كتب ناجي يونس في جسور:
بعد عودة اليمين الاسرائيلي المتشدد بزعامة بنيامين نتانياهو الى السلطة في اسرائيل. وبعد الانتخابات الاميركية النصفية وتراجع الحزب الديمقراطي الحاكم وعدم تحقيق الحزب الجمهوري للتسونامي الاحمر الذي توقعه الكثيرون.
تطرح تساؤلات عما اذا كانت تغيّرات معيّنة ستطرأ على السياسات الخارجية الاميركية حيال لبنان والعالم العربي والشرق الاوسط.
وفي هذا الاطار يشير الكاتب السياسي اللبناني سام منسى الى ان السياسات الاميركية تجاه لبنان والمنطقة لن تتبدل مؤكدا انه يصعب الكلام ومنذ عهد باراك اوباما حتى اليوم عن وجود رؤية اميركية كاملة ومتماسكة تجاه دول الشرق الاوسط.
ويقول منسى ل"جسور" ان هناك تراجعًا اميركيًا في الشرق الاوسط مقابل ارتفاع الاهتمام بمناطق ومشاكل ذات أهمية أكبر في اولويات الادارات الاميركية في آسيا وشرقها بدءا من العلاقات مع الصين واليابان مرورًا بكوريا الشمالية والعلاقة اليابانية الكورية وصولا الى المسائل الاخرى المتعلقة بالمصالح الاميركية.
وهو يشدد على تركيز الهَم الاميركي كذلك على العلاقة مع روسيا والحرب الروسية على أوكرانيا والاصرار الاميركي على منع سقوط أوكرانيا والاتحاد الاوروبي وضرب الأمن القومي الاوروبي كذلك منع سقوط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي سيكمل بحربه الى نهاية المطاف والذي يعني سقوطه فوضى وتطرفا بأكثر من مقياس في الحسابات الاميركية.
علاقات اميركية مع الدول العربية
ولفت منسى الى أنه يمكن الكلام عمليا عن وجود علاقات اميركية مع دول في العالم العربي والشرق الاوسط ومن الامثلة على ذلك:
-مع مصر العلاقات وطيدة مع مساعدات عسكرية...
-مع الاردن الاهتمام الاميركي متين.
-مع دول الخليج العربي: العلاقة مع قطر مهمة خصوصًا بوجود قاعدة عسكرية اميركية كبرى.
ومع السعودية العلاقة خاصة جدًا ومهما قيل عن التوتر الذي يصيبها في الوقت الراهن فهي لا تزال داخل اهل البيت الواحد خصوصًا وان ليس من مصلحة واشنطن والرياض نسف هذه العلاقة.
ومع سلطنة عمان العلاقة متميزة كيف اذا كانت هذه الدولة مركزا للمفاوضات والتسويات... بين واشنطن وطهران مثلا.
-العراق: بعد كل ما وقع بسبب الغزو الاميركي للعراق والانسحاب العسكري منه وصولا الى تسلم السوداني رئاسة الحكومة يمكن القول ان الادارات الاميركية وقعت اكثر من مرة قي قراءات خاطئة مما ادى الى تسجيل الايرانيين نقاطًا عدة لصالحهم في ظل تعذر واضح عن تقدير سير الامور واليقين من ان الاميركيين لم يعودوا يملكون القدرة على صناعة القرار في العراق.
- تراجع التدخل الاميركي في سوريا.
فتور اميركي تجاه اسرائيل
واذ اكد ان الالتزام الاميركي بضمان الأمن الاسرائيلي كان وسيستمر، توقف منسى عند ما بدأ يظهر للعيان في السنوات الاخيرة وعند ما يمكن تسميته بفتور اميركي تجاه اسرائيل.
وأضاف: كانت هناك حماسة اميركية أكبر تجاه اسرائيل وكانت واشنطن تنخرط في مبادرات سلام وتسويات للقضية الفلسطينية والنزاع العربي الاسرائيلي بغض النظر عما اذا كانت الدبلوماسية الاميركية تحقق نجاحات او لا وعن اسباب ذلك كله.
واليوم دائما حسب منسى نرى الادارات الاميركية منكفئة عن عرض مبادرات تجاه الشرق الاوسط والنزاع العربي الاسرائيلي والقضية الفلسطينية مقابل حصر اهتماماتها بالتطبيع بين اسرائيل وهذه الدولة العربية او تلك والسعي لتوسيع حلقة هذا المسار اذا قدر له ان يحصل.
