كتب فادي شهوان في جسور:
أتى وقع العشاء في السفارة السويسرية قاسياً على الرأي العام اللبناني لاسيما بعد العلم ان مؤتمراً يحضر له في جنيف تطرح في خلاله القضايا الخلافية على صعيد النظام وتعديل اتفاق الطائف.
سبق الدعوة الى العشاء الذي كان مقررا الثلاثاء في ١٨ اكتوبر، همس عن مؤتمر في جنيف يجمع الفرقاء اللبنانيين كافة.
بغض النظر اذا ألغي العشاء او أرجىء او اذا فهمت الدعوة بشكل خاطىء كما برر بعض المشاركين فإن أحداً لا ينكر عظم الازمة في البلد وان اختلفت أسبابها، فثمة من يعتبر خصوصاً بعض زعماء الطوائف بأن المشكلة هي بالنظام بحد ذاته، وليست بالمنظومة، اي الرجال الذي يديرون النظام على هواهم فيما البعض الاخر يعتبر ان المشكلة الاولى والاخيرة هي في القادة السياسيين واتباعهم في مراكز القرار اي في المنظومة .
المثالثة
لا يخفي على أحد أن المناصفة التي تكرست في اتفاق الطائف باتت مهددة بفعل التغيير الديموغرافي لاسيما ارتفاع نسبة الولادات لدى الطائفة الشيعية، ومعلوم ان موضوع المثالثة طرح في مؤتمر سان كلو الفرنسي عام ٢٠٠٧ بإدارة وزير الخارجية الفرنسية برنارد كوشنير. هذا المؤتمر احيطت مداولاته بتكتم شديد وعقد بعيدا من الاعلام لكن نقل في حينه من الكواليس كلام للمندوب الفرنسي جان كلود كوسران مفاده ان المثالثة قد تكون اطاراً لانهاء قضية سلاح حزب الله بمباركة ايرانية.
نعم حزب الله يؤكد علانية انه يؤيد اتفاق الطائف لكنه يرفض تنفيذ أهم بنوده الا وهو نزع سلاح كل الميليشيات وتسليمه الى الجيش اللبناني، اضافة الى اقرار اللامركزية وغيرها من البنود التي لم تنفذ بعد، واكثر من ذلك فانه فرض مع شريكه الشيعي عرفاً جديداً ، غير مدرج في اتفاق الطائف. لتكريس وزارة المالية الى الطائفة الشيعية للامساك بالتوقيع الثالث على كل القوانين.
نعم حزب الله لا ينفي مشروعه بتحويل لبنان الى دولة اسلامية لكنه يبرر بانه اذا لم يوافق عليه جميع اللبنانيين فلن يحقق ذلك.
اشكاليات عدة تسبب عمق الازمة ، اذ يعتبر الفريق المناهض لحزب الله ان الحزب يضرب سيادة لبنان ولا يعترف بهويته الوطنية بإستقدامه مشروعاً خارجياً هو المشروع الايراني وولاية الفقيه.
مشروع من ٦ نقاط
في ضوء الاشكالية الكبرى التي يقع بها لبنان تداعى عدد من الخبراء الدستوريين واساتذة الجامعات واطلقوا مشروعاً سياسياً مبنياً على ستة محاور اساسية :
١- محور الاصلاحات الدستورية : من اجل ضبط ممارسة السلطة في النظام السياسي اللبناني.
٢- محور الحياد
٣- محور مجلس الشيوخ
٤- محور اللامركزية الموسعة
٥-محور استكمال بناء الدولة المدنية
٦- محور اصلاحات قانون الانتخابات النيابية.
هذا المشروع ( سنغوص به في مقالة لاحقة) طرح امام مجموعات مختلفة من شخصيات مدنية وسياسية ودينية من كل الطوائف لاستمزاج آرائهم، وقد علم أن الخطوط العريضة لهذا المشروع لاقت موافقة من قبل عدد ممن اطلع عليه، فيما البعض الاخر اعتبره ناقصاً ويحتاج الى اضافات .
في اي حال فإن الازمة اللبنانية وصلت الى منحدر سحيق جداً لابد من إيجاد أسس للخلاص، وقد يكون هذا المشروع السياسي أحد المنطلقات لحوار جدي بين اللبنانيين أنفسهم تحت سقف الدستور والطائف في حال أرادوا ذلك جميعاً، والا فالخيارات واسعة امامهم … وبلا سويسرا .