما بتنتخبوا النائب جبران باسيل رئيسًا للجمهورية او سنذهب الى حركة انكار وعدم الاعتراف بشرعية هذه الحكومة."
ويذكر نجار بأن التيار الوطني الحر تمثّل في حكومة الرئيس تمام سلام التي تشكلت في فبراير/شباط 2014 والتي انيطت بها صلاحيات الرئاسة الأولى "وكالة" بعد انقضاء اجل ولاية الرئيس ميشال سليمان في 25 مايو/ايار من العام نفسه في حين ان عون يقول اليوم أن حكومة ميقاتي تصرف الأعمال ولا يجوز ان تنتقل اليها صلاحيات الرئاسة الاولى وكالة.
ويؤكد نجار أن الدستور ينص على انتقال هذه الصلاحيات الى الحكومة بالوكالة، ولم يذكر مجلس الوزراء مجتمعًا بمعنى آخر وبالمطلق لم يوجد الدستور الاجماع في اتخاذ القرارات.
ويقول نجار ان توقيع كل الوزراء في حالة الفراغ الرئاسي تدبير أوجده رئيس الحكومة الاسبق فؤاد السنيورة بعد استقالة وزراء الثنائي الشيعي ووزير من حصة الرئيس اميل لحود خريف عام 2006، مشيرًا الى ان حكومة سلام كرّست هذا التدبير بعد الفراغ الرئاسي بين عامي 2014 و2016.
وبحسب نجار فإن اخذ هذا التدبير الموقّت يبدو بمثابة العرف مع ان الرئيس عون صرح في الأيام القليلة الماضية انه لا شيء يمنع مخالفة الأعراف مضيفًا، "اما الحقيقة فهي أن لكل وزير أصيل وزيرًا بالوكالة ويتم هذا التكليف بعد تأليف كل حكومة بالتالي اذا رفض اي وزير او تعذّر عليه القيام بواجباته يتولى الوزير بالوكالة هذه المهام على قاعدة التدابير التي تؤمن استمرارية السلطة التنفيذية."