أشارت مصادر مطلّعة على اجواء العلاقة بين البطريركية المارونية وحزب الله أن هناك أجواءً إيجابية في العلاقة بين بكركي وحارة حريك في ظل تقارب المواقف حول العديد من الاوضاع الداخلية ولا سيما بعد الإتفاق على الترسيم البحري بين لبنان والكيان الصهيوني ونظرا للمخاوف المشتركة لدى الطرفين من الفراغ الرئاسي في ظل الفشل في تشكيل حكومة جديدة والسجالات حول دور حكومة تصريف الاعمال في المرحلة المقبلة.
وأوضحت هذه المصادر أن الزيارة التي قام بها وزير الأشغال في حكومة تصريف الاعمال الدكتور علي حمية الى بكركي قبل حوالى الشهر شكّلت رسالة إيجابية من قبل حزب الله للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بعد سلسلة مواقف ايجابية أطلقها الاخير تجاه الحزب، وقد نقل حمية الى الراعي اجواء ايجابية من الحزب، كما اعتبر المسؤولون في الحزب ان هذه الزيارة كانت محطة ايجابية في اعادة التواصل غير المباشر بين الطرفين وقد تمهّد مستقبلا للعودة الى التواصل المباشر وتفعيل اللجنة المشتركة المختصة بالحوار بين بكركي وحزب الله.
واضافت هذه المصادر انه قبل اسبوعين استقبل المجلس السياسي في حزب الله وفدا من مجموعة " لبنانيون من اجل الكيان " والتي تضم مجموعة من الشخصيات المسيحية الأكاديمية والاعلامية والثقافية والتي ساهم في اطلاقها رئيس الاتحاد الكاثوليكي للاعلام الاب طوني خضرا ونشرت وثيقة اصلاحية تتضمن العديد من النقاط التي تعبر عن اجواء البيئة المسيحية، وقد ترأس الوفد الذي زار المجلس السياسي للحزب الاب الدكتور باسم الراعي (والذي تولى سابقا الاشراف على المركز الماروني للدراسات والتوثيق التابع للبطريكية المارونية)، وقد استمر اللقاء بين وفد مجموعة " لبنانيون من اجل الكيان " والوفد القيادي في حزب الله حوالى الساعتين ونصف الساعة وتمت مناقشة كافة الافكار الواردة في وثيقة المجموعة وكانت الاجواء صريحة وايجابية ودارت في مناخ من الثقة والاستعداد للحوار بعيدا من المواقف المسبقة، وقد نقلت اجواء اللقاء الى بكركي فابدى البطريرك الماروني ارتياحه لهذا اللقاء والذي يمكن ان يؤسس لرؤية مشتركة وموحدة في مقاربة المرحلة المقبلة.
وتضيف هذه المصادر ان حزب الله حريص في هذه الفترة على توسعة علاقاته ولقاءاته مع مختلف الاطياف في الساحة المسيحية وانه تم تعيين الرئيس السابق لهيئة التعليم العالي في الحزب الدكتور عبد الله زيعور من ضمن الفريق المعني في الحوار مع الشخصيات المسيحية نظرا لخبرته الاكاديمية وشخصيته المنفتحة وعلاقاته الواسعة، وقد شارك زيعور في العديد من اللقاءات الحوارية والتي اقيمت مؤخرا في عدد من المؤسسات الثقافية، كما حضر الندوة الحوارية التي اقامها " لقاء الهوية والسيادة في نقابة الصحافة مؤخرا وشكّلت هذه المشاركة رسالة ايجابية للمشرفين على اللقاء والذي يدعو الى تبني وثيقة جديدة حول لبنان الغد.
وفي موازة ذلك يحرص مسؤول ملف العلاقات المسيحية في حزب الله الحاج محمد الخنسا على توسعة العلاقات مع مختلف الاحزاب والقوى المسيحية وحتى تلك التي توجه بعض الانتقادات للحزب، وقد عقدت لقاءات موسعة مع عدد من مسؤولي حزب الكتائب وشخصيات اخرى في مختلف المناطق اللبنانية ومن مختلف الاتجاهات.
كل هذه الاجواء الايجابية على صعيد العلاقات بين حزب الله والبيئة المسيحية تتزامن مع تراجع في حدة السجالات التي برزت حول مواقف البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مؤخرا، وفي ظل دخول لبنان مرحلة جديدة بعد نهاية عهد الرئيس العماد ميشال عون مما يفرض على الجميع اعادة مراجعة المرحلة الماضية وتقييمها ووضع رؤية جديدة للمرحلة المقبلة.
فهل نشهد مجددا وفد حزب الله في بكركي؟ وهل سنكون امام متغيرات جديدة في نظرة حزب الله للواقع اللبناني بعد اتفاق الترسيم البحري وتأثيرات المهمة داخليا وخارجيا؟