المعلومات الآتية من فيينا متضاربة وغير محسومة نهائيا، فهناك معلومات تؤكد الوصول الى اتفاق حول الملف النووي الإيراني بين ايران والدول الكبرى قبل نهاية شهر شباط / فبراير الحالي، في حين ان هناك معلومات اخرى تنفي ذلك وتشير لوجود صعوبات ومعوقات تمنع ذلك، وان كان احتمال الوصول الى اتفاق اقوى من احتمال عدم الوصول هو الاقوى.
فما هي انعكاسات كلا الاحتمالين؟ واين مسؤولية العرب والايرانيين في الحالتين؟
تشير مصادر دبلوماسية دولية مطلعة الى ان احتمال الوصول الى اتفاق بين ايران والدول الكبرى حول الملف النووي هو احتمال قوي جدا، وفي حال تم الوصول الى ذلك سيدخل العالم والمنطقة مرحلة جديدة من التعاون في مختلف المجالات، وسيفتح الباب امام تسويات اخرى لملفات ساخنة في المنطقة كالملف اليمني والوضع في سوريا والعراق ولبنان.
وتوضح هذه المصادر ان هناك جهتين اساسيتين قد تعملان لعرقلة الاتفاق، اولا الكيان الصهيوني والذي يعبر عن عدم ارتياحه لهذا الاتفاق وقلقه من نتائجه، ولذلك قد يعمل لعرقلته امنيا وعسكريا ودبلوماسيا وسياسيا، وان كانت قدرته على العرقلة ليست كبيرة جدا، واما الجهة الثانية فهم الاميركيون المعارضون لسياسة الرئيس الاميركي الحالي جو بايدن، سواء كانوا جمهوريين او ديمقراطيين ومعهم اللوبي اليهودي وبعض الجهات الفاعلة في اميركا، وهم سيستغلون الاتفاق لشن هجوم كبير على الادارة الاميركية واستغلال ذلك على صعيد المعارك الاميركية الداخلية.
اما على الصعيد العربي فليس هناك معارضة كبيرة لاي اتفاق جديد حول الملف النووي الايراني، وان كان هناك قلق لدى بعض الدول العربية من ان تستفيد ايران وحلفاؤها من هذا الاتفاق الجديد لتعزيز دورهم المستقبلي في المنطقة، ولقد سارعت بعض الدول العربية للتواصل مع ايران واجراء مفاوضات معها حول افاق المرحلة المقبلة كي لا يكون الاتفاق الجديد محطة جديدة لتصعيد التوترات في المنطقة.
واما في حال عدم التوصل الى الاتفاق قبل نهاية الشهر الحالي (وهذا احتمال قليل لكن غير مستبعد) فتشير المصادر الدبلوماسية الدولية الى ان هذا الاحتمال يعني المزيد من التوترات الدولية والاقليمية وان العالم العربي سيكون احدى ساحات المواجهة، مع احتمال التصعيد الاسرائيلي ضد ايران وحزب الله وقوى المقاومة في كل الساحات.
لكن بغض النظر عن التوصل الى اتفاق جديد او عدم التوصل الى مثل هذا الاتفاق ، اين تقع مسؤولية العرب والايرانيين في المرحلة المقبلة؟
يختلف الوضع اليوم عما كنا عليه عام 2015 عند حصول الاتفاق الاول حول الملف النووي الايراني، فانذاك كانت المملكة العربية السعودية ودول عربية اخرى معارضة بقوة للاتفاق ، رغم دعوات الرئيس الاميركي الاسبق باراك اوباما ايران والسعودية للتفاهم ، وقد خاضت السعودية وحلفاؤها معركة قاسية خلال السنوات السبع الماضية ضد ايران وحلفائها ، وكانت اليمن وسوريا ولبنان احدى تلك الساحات ، ومن ثم ادى وصول دونالد ترامب الى الرئاسة الاولى في اميركا وهو المعارض للاتفاق الى الغائه وتشكيل تفاهم اميركي – اسرائيلي – عربي ضد ايران وحلفائها، لكن اليوم الصورة مختلفة فالسعودية ودول عربية اخرى بدأت مفاوضات مع ايران وبعضها برعاية ودعم من رئيس الحكومة العراقية مصطفى كاظمي، ورغم استمرار الصراع بين ايران وبعض الدول العربية فهناك امكانية للتوصل الى حلول لهذه الازمات.
وعلى ضوء كل ذلك، فان مسؤولية العرب والايرانيين اليوم، سواء حصل الاتفاق ام لم يحصل، ان يواصلوا الحوارات الثنائية والجماعية، وان يبحثوا عن مصالحهم المشتركة وان يعملوا لوقف كل الحروب والصراعات والازمات، لان هذه الحروب كانت خسارة للجميع ونحن جميعا ندفع ثمنها يوميا وقد اضعنا عشرات السنين وخسرنا مليارات الدولارات وثروات هائلة وسقط مئات الالوف من الضحايا بيننا جميعا.
فهل تكون اللحظة المقبلة لحظة الوعي الجديد باستمكال الحوارات الثنائية والمشتركة والبحث عن المصالح المشتركة بين العرب والايرانيين ومعهم الاتراك والاكراد وكل شعوب المنطقة؟ ام تستمر الصراعات والازمات وندفع جميعا ثمن هذه الصراعات دون اي طائل؟
القرار للعرب والايرانيين اولا واخيرا.