تجاهد قوى التغيير أو ما يسمّى " بالنواب الثلاثة عشر" الذين أفرزتهم الانتخابات النيابية الأخيرة في لبنان لفرض حضورها على الساحة السياسية ومحاولة التأثير في الملفات والقضايا المطروحة, وسط بيئة سلطوية تسعى بكل ما أوتي لها للتكسير من مقاذيف هؤلاء, وتظهير صورة أمام الرأي العام اللبناني أن هذه القوى لن تتمكن من إحداث الفرق المرجو في الواقع السياسي نظرًا لانعدام انسيابها في موقف موحّد حيال مجمل المواضيع والاستحقاقات التي يعانيها ويعيشها لبنان في هذه المرحلة.
مع دخول شهر أيلول/سبتمبر, يأتي الاستحقاق الأبرز الذي يواجه اللبنانيين ألا وهو مسألة انتخاب رئيس جديد ولا سيما مع بدء مهلة الشهرين الدستورية الواجبة لهذا الانتخاب, قبل الواحد والثلاثين من تشرين الاول/أكتوبر المقبل، موعد مغادرة الرئيس ميشال عون القصر الجمهوري .
وعليه استجمعت قوى التغيير قواها وقامت باطلاق مبادرة نهاية الأسبوع الماضي, وصفتها "بالانقاذية", كانت عملت على إعدادها خلال الشهرين المنصرمين, حددت فيها المواصفات المفترض أن تكون متوفرة في الرئيس المقبل الذي سوف يتسلّم زمام الرئاسة خلال السنوات الست المقبلة في لبنان.
العضو الفاعل ضمن نواب التغيير "الثلاثة عشر", السيدة الديناميكية بولا يعقوبيان خصت منصة "جسور" بحوار حول هذه المبادرة فقالت ردًا على سؤال حول ما اذا كانت ستبقى حبرا على ورق, في ظل طبيعة الواقع السياسي اللبناني والانقسامات والاصطفافات الحادة المستحكمة به, نحن نقوم بهذه المبادرة كي لا تكون حبرًا على ورق لا بل نريد رئيسًا ضمن المهلة الدستورية المعقولة، وهذا هو دورنا وعملنا اعتقد, والناس الذين انتخبونا ائتمنونا على المحافظة على المواعيد الدستورية وعلى الدولة والمؤسسات, لذا سنقوم بكل ما في وسعنا, وفي حال بقيت هذه المبادرة حبرًا على ورق هذا يعني أن الاطراف السياسية هي مرتزقة للخارج ولا تريد أن تخرج البلد من مصائبه وكوارثه.
وعن نسبة حظوظها ونجاحها, أضافت, مهما يكن من أمر الحظوظ نحن واجبنا أن نحاول وأن نبادر, واجبنا أن نعمل على كسر الجمود ونكافح اليأس.
سنتواصل مع حزب الله
وحول التواصل مع الأطراف والقوى السياسية كافة بهدف شرح المبادرة وحشد التأييد لها قالت, نحن نتواصل مع الجميع بمن فيهم حزب الله, ولكن لم نطلب مواعيد حتى الآن من احد, ويفترض في اليومين المقبلين أن نطلب المواعيد كافة من الكتل النيابية ومن المستقلين حتى نستطيع الخروج بخلاصة حول كيفية خريطة المجلس, وما هي الاتجاهات, ولا بد أن نضع الراي العام في اجواء ماذا سيفعل كل فريق, واذا كانوا فعلا سينتخبون رئيسًا أم أنهم لا يريدون سوى الشغور وانتظار الخارج.
وأشارت الى أن الرأي العام اللبناني الذي ينتخب هؤلاء, يجب أن يعرف في النهاية حقيقة من يمثّله وكيف يتصرف هؤلاء الممثلون مع هكذا استحقاق مهم ومصيري للبلد.
لسنا مع خيار قائد الجيش
وهل من موافقة ضمن قوى التغيير على طرح اسم قائد الجيش كمرشح رئاسي, قالت يعقوبيان, بالنسبة الى موضوع الموظفين الذين هم في مواقع مهمة كقيادة الجيش او حاكمية مصرف لبنان او غيرهم, نحن نرى أنه ليس بالأمر الصحي او السليم أن يتم تعديل الدستور في كل مرّة لشخصية من هذه الشخصيات, ومع احترامنا لقائد الجيش, ولكن كي تستطيع اي مؤسسة أن تقوم بعملها كما يجب, يفترض أن تكون بعيدة من هذه الطموحات, لذلك توجّهنا هو لايجاد شخصية ليس فقط خارج الاصطفاف السياسي بل أيضا خارج هؤلاء الذين هم في مواقع مسؤولية مهمة, ويمكن لهذه المسؤولية ان تساعدهم بالوصول الى مراكز القرار, لذا يفضل الحد من صرف النفوذ في هذا الاتجاه، بل لا بد من احترام الدستور فعلاً ومنع تعديله في كل مرة .
قد نلجأ إلى تعطيل النصاب
وهل ممكن أن تلجأ قوى التغيير الى عدم حضور جلسة الانتخاب وتعطيل الاستحقاق, لفتت يعقوبيان الى انه "سبق وقلنا أكثر من مرة في السابق أن موضوع النصاب يدرس بيننا نحن النواب الثلاثة عشر, ولا يجب شيطنته, نحن نعمل في المعترك السياسي, واذا كان تعطيل النصاب سيعزّز حظوظ وصول رئيس ضمن المعايير والبرنامج الذي وضعناه, طبعًا سنلجأ إلى تعطيل النصاب, وهذا كله يتعلق بمسار المفاوضات وماذا سنفعل في هذا المجال.
