كتب خالد العزي في جسور:
أعلنت اوكرانيا وبحسب "مكتب الرئيس الاوكراني"حالة الطوارئ العليا في البلاد لانقطاع الكهرباء والماء عن أغلب الاحياء السكنية، بسبب القصف الصاروخي بصواريخ اس 300، الذي شُنّ ضد محطات الكهرباء في غالبيّة البلاد، والتي انطلقت من مدينة بيلغورود.
وزير الخارجية الأوكراني كوليبا قال إن روسيا تملك ترسانة من الصواريخ تستخدمها للقتل والتهديم في المدن الاوكرانية لقتل الاوكران لإجبارهم على الاستسلام، بدل استخدامها في ارض الميدان حيث تتلقى الخسائر والهزائم.
تدخل الحروب الروسية الاوكرانية مرحلة جديدة، مع بداية فصل الشتاء حيث اعتمدت روسيا في تكتيكاتها الجديدة على استخدام المسيرات "الايرانية" والصواريخ الحربية الثقيلة، التي تُستخدم ضد المدنيين.
فمنذ 12 تشرين الاول/أكتوبر حتى اللحظة، تطلق روسيا كميّات كبيرة بواسطة الصواريخ التي تهدف بها لضرب البنية التحتية للدولة، من خلال ضرب المنشآت والمحطات المائية، ومستودعات الوقود وشبكات الطرق البرية والمطارات والسكك الحديدية والمحطات الكهربائية الكهروذرية التي تعرض السكان للخطر بانواعه كافة.
تطلق موسكو يوميًا طلقات مكثّفة من الصواريخ لضرب منشآت المياه والكهرباء يوميًا، لفصل البلاد عن الحياة الطبيعية، لتشكيل قوة ضغط على المدنيين ودفعهم للاعتراض على القيادة يوميا أو الهجرة نحو اوروبا.
لكن بعد تعرّض أسطولها الحربي في البحر الاسود في مدينة"سيفاستوبل" لضربة عسكرية خاطفة بواسطة مسيرات حربية ألحقت ضررًا بالبارجة ادميرال، ما دفع روسيا إلى محاولة جديدة لنقل المشكلة للأمم المتحدة، بالرغم من أن هذا الأسطول يُعتبر جزء أساسي بتسديد الضربات لأوكرانيا، وفي العرف الدولي يعتبر مركز اشتباك، حيث يقر القانون الدولي بالسماح للجهة المقابلة بالرد على الهدف العسكري حيث اتخذت قرارًا احاديًا بالخروج من اتفاقية الغذاء في محاولة جديدة لابتزاز العالم، وتوجيه النار نحوها بانها تستطيع دعم الدول الفقيرة بالمواد الغذائية التي لا تصلها بحسب الاتفاقية الدولية.
من جهة اخرى تتهم روسيا بريطانيا بأنها وراء الهجمة على خط أنابيب الشمال، والغارة على الأسطول في سيفاستوبل، وتفجير جسر القرم، والذهاب بشكوى للأمم المتحدة، بأنه اعتداء على السيادة الروسية بالوقت الذي تحتل فيه روسيا 20% من الأراضي الروسية، وقد دمرت 40% من البنية التحتية لأوكرانيا، وكأن هذا لا يعتبر تهديدًا للسيادة الوطنية الأوكرانية، مما دفع الإتحاد الأوروبي للإعلان عن التحضير لخطة مارشال جديدة لمساعدة أوكرانيا.
أوكرانيا تتسلم السلاح علنًا من الدول الغربية كافة، وتطالب الجميع بدعمها بشتى الانواع الدفاعية والصاروخية لمتابعة هجومها المضاد ولتغطية أجوائها الجوية منعًا للاستباحة الروسية بواسطة الصواريخ والمسيرات الإيرانية.
أما الخطوة الثانية التي تريدها روسيا فهي فتح حوار مباشر مع أوكرانيا، وتدعو الغرب للضغط عليها للجلوس على الطاولة، لا وفقًا لشروط تسمح للطرفين بالحوار، بل بالضغط على أوكرانيا وعلى المدنيين لدفعهم للاعتراض على سياسة زيلينسكي والجلوس على طاولة التفاوض والقبول بشروطها الثابتة.
بالرغم من تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي يؤكد فيها بأن بلاده مستعدة للحوار المباشر مع أوكرانيا، لكن موسكو لم تغيِّر شروطها، و لاتزال تتمسك بها منذ بداية الحرب، التي دفعتها للانجرار لهذه الحملة، التي باتت عبئًا عليها، وعلى اقتصادها ومجهودها الحربي.
لقد خلق الكرملين هذه الأزمة والمأساة الرهيبة، لأن التصعيد الميداني لن يأتي بنتيجة حاسمة، لكن غياب القدرة على المصارحة للجمهور يسبب بفقدان الثقة. خاصة أنهم أعلنوا بأن الغرب متعفن والمستقبل الروسي قادم.
الرئيس الروسي أعلن في مؤتمر "فالداي" للسياسات الخارجية في موسكو بتاريخ 27 تشرين الأول/ أكتوبر، إن عصر الأحادية انتهى، ونحن أمام نظام عالمي جديد".
مستقبل عظيم جدًا تخيلوه، حيث دُمرت البنية الاقتصادية والعسكرية الروسية واليوم يعيشون في عزلة. إن التصويت في الأمم المتحدة يدل على مدى عزلة روسيا، حيث نجح الغرب في استنزافها، لان فشل سلاح الغاز كان بالدفع للإتحاد الأوروبي للمساومة.
لكن التوجه الأوكراني مُصرّ على عدم التفاوض، إلا بعد وقف إطلاق النار والإنسحاب الى حدود 1990 والتعويض عن الخسائر، عندها يمكن الجلوس والتفاوض على المصالح الجيوسياسية للطرفين، والرئيس زيلنسكي أعلن منذ نهاية شهر أيلول/سبتمبر بأنه لن يتفاوض مع الرئيس الروسي الحالي.
في النهاية لا بد من القول بأن هذه المرحلة من الحرب هي الأصعب على الاطلاق، وهي التي سوف تحدد شروط عملية التفاوض، وقد تطول المرحلة لعدة أشهر أو ربما سنة، ولكن الحركة العسكرية الأوكرانية لا تزال نشطة وتحقق أهدافها، بعكس الحركة العسكرية الروسية التي تتعثر على الجبهات بالرغم من القصف العشوائي للصواريخ المستخدمة.