إنتهت الإنتخابات النيابية اللبنانية بما لها وما عليها، ومعها دخل لبنان مرحلة جديدة تفضي إلى مزيد من التساؤلات عن التركيبة اللبنانية بتنوعاتها الطائفية والمذهبية والعصبية، والتي زاد عليها اليوم عنصرٌ جديد، متشابك بذاته ومتداخل بمكوناته، وهو ما اُتفق على أنه قوى التغيير.
فحصيلة ما جرى في 15 أيار 2022 ستكون مسار بحث طويل ومعمق ستستدعيه الأحداث والمراحل الصعبة المقبلة على لبنان، والتي ستهبّ فيها عواصف شتّى واستحقاقات مصيرية أولها عملية إنتخاب نائب رئيس المجلس النيابي والتي بحسب ما أفاد به الكاتب والمحلل السياسي، ألان سركيس لـ"جسور" ستكون أولى معارك المجلس الجديد، في وقت يترقّب الجميع كيف ستكون التوازنات في المجلس النيابيّ الجديد، بعدما أفرزته الانتخابات الأخيرة من نتائج.
معركة مصيرية
وفي حديث لـجسور، رأى الكاتب والمحلل السياسي، ألان سركيس، أنه بعد انتهاء الانتخابات النيابية، بيّنت الأغلبية أنها ضد سلاح حزب الله ومحور الممانعة وأنها مع مشروع السيادة والثورة، وهذا تمثّل بضربات معنوية كبيرة بإسقاط كل حلفاء الرئيس السوري بشار الأسد وتحجيم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وهذا سيساهم أيضًا في خلق صورة أفضل للمجلس النيابي المقبل تساعد القوى الثورية والسيادية أن تتصرف بمرونة أكثر داخل المجلس.
وأضاف سركيس، أنّ الأغلبية مهمة جدًا كون الإنتخابات أفرزت قوى جديدة تدخل للمرة الأولى إلى المجلس النيابي، مؤكدا أنّ انتخابات نائب الرئيس ستكون بلا شك أولى المعارك وهي بطبيعة الحال ستمثّل الإختبار الأول لقوى الثورة والقوى السيادية، مشددا على أنّ المطلوب في المرحلة الحالية هو الإتفاق على اسم واحد والذي على أساسه تخاض الإنتخابات، وهذا الإسم سينجح بحسب سركيس كونه يمتلك الأغلبية وبالتالي هذه المعركة مهمة ومصيرية.
الأسماء المرشحة!
وبما أن المعركة المقبلة ستكون على مستوى نيابة رئيس المجلس، فالأسماء التي قد تطرح كثيرة، وكل من سيترشح لا بدّ من أن يستند الى أرقام الأصوات التفضيلية التي حققها خلال الانتخابات العامة، وما نسبتها في دائرته، وهنا يرجّح سركيس عبر "جسور"، أنها ثلاثة: النائب غسان حاصباني عن حزب القوات اللبنانية، والنائب الياس بو صعب عن التيار الوطني الحر، وملحم خلف عن الثورة والقوى التغييرية.
وفي مقارنة للنتائج الانتخابية التي حققها المرشحون المحتملون الثلاثة في دوائرهم نجد الاتي:
حاصباني: نال 7080 صوتا من أصل 42504 مقترعا أي ما نسبته 16.657%
بو صعب: نال 4050 صوتا تفضيليًا من أصل 78123 مقترعا أي ما نسبته 5.184٪
خلف: نال 7141 صوتا تفضيليًا من أصل 137716 مقترعا اي 5.185%
كيف ينتخب نائب رئيس المجلس؟
وفي قراءة لعملية انتخاب نائب رئيس المجلس، يقول الخبير القانوني سعيد مالك، في اتصال مع "جسور"، أنّ المادة الثالثة من النظام الداخلي تقول، "عملاً بالمادة 44 من الدستور المعدّلة بالقانون الدستوري الصادر في 21/9/1990 والنافذ منذ تاريخ نشره، ينتخب المجلس أولاً، ولمدة ولايته، الرئيس ونائب الرئيس، كلاً منهما على حدى، بالإقتراع السرّي، وبالغالبية المطلقة من أصوات المقترعين، وإذا لم تتوافر هذه الغالبية في هذه الدورة وفي دورة ثانية تعقبها، تجري دورة إقتراع ثالثة يكتفي بنتيجتها بالغالبية النسبية، وإذا تساوت الأصوات فالأكبر سنًا يعتبر منتخبًا".
ويضيف مالك: "وفي كل مرة يجدّد المجلس إنتخابه، وعند إفتتاح عقد تشرين الأول/أكتوبر من كل عام، يعمد المجلس إلى إنتخاب أميني سر وفقًا للإجراءات المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة، ثم يجري انتخاب ثلاثة مفوضين بورقة واحدة بالغالبية النسبية، وإذا تساوت الأصوات عدّ الأكبر سنًا"
انفجار اجتماعي
وكانت مصادر سياسية نبّهت في وقت سابق أن أكثر من أزمة كانت لا تزال صامتة في الأسبوعين الماضيين بمحاولات جدية قام بها عدد من المسؤولين لتفادي انفجارها قبل الانتخابات، أصبحت اليوم مكشوفة واستفحلت، ما يهدد بانفجار اجتماعي وشيك، خصوصًا بعد وصولنا الى مرحلة حرجة جدًا بما يتعلق باحتياطات مصرف لبنان التي يمكن استخدامها، لافتة إلى أن الايام القليلة المقبلة ستكون حاسمة بما يتعلق بامكانية رفع الدعم عن الخبز وعن أدوية السرطان، حتى أننا قد نعود الى طوابير المحروقات مجددًا نتيجة المشاكل التي تعانيها شركات المحروقات مع المصارف ومصرف لبنان بتحويل الاموال على سعر صيرفة.
صراع على شكل الحكومة
وبحسب المعطيات الحالية، وكما هو واضح فإن كل ما سبق يحتم تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن تسارع للبت بخطة النهوض الإقتصادي، الا ان مصادر سياسية استبعدت حصول ذلك قريبًا، معتبرة أن الانقسامات داخل المجلس النيابي الجديد تجعل من الصعب جدًا الوصول الى تسويات سواء بخصوص الحكومة او رئاسة الجمهورية او التعيينات او غيرها من الاستحقاقات المطروحة حاليًا او المقبلة.
وقالت المصادر، فيما يدفع حزب الله لتشكيل حكومة وحدة وطنية، يرفض حزب القوات وغيره كثير من القوى السير بهكذا حكومة، ويدفعون باتجاه حكومة من المستقلين او الاخصائيين، ما يعني ان الاتفاق على شكل الحكومة سيشهد شد حبال.
أما بملف رئاسة الجمهورية، فاعتبرت المصادر ان هذا الاستحقاق بات في مهب الريح خصوصًا في ظل الصراع العوني القواتي على تناتش الأكثرية المسيحية.