وعن توقعها بحصول الفراغ الرئاسي الذي يكثر الحديث عنه, قالت, للاسف الكل مستسلم للفراغ ولأجل ذلك وخوفًا من هذا الفراغ في بلد يترهل ويتحلل, ذهبنا الى هذه المبادرة كي نتلمس كل الفرص الممكنة بهدف الوصول برئيس يتمكن أقله من إيقاف المسار الانحداري, وأضافت, خوفنا من الفراغ دفعنا إلى ذلك خصوصًا ان السوابق اثبتت لنا انه أسهل شيء لدى الطبقة السياسية الذهاب الى الفراغ.
هذا ما تفعله السلطة
وعن انعدام الرؤية الموحّدة لدى قوى التغيير حول ملفات وقضايا عديدة, وعدم انسجامهم في كتلة واحدة, لفتت إلى "اننا آتون من خلفيات مختلفة, بعض النواب تعرفوا الى بعضهم البعض ضمن تكتلنا بعد الانتخابات, ولكن وجهات نظرنا كلما جلسنا وتحاورنا ودخلنا في نقاشات مع بعضنا البعض, حققنا التقارب اكثر وليس التباعد, ولذلك كتلة ام تكتل لا يهم, نحن في النهاية نقوم بالعمل اللازم ونصوت التصويت نفسه, ونتوصل إلى توافقات كبيرة في كل المواضيع المهمة, وهذا هو الاساس, والانطباع لدى الرأي العام اننا مشتتون, هو بسبب قوى السلطة التي يوميا تحاول ان تضع نوعا من علامات الاستفهام لدى الناس تجاه قوى التغيير, وهم ينجحون للاسف باعطاء هذا الانطباع لانهم في النهاية اقوياء, ولديهم ماكينة واسعة وقادرة على الوصول الى اعداد كبيرة من الناس, فبين الانطباع وما يروجون وبين الحقيقة, هناك فرق شاسع, نحن لا نقول ليس هناك من تباينات ولكن هذه التباينات ليست بمشكلة, نحن ليس لدينا زعيم يقرر، كل منا يملك رأيه الخاص ومن الطبيعي ان نكون على هذه الصورة."
لا نيّة للإصلاح
وتطرقنا في حوارنا مع النائبة يعقوبيان الى قضايا شائكة على الساحة اللبنانية منها موضوع التفاوض مع صندوق النقد الدولي, والاصلاحات المطلوبة من لبنان بهدف مساعدته على الخروج من أزمته الاقتصادية والمالية, فرأت أن السلطة لا تريد القيام باصلاحات, هم يشترون الوقت ويضحكون على صندوق النقد وعلى اللبنانيين, لا أعلم ماذا ينتظرون, ربما هناك حلول لديهم من عوالم أخرى, ولكن الواضح أنه ليس هناك من نية إصلاحية أو رغبة باقرار القوانين الاصلاحية, فقانون السرية المصرفية تم افراغه من مضمونه, والعمل بالكابيتال كونترول كان محاولة تمرير مزيد من الافلات من العقاب أو اي تداعيات لما جرى على الصعيد المالي, لذلك وكالعادة النفس ليس نفسا اصلاحيا.
الترسيم يتعقّد
وحول موضوع ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل, رأت أن "الامور تتعقد أكثر فاكثر, وليس هناك من شك أن الحرب الروسية الأوكرانية قد خلطت الأوراق, فأوروبا كلها اليوم في حالة حرب وليس فقط اوكرانيا, ولذلك هناك تداعيات لهذه الحرب على موضوع الترسيم, إضافة الى ان اسرائيل في القريب العاجل سوف تبدأ باستخراج النفط, ونحن لا نزال في حالة تأخير لسنوات عن ذلك, وهنا يجب أن لا ننسى ان الفريق اللبناني المفاوض قد تنازل سريعا جدًا عن الخط (تسعة وعشرون) وذهب الى الخط (ثلاثة وعشرون) من دون أن يأخذ اي شيء في المقابل للبنان, واعتقد ان هذا الأمر هو جزء من المأزق, فماذا سيقولون للبنانيين, لقد تركنا اسرائيل تنقب وتستخرج ولبنان ليس له شيء, لقد تم التنازل عن ثروة لبنان مقابل مسائل شخصية ربما, أو مسائل لها علاقة باستمرارهم في السلطة, انما بالتأكيد ليس لمصلحة لبنان.
الخوف من مغامرات البعض
وفي الختام حول احتماليّة انفجار امني ممكن في ظل تشبيه البعض للوضع اللبناني بالوضع العراقي, قالت يعقوبيان, لا استطيع ان اتكهّن في الموضوع العراقي كيف ستتطور الامور, وما اذا كان لبنان ايضًا سيكون على نفس الطريق لجهة الوضع الامني, ولكن ما أخافه كثيرًا, هو أن يأخذنا أي طرف الى مغامرات, نحن كنا دائما في لبنان ندفع الاثمان عما يجري في المنطقة, ولا يزال بلدنا ساحة, لانه للأسف وبالرغم مما حصل لنا, لا يلبث اللبنانيون يقومون بانتخاب نفس المرتزقة السياسية, ومن حولونا الى ساحة, لازالوا مستمرين في السلطة, ونحن مستمرون كصندوق بريد, هذا حال لبنان, أتمنى ان يستنهض الوعي الكامل, لان أوضاع بلدنا لا تحتمل باي شكل من الأشكال, كل شيء يتحلل, فكيف إذا أضيف إلى ذلك الفلتان الأمني, عندها لن تقوم لنا قائمة بعد ذلك.