وعن فوز نتانياهو يقول: مع عودة هذا اليمين المتطرف والعنصري والمتشدد اتوقع تراجع الاهتمام الاميركي بإسرائيل وتوتر العلاقات الاميركية الاسرائيلية، الا ان الالتزام الاميركي بأمن دولة اسرائيل لن يتغير.
بين واشنطن وطهران
وعن الموقف الأميركي من إيران يقول منسى: ايران ليست الصين او روسيا وهي لا تهدد الأمن القومي الاميركي وفي المقابل لا تعيش واشنطن هم الحفاظ على النظام الايراني، لكنها تخشى سقوطه لئلا تسيطر الفوضى وينشط المتطرفون بغياب اي بديل مقنع وقادر على الحكم، اضافة الى ان الاميركيين يعتمدون ازدواجية اللغة احداها فوق الطاولة والثانية من تحتها حيث يمكن القول ان الواقعية السياسية الاميركية تبرر التفاوض مع الايرانيين وان على حساب الاصدقاء والحلفاء في اليمن والخليج والمصالح السعودية مثلا من دون ان يعني ذلك ان واشنطن متواطئة مع طهران.
وبرأيه ان لا افق للمفاوضات حول الملف النووي وان اكثر من طرف اقليمي ودولي بدأ يتعاطى مع ايران كدولة نووية مستقبلا من دون ابراز ذلك بوضوح اقله في المدى المنظور.
لبنان كدولة غير موجود
في المقابل يؤكد منسى ان ليس هناك من سياسة خارجية اميركية محددة ومختصة بلبنان فهذا البلد كدولة غير موجود في الاجندة الاميركة وأولوياتها الا من زاوية وجود ايران وحزب الله في لبنان وما يمكن ان يشكله من خطر على امن اسرائيل.
ويلفت منسى الى أن الموقف الاميركي هو نفسه تجاه لبنان بفرض العقوبات ودعم الجيش والمؤسسات الدستورية والسيادة والاستقلال والاصلاحات والمساعدات والمساهمة في التنمية على مختلف الصعد وانتخاب رئيس من هذه الخلفية.
الا انه يرى ان واشنطن ستكون متسامحة أكثر وان امكان غض النظر وارد خصوصًا بعد اتفاقية ترسيم الحدود الجنوبية وانخراط حزب الله فيها حتى العظم.
تسليم أميركي بحزب الله امرًا واقعا
ولا يستبعد منسى انطلاقا من الواقعية السياسية الاميركية المعهودة ان تكون واشنطن سلمت بان حزب الله هو امر واقع وان تتعاطى معه من هذا المنطلق وسط سطوته وميزان القوى القائم على الساحة اللبنانية اضافة الى ان لبنان بالنسبة اليها كذلك الى الدول العربية والخليجية اصبح جزءا من المحور الايراني السوري والروسي... متسائلا: هل ستكون الدول العربية والغربية ملوكية اكثر من الملك في ظل رضى بعض اللبنانيين وخنوع سواهم للامر الواقع في لبنان؟
ويقول منسى ان الدور الفرنسي تجاه لبنان غير حاسم وان واشنطن ستتعامل بواقعية مع اي رئيس سينتخب في لبنان ومع اي معادلة عتيدة للحكم اللبناني مضيفًا: ها هما الرئيسان السابقان اميل لحود وميشال عون وما تميز به عهداهما ومع ذلك تعاطت معهما واشنطن كرئيسين ونقطة على السطر.
وهو يلفت الى ان الواقع القائم لن يبدل به اي رئيس جديد مستبعدا رفع العقوبات الاميركية عن النائب جبران باسيل.
ترسيم الحدود: جبهة الجنوب هادئة
وعن ترسيم الحدود البحرية يقول منسى: انها هدنة رقم اثنان وهي ليست تطبيعا ولا اتفاقية سلام ومن الآن فصاعدًا وفي ظل الظروف العادية ستبقى الجبهة الجنوبية هادئة فلا حرب ولا صراع وهو لصالح حزب الله الا اذا وقع ما ليس في الحسبان... حرب ايرانية اسرائيلية مثلا.
ويؤكد منسى أن واشنطن حصدت من هذا الترسيم ضمان أمن اسرائيل ومباشرتها باستخراج الغاز واعطت مقابل ذلك تسامحًا واقعيا مع حزب الله وغض نظر داخل لبنان والسماح للبنانيين بالمباشرة فورًا بكل ما يساعدهم على الوصول الى استخراج النفط والغاز لاحقا.