تقليديًّا، فإن الانتخابات النصفيّة لا تؤثر كثيرًا في مسار السياسة الخارجية الأمريكية لأنّ الرئيس باقٍ في البيت الأبيض. حتى لو خسر سيطرة حزبه على أحد مجلسي الشيوخ أو الاثنين معًا، فهو يبقى لديه سيف الفيتو.
وبالتالي التغيير في السياسة الخارجية التي تعتبر من حيّز الرئيس مستبعد، ولكن هذا لا يعني أننا لن نشهد أي تغيير.
وللوقوف عند أبرز المتغيّرات الدّوليّة التي قد تطرأ بعد الانتخابات الأميركيّة كان لموقع جسور عربيّة حديث مع الباحث والكاتب السياسي هشام ملحم الذي يغطي الولايات المتحدة وسياساتها في الشرق الأوسط منذ أكثر من 35 سنة. وهو زميل غير مقيم في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، وله مقالات بالإنكليزية نشرت في مواقع Politico وForeign Policy.
الصين
لقد أفاد ملحم في حديثه أنّه" في حال سيطرة الحزب الجمهوري على مجلس الشيوخ والنواب لن يكون هنالك أي تغيير ملحوظ في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الصين، لأنّه هناك شبه إجماع بين قادة الحزبين: الجمهوري والديمقراطي، حول ضرورة اتخاذ موقفًا متشدّدًا من الصين سياسيًّا وتقنيًّا واقتصاديًّا وأمنيًّا.
وبالتالي الموقف الأمريكي الراهن تجاه الصين سيبقى على ما هو عليه في عهد الرئيس بايدن.
روسيا
أمّا بالنسبة إلى روسيا التي تخوض حربًا على أوكرانيا تركت تداعيات في العالم كلّه، لا سيّما في ملفّ الطاقة، فيرى ملحم أنّ "هنالك احتمال بروز معارضة وتحفظات من قبل أقطاب الحزب الجمهوري في مجلسي الشيوخ والنواب، فيما يتعلّق بالمساعدات المالية والعسكرية التي تمدّ بها الولايات المتّحدة أوكرانيا. وهذا ما قد يؤثر بدوره في مسار الحرب إذا ما استمرت بين البلدين، كذلك في العلاقات الأمريكية - الروسية."
سوريا والعراق واليمن
في المسألة السورية يقول ملحم "لا يبدو أنّ هناك حلولاً سياسية، فالوضع سيبقى كما هو، والعراق لن يستقرّ إلا إذا تم حسم الموضوع داخل الجمهورية الإسلامية في إيران، وكذلك المسألة نفسها بالنسبة إلى لبنان واليمن. مع العلم أنّ وقف إطلاق النار في اليمن مهدّد في كل لحظة."
لبنان
بالنسبة إلى القضية اللبنانية يعتقد ملحم انّ " ما حدث في مفاوضات الترسيم البحرية هو مجرد مسألة تقنية إلى حد كبير، ولايعارضها أي فريق في الولايات المتحدة الأمريكية، إلا في حال رفضها نتنياهو." ولا يعتقد ملحم أنّ نتانياهو سيقوم بذلك " لأنّ فيها مصلحة لإسرائيل نفسها، ففي حال رفضتها هي ستعطي حتمًا عذرًا لاستمرار حزب الله فيما كان يقوم به." وهذا ما سيسمح لنتنياهو برأي ملحم "أن يصبح في موقع القوة بالنسبة إلى شعبه حيث يستطيع القول إنه أسقط حزب الله لأنّه وقع اتفاقًا مع الدولة الإسرائيلية، واعترف بها بطريقة مباشرة وغير مباشرة."
أما بالنسبة إلى حزب الله في لبنان فيفصّل ملحم وجهة نظر نتانياهو الذي برأيه يرى "أنّهم أيضا بحالتي نضال اقتصاديٍّ واجتماعيٍّ. لذلك كان سعيهم إلى اتفاق الترسيم لأنهم بأمس الحاجة إلى هذه المسألة اقتصاديًّا واجتماعيًّا حيث باتت اليوم حجّتهم في تحرير القدس حجة ساقطة لا قيمة لها." مع تاكيده انّ اتّفاق الترسيم ليس عاملاً محوريًّا في السياسة الخارجيّة للولايات المتّحدة الأميركيّة.
وانشغال نتنياهو في هذه المرحلة سيكون حول كيفية تشكيل حكومة قوية تستطيع إدارة الحياة السياسية في إسرائيل بعد التحول الذي حدث مع الدولة اللبنانية.
الشرق الأوسط
بالنسبة إلى الشرق الأوسط الذي يقسمه ملحم بين أقطاب ثلاثة: العرب والإيرانيين والإسرائيليّين، تختلف رؤية ملحم حيث قارب الملفّ مقاربة جيوبوليتيكيّة لا سيّما في موضوع الطاقة ومصادرها الجديدة في شرق المتوسّط، وجيواستراتيجيًّا في موضوع العلاقات الدوليّة مع بعض دول الشرق الأوسط.